إحالات صغيرة ومحاولات أخرى

إهداء: 

إليها، التي أراها عن بعد: لعل الأشياء تتضح الآن، لأنها كانت أقوى مني.

(كانت أنثى)

أغفر مقابل أن أعرف

ما أنتِ فيه.

ولكي أغرف من وحدتك

سأنسى..

في ضياع يا رحم، أنا، في تيه

لا شيء لي،

لا أحد هنا.

خذيني لأتعلم منك.

رأيتك في صعدتك/ صعودك/ جسدك

حيرتك الأولى؛

معرفة

وأعرف ما الذي على المرمى يقف:

جنون أفلت منه صغيرا

فبقيت أعرج.

ولكنه حين سيطبق عليك ثانية

يطبق علي أنا.

أختي كانت مثلك يا أخت،

أنثى.

بعد الغربة والرائحة، حين الرؤية، قد تربك

ومثلك صعدت جبلا..

بقيت فيه.

ضميني يا أم، مأساة

أصلا وفلسفة

تابعا يتعلم

أو خادما.. لا يهم.

أصلح:

لجمع الخشب من الطريق، ونصب الخيمات

ورد الخوف

وأصلح:

لدفع البرد بإشعال النار

وطرد الريح

وجمع الماء وبت الوحدة،

خذيني يا غريبة للطريق

أخاف عليك من غيري

ومنك عليّ.

من نفسي بعيدة عنك،

عليك،

منهم،

من الخيبات والحب

ومن الجسد، هجرتك/ حيرتك الأولى

فأختي أيضا كانت.. أنثى.

لم أفعل من أجلها شيئا، يا أخت

ولا أستطيع.

**

تركتنا وأقامت في ظلال الصوت

وشجر الصدى

وريح الراحة.

اغتسلت بالزهر والعري وورق التوت،

بعد وعيها، يا أنثى، عادت طفلة

حيث تقيم

في الظل والصدى

تنتظر الموت.

خذيني للطريق رفيقا يخاصرك، إن شئتِ

أو يسبقك،

يصغي للحكايات، إن شئت

وإن شئت يسردها لك.

يواريك في صدره على صمتٍ

بصمتٍ، إن شئت

أو يشهرك.

وإن شئت يحرسك ويرويك

أو يغفر لك،

إن شئتِ

وإن شئت يزجرك.

لكن لا تبقيني نهبا لخوف عليك، ميتا

كمحتضر يموت،

طوال الوقت

هنا

 

إحالات صغيرة

محاولات ذاتية منشورة في موقع كيكا، حوالي 2005

 

 

(الأعمى، قبل سنوات)

شقوق من كفٍّ كالرغيف،

بانتظارِ نبوءةٍ تُمسّ..

ثنيات متخوفة في الراحةْ

ولاحَقَ بالشاهدِ، والإبهام

قرأ كما أحسّ

جسَّ:

  • والبرج؟
  • برجان..

دارى بسمته في مغزىً توارى

وراء حدقة

بنظارةٍ وسواد:

- هناك اثنتان..

"نقطتان لأيِّ خطٍ؛ كي يسير،

فما الغريبُ

في فوضى من اثنتين؟"

ما فهم..

- "امرأتان؟"

"وما الغريبُ أيضاً

في امرأتين

تخط الأولى بالخبرة

حدود الثانية؟؟!"

لن يُدرك قصدُ الأعمى:

اثنتان معاً،

دائماً،

وفي آن!

 

 

(آخر الحين)

جهاراً جُنَّ وجهكِ يا ندى

عطشاً لوجوههنَّ.. صدىْ

نهراً في المقلِ المحدِقةِ على

موتِ قمرٍ رمليٍ بدا

وحيداً..

ناتئاً..

فظّا،

متناثراً..

مثلي أنا..

في الصلد الجبين -كما الشَعرِ-

شلاّلا.

هو لغز حلّ في روعي.. تكثّر

ورعاً كابن الربيعة لمّا

أتى بيتاً من الرقاب تعثّر

بوجه من عُمقيّه نزا

"فيظل يسير الأمر يتعسّر"

وله الحجيج ظلال (تتبعا)

أن يحنث أيماناً أن يتحسّر،

وله تكاثر وجوهِه عبثاً..

قسراً تجلّى في الظلال تكسّر

له أن يظل هناك فلا يمضي

ومثله

هنا

أظلُّ

أنا

**

ما كنتِ رسماً .. أو وجهاً،

ما كنتِ..

ما كنتِ صدقاً أو كذباً

ما كنتِ

بل كنتُ رسّاماً للتي

أحدسها،

لوعة أصوغها

خطوطاً على الماء.

وذاتها -اليدُ التي ترسمُ

بذيلِ التجذيفةِ-

اليدُ التي

تمحو..

ما كنتِ لي (أو للحدسِ)

إلا (إناءْ)..

ما كنتِ إلا

"ذوبَ شمعٍ في لهوِ فوضى"

لزجاجةٍ تختنقُ

فيها

سمكةٌ

تختنق

بالماءْ

ولا يدَ على شاطئ الوحلِ

يا ندى

تمتدّ وتأخذني:

لا يد –رغمي- تستطيع.

 

(طقوس)

فرحة فيها تستديرُ -كأطرِ الزجاجِ- نظّارةْ

ضحكاتٌ ترقُّ

"عدسةٌ" تكبّرها عدساتٌ تسترِّقّ

وتسرقه بمنحهِ ما يسرقه

وما كان متملّكاً

أو لصّا.

ضحكةُ طفلةٍ وخجلٌ آمنٌ

وصفوٌ نظيف:

سارا.

الكلام تأنيبٌ والسكوت كلامٌ

أمامه سارَ.

هابطاً كالشارع

يتعرّجُ الخاطرَ

والخاطرُ حرفٌ يسيرُ

كأسيرٍ

يستميلُ من الرصيفِ

خيّالاً

يعتلي صهوةَ خيالْ..

وقالت قبل أن يقول:

- أفهم عنك..

ما كان سرّاً، أو مشاعاً

ما كان

كان طقساً أشعلنَّ له

شوقهنَّ وشمَعَهُ،

ووحدها فقط ذابتْ عينهُ

التي تستقرُّ

أسفلَ الشمعدان..

**

لحافٌ ثقيلٌ..

"فاليوم".. حبتان.

عقابهُ جريمةٌ من مجلّدينِ

وصفحٌ من الطريقِ،

له يومان،

للنومِ يومينِ

ليصحو..

**

طقسهنَّ أذى لم يرده لها

فخاطبهنّ بها:

جمعُ التأنيثِ مفردةُ ربطٍ، تجرّ شوقَ وردها

بشوكهنَّ

رداً على التـقدير سرّاً ذاع دافعه،

ردّه

للبسيط الكامن منذ أزله

كشوقٍ

يخزُّ.

 

 

(دائماً)

دائماً

يعرّشُ الوجعُ على النَفَسِ..

يتسلّقْ

يكتري عرباتٍ بنتوءاتِ جبلٍ

تراطمَ

تدحرجْ.

يسبحُ في القلقِ عميقاً يسبرُ

يسبر عميقاً

كهوفاً تغرِقُ

في صدعِ الأفكارِ

صرعاتها.

جثثها حرسٌ قديمٌ أطاحَ بهِ

جديدٌ

يدحو الفكرة بفكرٍ

تمزّق.

كسدٍّ، طوفانُ الملحِ من الصحراء أتى

وكسدِّ،

صدرُه يكبت كآبةً،

وكسدٍّ لهفته،

تدسَّ الخيطَ بِسُمِّ لهفةٍ

تقيمُ ألمَ غرزةٍ على حبّه

لأخرى

كإدمان يدفعه بإدمانْ

**

الوتر توتّرٌ شدَّ من نقطتين

تواترٌ

وحرقة الإبطِ المتعرّقِ تذكارٌ

تنزُّ منه رائحةُ مكانٍ

من شعيراتِ فحولةٍ

انتزعتْ.

(مرّةً)

ويدقّ البابَ. تطلُّ. أصصٌ. ساحةٌ. ذاكرةٌ فيها، له

تبتسمُ،

الوجه وجهُ إغريقيةٍ.

"تفضّل". ذاكرةٌ فيه -لها- نداء.

(( "تفضّلي".

وانزاح لها عن البابْ.

- فقط ماء..

- تفضّلي.

لغةٌ تعرفها. تصبّه. برفقِ لحظٍ في لحظةٍ تردّه.

- تفضّلي.

تضحك فتتخطى فخّاً

تغمسُ ردّها بالعنّاب.

فتعلنُ:

- كيف أدخلُ بيتكَ وأنتَ..

أنتَ شاب؟!))

ذاهبٌ عمرُه. ساحةٌ.

وردٌ منظّمٌ

إن ذهبَ العمرُ، له الاختصارُ:

أن يُستنبت في الأصصِ

ورده!!

 

 

(مرّة أخرى)

بالودِّ تحشّدَّ لفّةَ حبٍ شائكةْ

ومسافةَ سطحٍ لطاولةٍ

مهادنة وخيّمةْ.

وتهيّأ بشوقِه الملغومِ

لاشتباكْ..

الصلية الأولى كلامْ

والثانية غزلٌ،

وعيونها ناعسةٌ للرضى

وهلةً تبرقُ.. وهلةً تنامْ

والثالثةُ -وهلةً- راحةٌ تمتدُّ

عريضةً.

لو جبن كفّها مكانه

ما اكترث..

لو تشجّعت الراحةُ

مرتاحةً مكانها

ما اكترث، لكنّها..

**

نصفُ الطريق كلامٌ

عن نصفِ آخرٍ/ أخرى.

ولو ظلّت في النصّفِ الخائفِ

ما اكترثْ.

لو عادت فقط، ما اكترثْ

لكنّها عودةٌ عن عودةٍ

فرياءْ.

وعاد له كفّها المهزوم.

كانت صريراً لأكرةِ قلبٍ

أُغلِقَ من دونها، لوعي قد "دَرَسَ"

فَدَرَسْ.

وأطلق صليته الأخيرة.

**

الطريق جنازةُ ميّتٍ

صمتُه جوابُه

- قُل..

وبكتفها البطيء تقولُ،

وبصدرها..

بالأظافر حين تشنّجت

مخالبَ أصابعْ.

بالملمحِ العصبيِ الصارخِ ملحاً

والأشجار تهزُّ رؤوسها

وسيّارةٌ تخبر الرصيف

عن السرِّ

وتقفز من حاويةٍ قطةٌ

تمطّى لسانها

فيعيد ذات الجواب.

نصف الطريق كلام

عن أنصافٍ أخرى

مشاريع

لو لم تمض يدها، لو

لو لم تعد، لو

لو..

لما اكترثْ.

 

(معركتان)

تراه قد قرَّ أخيراً على وجهٍ

فاستقرَّ،

بمضيعةٍ واحدةٍ

فرحةٍ أخرى

نصلٍ واحدٍ

فتجلس على ركبتيه،

كأنّها..

شعرُها في عينيه المختبئتين نصلٌ آخر

كتفها مذبحةٌ واثقةٌ،

أنانيتها أنثى..

كتاجرٍ -ثديها يحتكرُ كفّه المهادن- كان

خاطرها يمضي بقسوته

سيفاً يقاتل

لا لتنجو بحبٍ لها

أو فيها،

وإنما.. لـِ تقتل.

نَفَسَه تعدمه الأنفاسُ

أو الرأسُ المرتدُ إلى الخلفِ

على كتفه

يغري (لا كرأسه على كتفها تشظّى!)

أو مصيدةٌ تثق مطبقةً عليه

بما فيه

ودون مساس.

تدفعه لمضيعتين ومعركةْ

يستقبل عبثاً معركتين.

**

لماذا يصير الوجهُ الواحدُ في العتمةِ الواحدةِ

وجهين؟

والجسد اثنين؟

والسرير أسِرّة؟

لماذا الخيال رخٌ

يحلّق في وجهٍ

ويعتمُ في وجهٍ

- أو يبرقُ -

مراراً؟

لماذا خطوطُ الضوءِ في الرأسِ

عند شبهِ النشوةِ

مسافةٌ

لا تلتقي إلا لتفترق،

ولا تفترق إلا لتقتلع،

من وحدته مساحة؟

 

(نخلة..)

لا اقطع نخلة

أنبتها الله ورواها

ورمت بلحها كل ريح.

سعوف اليباس لا عجز الخواء

ما يصلح للالتقاط

والتقطيع

والتخزين.

لجدل المراوح، مساند المجالس

سلال ريفيّات.. أعشاش الوسائد،

سقوف مساجد من لبن

ومواقد نار.

حين تسقط نخلة وحدها

أو يقطعها الله

سأجد ما أفعله، حينئذِ،

بها.

 

(الميقات)

ككارهِ بحرٍ

وسِجنُه قاربٌ مثقوبٌ

سدَّ ثقوبه بيديه:

إن وجد سفينة صعد.

إن وصل برّاً ابتعد.

إن لم يجد شيئاً؛

ظلّ في القارب المثقوب.

فكّر:

ربما حان الميقاتُ

ميقاتُ الغرق..

 

(ريح)

الابتسام برقُ فُجاءٍ..

نزعةٌ، ميلٌ لطيفٌ

ورصيفٌ وشارعٌ دائمان.

هما لها، أيضاً، اثنان:

مَن تحته لها،

ومنديلٌ مَنْ فيها،

يلوحُ كبعيد.

يبثُّ فوها رسالةً

بسمةً

نسيجَ ودٍّ

مطراً

شلالاً للنفسِ المطمئنّةِ

إلى الروحِ التي فيها.

**

"لها ما عليه، و"عليه" ما عليها

وله -إن شاء- الاختصار

وما لم يكن الذي فيها،

عليها،

له؛

له المنفى طوع الوضوح"

**

لا بأسَ:

غريباً ولدتَ

غريباً، عليك السلامُ،

تموت.

**

قدّ شُقّ وجهكَ

من قُبِلٍ

فامحهُ أنتَ قبلَ أنْ

يُشقُّ

مِن

دُبرْ.

**

الصيفُ شتاءٌ يبشّر به

والعتم ضوءٌ يسبقُ

والخلاصُ كالإخلاصِ

إثمٌ

والنقيض أكيدْ.

والحزّن فيك غضبٌ

مفتوحٌ على ريحٍ

تبوحُ

بمكنونِ النفسِ..

أما آن لك أن تستريح؟

قد هممتَ بالموتِ مِن قبل

فلم تمتْ.

بقاؤك ذلٌ

لترى الهزيمةَ تراكَ

كالرغبةِ الوثنية ليست تختبئُ

أو تغيبُ.

قد تكسّرتَ مراراً..

ما الكسر إلا -هداك الله- مصلٌ

وامتناعُ الانكسارِ

أكبرُ.

والحبُ متحوّلٌ

لا صديق إلاّهُ

وليسَ بصدّيق.

 

 

(وردة جيّدة)

امرأةٌ جيّدةٌ وردةٌ لا تخز.

(أشارت عليك،

لصيغةٍ أولى، إضافةً:

جيّدةٌ وردةٌ لا تخزّ/ "إلا لتحمي ذاتها".

فأعدت المحذوف إلى السطرِ:

المرأة كالوردة تخون.

وقد سحبتْ من جرحِ قولكَ

نصالها!!)

 

(سمك)

الأولى جفنٌ أسدل ستاراً على عيّنيه،

فاستسلم في العتمِ للتصفيق.

القبلة الأولى مشهدٌ

أسودُ

يلغُ.. يتوغّلُ،

وكان يرى بالقبل.

هي آتيةٌ ببطءٍ، مشهدٌ، ووجهُ القبلةِ سمكةٌ

حجريّةٌ تقتربُ بسكونٍ

تتحرّكُ لماما.

القبلات ثقبٌ لغويٌ

بين زمنين، حين يعبره

يرى

وجهها، ووجهه

وثالثاً كبرقٍ يطلُّ

على مجهول وثابتٍ

يعرّفُ آخرَه.. المجهول.

يمسح أمكنتها بأصابع عمياء

تخطُّ الخريطةَ في خياله

بالاشتهاء الذي هو

مدارٌ

يحرّض لسانهُ

من مداراتٍ وشفاهْ.

النقلة الأولى نداءٌ بالساعدين

وفراكٌ

يسيّلُ شحماً في "شحمٍ"

بانصهاره دون الصبِّ، كان قد

تأذى..

الثانية رواية متفتّحة

دفتها بيضاء تصعد كالفخذ العاري

تنصعُ

تستكتبُ جديداً

أو سرداً لا تعرضه.

دفّتاها فراشة حين ترفُّ إنما

يحطُّ

في عمقها الفراش.

النقلة الثالثة عمّودٌ من الشعر

يباشر مغزاه باندفاعٍ

هو دفاعٌ تقفّى الرويَ

ليرتوي

بالإيقاع المكرور.

صدر فعجز

-يستوعب صدراً-

كشطرين ملتئمين

أنثى وذكر

على قرعٍ يقتلع

أو يزرع

من البحر مغزاه.

البحر ميّت

سردين من حرقته "التهب"..

قلّبه بإصبعه،

شمّ

الإصبع

فاح

العفن.

 

(تمثال)

معتدّةٌ بنفسها، ناهدةٌ،

فخورةٌ بالاسترجال

بطن القيثارة تدفع العزف مضموناً

عنق لقلق

كعنق التمثال

بين يديها.

إفريقيةٌ تصنع أخرى

تمسحُ الجسدَ المبجّلَ

تتركه يجفّ ومآله صبغةُ الليلِ

ورفّ زبونٍ أو زاويةٍ

عليها يقف.

مبجّلةٌ يا من بين يديك

مبجّلة!

مبجّلتان، على القلبِ، أختان

يداك.

**

اثنتان مجدداً: وجه وصورته

في ماءِ القلبِ وجهٌ

وتمثال دونه لونٌ

وأمنية.

**

ذكورتك يا هذهِ أنوثة،

وأنا الدليل.

  • يشبهك.
  • مَن؟
  • هذا التمثال العاري.

تحطّم الخزفُ على الرأسِ

الرأسُ على الخزفِ

لمّا تبسّم لها بكت..

رقيقٌ هذا التمثال!

ملتمعة دهشتك، كدمعتيك

كضحكة النحاس عند مسقط الضوء

وقهوة ابتسامتك.

طيّبة قيثارة يتقوّس بطنها

مثل العنق الشامخة

إلى الخارج.

**

كان بارداً صباحه

حين رحلت

كالقهوة التي لم تشربها.

**

قلبك ما احتمل واحداً من النوتةِ

السرّية المعزوفة بتواصلٍ

واحتراف

فتوقَفْ؟؟

أأردتِ من المعزوفة واحداً،

يخصّك

ولهذا رحلتِ

عند الصباح؟

أرسمك بباهتِ الذهبِ وصيّةً

من بردى هنديةٍ وقصبٍ

تحمل رمادَ الروحْ

وتودّعينني كالقارب في مجراه

يذهبُ.. يذهبُ

كتحيتك المبهمةِ المحترقةِ

في ذلك المساء.

 

(صبارة وياسمين)

أبحثُ عن وضوحٍ

في قبورٍ

نبتت وستنبتُ.

عند جذر القبر

عند المستوى

في شقٍ ربما وصلَ العظمَ

جذرُ ياسمينةٍ التوى

حين صعد.

كنّا ثلاثة تنقصينا

مجنونٌ وموشكٌ وأنتِ التي

ستوشكَ أيامك على الانتهاء

بعد حين.

رأينا معجزة الياسمين النابت

في الموت،

شممنا الولادة والاحتضار.

**

وحدي أبحث عن وضوحٍ

وقبرٍ ضائعٍ

واسمٍ

وشاهدٍ يدلّني.

**

أسدٌ تريّض على جدرانٍ أربعةٍ

قبرُكِ.

منحوتٌ من حجرِ الوردِ

اسمكُ المنحوت.

**

لمَ الصبّارة الكروية تنام كقطٍ

على رخامك الأحمر

فوق ساقيكِ الناعمتين

حيث يُفترضُ

أن أكون؟

**

السلام صنوبر

جمالُ موتٍ لا يجمّلة إلاّ السلام

رفيقُ القبور.

عليك الروحُ صبّارة وياسمين

عليك الوضوح..

 

(ندان)

منشورة على موقع أدبي في المغرب، إذا أحسنت التذكّر، نحو 2005

"لا يغفر لك كونك زهرة

ليس ذنبه أنه شوك"

(1)

- كم مقداراً من ألمي سيكفيك؟!

تمتم يستجدي ألمها

بين عينيه

قالت:

- بلا مقدار!

(2)

لو يثق فقط أن قليله

يسكر

لما تردد عن الكثير

"فما لا يسكرها صغيرٌ

فيه

لا يجدي معه كبير"

(3)

يحصد ما تزرعه:

المطلق، الحبّ، التملّك

أحذيةً للطريق!

وتحصد ما يزرعه:

الكلّ!

(4)

كان جداراً من الجن والإنس

عندما احتواها

.. كمكان.

(5)

ذكرٌ اكتشف في الأنثى

ناصيةَ ريحٍ

وجذعاً يابساً

.. كالحطب!

(6)

قشّرت تفاحتها بلؤم

وألقت بها إلى المدفأة،

حيث الملابس

تجف.

وأردفت بملل:

- غريرٌ عَرَفَ امرأة!

 

 

من حديث المأخوذ



 

(تذكير..)

كلما نسيت ذُكِّرت:

لا تترك خلفك مسألة عالقة

حتى لو انتهت.

واليد المشلولة على الصدر

تتدلى.

لا حراك لها

ولا حسيس

أيتوجّب عليها البتر؟؟

**

لم على الهوى أن يكون الحاسم

وأنا لا يحرّكني قط الهواء

أو هواي؟

أو ما هو أسوأ: المستجيب

لخارجيّ يبغضه:

وهمِ تعلّق أو (آمرٍ!)

أو تدبيرِ "خفيٍّ" بذيء!

 

(همجية)

(منشورة في موقع ديوان العرب)

آذيتني عدو الله

فلم أقرأك

إلّا،

بعد الموتِ..

موتك،

ويحق للا غنائيتك

أن تستجدي الحياة!

نشيدك إنشادٌ

فمَن ذا ينكره؟

وما وزن الشهوة

المسروقة

في الميزان؟؟

قد عدتَ كما كنتَ

ولو لوّنوها

– المعايير-

حماراً

عن كل جنبٍ

تحفّه أتان.

وسيمحونك (كلها يقظات(

من ديواننا العربي

كما محوتَ "العربية"

من الديوان

قد علوتَ في الأدبِ

زوراً

وتواريتَ باليساريةِ

صنماً

وبقيتَ خائناً مهمته..

ألا يحدد العنوان

وأن يطفو في كل مستنقعٍ

خريفيٍ منهزمٍ

أسنٍ

وعند البرّ الشعري

ثعبان

قد كرّمك التاريخ

حمداً للربِ

لا كما اشتهيتَ

حمداً للربِ

بنوبل يُوهَمون فيها..

بل جرّك السلاحُ

الصدئُ

كاستعارته جررتها

ردحاً من الزمان

وقادك لعتمةِ القبرِ

حيثُ القصرُ والمزبلةُ

– بالحرف!-

سيان!

آذيتني عدوي فرأيتُه

يومك؛

ويومُك ليومِ مَن بعدك

أخوان

وكم تمنيتُ لو كنتُ

الفاتكَ

لأعورِ الأدبِ

لا يرى المكانُ

فخاً

إنما -لعنك الله!

الزمان..

عويلك عند خريفك

امرأةٌ تتهادى،

كقلبكَ

فيه لؤلؤتان

حلمت أنّي لهما

المجذّف والقبطان..

وأبهجني حتفك وحتفه

من قبل

قد خانه مَن خانهم

يا عدويّ الله

والأوطان

رعويةٌ؟ وطنيةٌ؟؟ همجيةٌ؟؟

فلتكن،

ما أنا بشاعرٍ،

أو مطبّعٍ

إنما..

لكل جبلٍ عازلٍ

طوفان

ويبهجني الخالق كيف

أرساكما

لما هاجرتما إليه

فصيّره كذلك

سجيناً

حيث ارتضى

أن يكون السجان..

 

(فاخرج من هنا)

مرسلة للسكاكيني عبر البريد الالكتروني

-قبل أن يخرجوا من لبنان وغزة-

فاخرج من هنا

أنت ومن سقط

من ترجل وارتشى

عن الحلم بسقط

فاخرج ثانية وعاشرة

مضرجا بانكسار

ذليلة تتقدمك

يتبعك الحمار

فاخرج من رام الله

لا يقبل منك اعتذار


من حديث المأخوذ

(المأخوذ بالشيء، هو المنشغل به، المعجب، طوعا أو قسرا..)

منشغل بأشيائي الكثيرة،

نسيت حكاية صغيرة

وخبرا عابرا قديما.

أعرف حكايات غنية

يسئمني تذكرها

أعرف أخبارا تجاوزتُ

حتى ما فيها من حكمة.

تركت زمناً صغيرا في مكانه

.. الصغير.

لي أزمان أرحب وأماكن

صلوات تحلّق فوق تضاريس.

أكثر من منتظرٍ

وصاحبٍ

وتصوّرٌ ثريٌّ متين.

 

إني أعشق إنسية

جناً يتلفّع بالأسماء

يتوغّل في الاسم العاشر

بعد الألف

ويلامس شفتي بلقيس.

يمس أنف السامري

ويهبط من الافتراض

كألواح الآجر.

تتنقّل من عدن لحيفا

سرّاً

ومن لندن إلى باريس.

**

كسندريلا الغابة

وحكايات تشوّهت منذ الطفولة

من تلفازٍ أخرس

بالأبيض والأسود

تعبثين بعقل المجنون

عقلي

لأكون جنيناً لك

أبد المنطق.

**

يا ابنة أميرك غير الشرعي

هو وجعك

وبصقت عليه للمرة العشرين

بعد الألف،

من أجلك..

فامسكي الممحاة.

لن تذهب خطاياك وتفاهاته

احترق الآن كمزبلة،

وتُرِكَ خلاءً للمستنجين.

:

لا يزول خطأ دون اعتراف

ولا يزول ممحي

لكني لم أكتب بعد

سرّ الأميرة

وخطايا النرجسي الشهير.

**

رأيتك في يمام النشيد

وأسلاك الكهرباء

وعصفور يخرج من شباك النص.

رأيتك في سبطانة دبابة

واقتصار المنطق

رأيتك تتعرين تحت الخزان

بين الأخوات السبع

وتتباهين فيما بعد

-كالاستهلاكي

أو الفقير المغرّر به-

بـِ تونا وفطر وقهوة "بلاك"!

نسيت:

وملابس يتبرع بها

أصدقاء سوء في إيلياء!

تذكّرت:

ونبيذ أحمر

على طاولة (قومية) مختلطة!

**

هل كنت قدري؟

أن أهرب منك المرة تلو المرة

لأراك في كل وجه؟

من تُركيٍ على صهوة جواد

لمهرةٍ تنظر مستقيما

كالفتيات المؤدبات

لأرمنيٍ في البلدة القديمة،

ومتهوّدةٍ في عُمان

أو متصهينة في بلجيكا؟

**

وحين نلعب أحجية النسبة

على الملأ وسراً في آن

أتتبسّمين من النافذة الرقمية

كوردة صناعية؟

**

هل تلذذت بنصل السكين

وهو يبتر مرتكزاً

على حلمي الفوضوي،

آمالي كلّها؟

أم هو نسغ السوء

حين لا يبقى للسروة من قيمة

إلا فكرة تسكن

رأس المأخوذ؟

**

أردتِ ليلى

وصرت رفيقك في البرية

حين اجتمعوا أزواجاً

اثنين اثنين

-أولئك المراهقين-

من دونك

وبقيتِ وحيدة.

حدّقت في وجه الكلب طويلا

خريستو على ما أتذكر

وتساءلت كثيرا:

لماذا تعشق مراهقة كلبا

نجسا؟

**

هل كان ذلك قبل سقوطك

أم بعد تخصص الاتصال

ومونتاج العدسة

وكرة السلة مع مختاري الربّ

حين الشَعر الحداثي قصير؟

**

واشتهيت لأجلك كل فكرة

صارت تقفز مباشرة

من المخيلة

لبدني.

لم يعد لي قلب تتدرج فيه!

**

وحين ضججت من اللسعات

اتهموني بالقتل

فخفت عليك وركضت أرجو

كل بذيء في رام الله

ليحميك

لأنك صرتِ كبش الافتضاح

وأنت لا تعين.

**

يا ابنة الافتراض

إنك المتخفية كل مرّة

ولا يذهب الاسم

وإن تكرّر

ولي عذر حين لا استوعب صدمات

تأتي من أسلاك وهواء.

**

أملت بيحيى خشوعاً

-مصحف أفتحه عشواء

ليخبرني ماذا أفعل

حين يلمس الأصبع أول الآية

وأنا في تيه الكون،

وحدي-

وقبالته من أجلك

كان اسحق.

**

لو "سألت بلطف"

بصدق ونزاهة

لو خبّرتيني

عن المأساة

لكان لك الاسم والجوف

**

إني لا أصلح إلا لهذا:

"رد الريح ودفع البرد وطرد الوحشة

مع جمع الحطب في الطريق

ونصب الخيمة"

ومخالفة التافه المألوف.

**

الآن الآن

-بعد أن نسيت

وفتحت أملي للمقبل

واشتهيت كجائع الخبز

امرأةً-

ظهرتِ لتذكّرينِ؟

**

لا أتأثر

مضى توصيفك الحميم.

حين قرأته في الملحق

عرفت فيه الود.

رفعت السمّاعة

فقالوا إنك هناك.

كنت أراك في السور والرصيف والغراب والملعب والمقبرة، في السطور والجدران والحاجز والأعمدة، والغبرة والمخيم في الاجتياح والمعرض والمحكمة. كنت..

**

ما كتبتها إلا لأصدمك

تلك الكلمة.

لأجبرك على زاوية أخرى

جدية.

لأعطيك ما تحومين حوله

بشِباكٍ وتمهيد

دون أن أعطيك

أو بالأحرى،

دون أن..

وصارت حقيقتي

الكلمة

مثل ايطالي يحترف المجون

ورسائله تبيعها المفتونة

لصديقاتها، يتقرّبن

خلسةً

من المأخوذ.

**

استغفر ربي

منحني ما سألته

ذات ليلة شديدة السواد

والقمر غائب

والإيمان يبتلع إيمانا

استحيت فيها أن أسأله

سبحانه

واختار لي.

 

(تكملة من حديث المأخوذ)

-رسالة من الشبّاك الاسلامي-

عزيزتيّ البعيدتين/القريبتين (رغمَ التقنيةِ المزروعةِ في الرأسْ)،

المختفيةٌ كوالدي، بائنةٌ كبرى أحبّها، منذ عقدين) والكبرى المدلَّسة التي "اشتهيها"، منذ عقدين:

سمعتُ النقرةَ في الأذن، وسمعتُ مثلها.. كانتا متشابهتين بالصوتِ ومختلفتينِ في الموضع: طبلةِ النَفْسِ المعاقِبة. تلك -في الحقيقةِ- هي الأصل، والأخرى امتدادٌ وهميّ؛ أو هذي هي الوهمُ وتلك توازنها. اجتمعتا معاً في رواقِ مسجدٍ قديمٍ، كان كنيسة تبدلت مع الذين قتلوا: على الحصيرِ الهالةُ مدموجةٌ في جبيني،والبياضُ يرتفع حميميّاً، مريضاً مثل أختي الكبيرة التي تحتضر بـ "الشعرية".. النَحْوُ متداخلٌ والعاطفةُ كامنة. والابنُ.. الأبناءُ.. أبناءٌ، لاهونَ يتفاهمون في اللبِ(الايحائيِّ كتدليسٍ ضبابيٍ، مسروقاً من حزبٍ مضروبٍ، "ليس مخصصاً للبريد"، ورفاقٍ سقطوا): شرطَ أن تعودَ الأشياء ُإلى أصلِها،

بعدَ الاستباحةِ الشعريةِ العاشرة.

هذه أعرفُها جيداً: طفلةْ. والأخرى تشبهها في طفولةٍ، داخلها.. تفتقد العاطفيةَ لكنها محبة، صغيرةٌ؛ وتلك يحلم اغترابُها بالحب ِلكنها، على حسٍ، عاطفية. والاثنتان -رغمَ الفاجعةِ الرهيبةِ- صديقتان.. كلتاهما متساويتان في الهاوية، وتكملان مسرحاً من أكثر من مؤسَّسَّتين، يتبدلان بحسب التدليس: من الفوق يُدفَعُ الجانبُ المترفّعُ، كعادة فراشاتهم، ليفرضَ نفسه؛ وتلك تختفي لتظهرَ-على ترفعٍ- قريبة؛ وكلتاهُما، بحسبِ المطمعِ أو الفهمِ، أمٌ وأختٌ ورضيعةٌ

وغريبةٌ

وحلماً لم يكن

أو حقيقةْ.

//

يا طفلةً

بحسبِ سطورٍ لم تفُهمْ

نشرت على العلن

لم تـكُ دسيسة:

"أخاف عليكِ من نفسي

ومنكِ عليّْ

... ... ... ..."

والدميةُ السعيدةُ على التلفازِ

تجلسُ

دَهِشِةً بيضاءَ بارقةْ.

//

يا هاتين، العاشرتين أو المائتين

أو الألفين:

أنتما تشاركتما المصير،

وأنا عنكما معتزلْ.

فإن تبقوا- على بقيتهم

لا أحصد ما يحدث.

يلتفُّ العقابُ على عنقِه

على عادته

كما توارى من العجوزِ

في الأرضِ

الحُكْم.

//

أولادي لا زالوا

هم مَن تبقوا

لاهون لم يثمروا

يمضون في آليتهم

على تباعدٍ متضامنٍ

لأمهم

عني.

إن لم يعودوا،

أبلغوهم،أولئكَ

(منّي)

فسأذهب في طريقي

حيث آخرون اطلّوا

وأخرجوهم (من غزة)

وأخرى تنتظرْ.. أو أخريات.

(12/3/2022 من شقة بجوار المقاطعة في رام الله)

 

مجرد أحاديث،

                                                                                         

 

 

(حديث للنافذة)

أسألُ طوقَ النافذة كيلا تُسلَب شراعة الباب:
هل تفهمين؟
.. ..
بوحٌ من لفحٍ أصمَّ
تقلصٌ وضِيقْ
وكلّي أو بعضكِ
ألمٌ.. 
بل يباس الحريق


هل تفهمين؟؟
.. ..
السكون لا الحراك ما ابتغيه
المكوث العميق
حين تنكمش النافذة
بصلابةِ الثباتِ
ووحده في الإغماضة
وحده
الهور السحيق.

: مصلوبا في التفتّح

أول العقل أو اليقظة

والدهشة مزروعة

بحدة الصداع

ووحدكِ عرفتِ

نصف العبارة.


هل تفهمين؟

.. ..
لا الندى ولا صرير المزاليج
ولا عبور السبيل
كضيفٍ
بيسرٍ يأتي، 
أو يمضي
أو يفيق

.. ..

قلتِ:

كن أمينا لنبضك

فالهوى استواء

وكنت أعرف أن التعثّر نبضٌ

ولكنك لا تفرّقين

بين النافذة والشبّاك

هل تفهمين؟

 

(حديث الصبابة)

(1)

في الغد سأهرم أكثر.

منذ الثلاثين قفز العمر

إلى ثقب دودي.

لا أزال كما أنا،

فتى

عرفته طرق الخيبة

فهرم بسرعة.

**

أولادي كبروا الآن.

كانوا براعم ود

وصاروا

خشبا في حبات اللوز الأصفر

إلا الأصغر.

لا يزال يحتاج إلي قليلا.

مشغول بطفولته

وأزيده

كيلا يصبح مثلي حنيناً

باستمرار.

**

ماذا سيحدث إن دهمتني نوبة

أو ذبحة في الصدر،

مَن استغنى عنه الجمع

أو لم يكترثوا به

لكنه أيضاً تحرر؟!

ماذا أفعل بالضجر واللهاث الذي تسلل

إلى الشوق كما المشية؟

ستفهمين في المستقبل

حين تتخلى عنك روحك

بعد مصّ النسغ

من العمر والأمومة.

**

ستميل لبارئها الأصغر حتما

ابنتك

تلك الطفلة.

لا لشيء، سوى أنها

صدفة لوز لا بد أن تنمو

في انعكاس الجنس

والقلق الناقص

كأولادي الثلاثة

الذين وجدوا أنفسهم.

**

ستقوم القيامة أمام وثن جاهل لا يعرف العدل

وستتلقين الإدانة.

وقت طويل سيمر في ثقب دودي

وتظلين كما أنت

امرأة من دون فتى

أو كتفٍ

أو روح.

ستعرفين العوز

والتجاعيد

وتغشاك أنواع النوبات.

دنيا بغيضة مكروهة، ستفتقدين لها

لأن السيء شقيق أصغر

للأسوأ

الذي سيأتي.

(2)

لم اصدّق قط أن الرجل بهيم.

قبل "الجهل"

كنت مثالياً مأخوذا بالأوهام

يسكنني التوق وبحثٌ عن آخذ.

كنت أرفض ما أرادني

لأنني أريد كالمعاند

أن أختار.

مهلا: حين تتقشّر بالكامل الحكمة

أو الموجود

كالبصلة

طبقة بعد الأخرى

ستكتشفين المتبقي.

ستفهمين أكثر من نصف العبارة:

الوحشة. الاغتراب. الهشاشة.

لا أحد يمسّك ولا

ساعة يد تلمسينها

عند الحاجة.

والحقيقة في تبلد الجليد.

ستلهثين خلف معنى أو فضول

للوصول

أو إثارة

تنفخ بالون الروح.

**

لم أصدّق أن الرجل بهيم

حتى بلغت الأربعين

أنا الرضيع الفتى

كهل لا يكبر.

كنت أشتاق بعقلي وما أرى.

تدحرج السيء والتقط في الطريق

الأسوأ:

لا أريكة مريحة

تحت تينة في الخلاء

أو زنزانة للنوم.

لا رفيق.

لا عملَ يدٍ أو لقمة.

لا مشجب للملابس،

أو كهف تلجأ النوبة فيه

من الآخرين.

لا ثمن كتاب أحبه

بعد القفز من الثقب الدودي.

لا حقيقة في الإثارة.

لا ابن يسدل جفنيّ

حين أقلق أو أموت.

ولا امرأة تبهرني

أو تنهرني قلقا.

لا شيء على الإطلاق.

جثة تشبه الجثث التي تكلمتِ عنها

آلات تتحرك وأجساد.

مهلا:

لا رشاقة للجائع أيضاً

الذي يعيش على خبز الكارهين!

لا جرأة على مواعدة امرأة عادية.

**

صرت بهيما في الأربعين وما بعده.

الفهم وحده يكفيني

من امرأة

لاعترف بالصبابة.

(3)

لم اطمع بك سيدتي

أو أكذب

أو اخدع.

كنت أعيش أو أحاول.

لا تنغرّي، لست سهلا

غريرا للأنوثة

تستعرض أمام ذكور

لدفع النقص!

أعرف الحيل كلها

والتكتيكات

واكذب من دون حرف

ولا انسحب عند الحاجة

كما تعتقدين

بل أكثر.

ولكني.. أفهم.

**

أحب الوضوء عند الصلاة

في مسجد ليس كنيسة.

هناك،

لا أحد يلتفت لملابسي

ويقيس إيماني

أو الحال المتوقع.

ولا متراجع عن انبهاره

طامعا يسأل عن المهنة

ثم يتكبر!

ولا أحد يدهش.

أصغي للمواعظ بانتباه،

وأعرف نقص خطيبها.

ويمكنني

بعد الفريضة والذكر والمشعر

تدوين الخاطر أو الفكرة،

وأن أهجد فيك

دون أن أندم.

 

 

(حديث النهر)

ضجّت صفحة النهر منّي

أعماقها لا سمك فيها

يصلح للاصطياد.

وأدلّي من أملي

أنا الماكث عند أقدام الجبل

وحافة النهر

خيطاً تعلّق بغصنٍ

تعرّى.

قلت للسمك الصغير

يحوم بكل ثقة

حول تمساح تأهّب:

صبري صبر أب

وشوقي من وحشة رجل ترمّل.

أمّا حقد أسلحتي،

فمشحوذ بقلب مطلّقة.

 

(حديث للمرأة في الأربعين)

لم ارتطم بك

عفواً

أيتها الشهية في الأربعين

وأنا أحمل بيدي الرغيف

خارجا من طابور

الملجأ.

كنت احتاج إلى قصيدة

اغمس لقمتي فيها.

 

(حديث العتمة)

خبزٌ وبُن وحصانٌ قوي

شتلاتٌ من التبغ

وأوراقُ كتب

وغريبٌ تجلبه النيران

من الرمال

حيث أحل.

فجراً اطوي المسافات

قبل أن ترتفع الشمس

وأقرأ عند الظهر صفحتين

في الظل.

مع الأصيل اجمع شغفي

وعشبا للحصان

والحطب.

مساءً أجانب رفاقي:

_ الذي ينام واقفا.

_ وشعلةَ البراري المتمايلة التي

ستلسع من الدفء

والبرد.

_ ذئباً قرصه الجوع يعوي

على قرب.

_ ريحا يزداد وجعها

يوما بعد يوم

إذا لم تمطر.

_ أفقا لم يطمره سواد الغيوم

بعد.

**

خبزٌ، وبُنٌ، وحصانٌ، وتبغٌ

ونيران،

وأوراقُ كتب.

 

كحديث فكرةـ،

... ...

 

(الشوكة الفكرة)


الفكرةُ ناعمة ومستديرة.
ضغطةُ رقةٍ من أنملة الشاهد
تحرن كثور خيال
وتدور.


زفيرٌ عريض مبثوث.
شهيق الدقة بارد كالنعناع،
لسعة سوس،
تلتقطها سراّ
أسنانٌ تعض على الشفة.


عصارةُ تركيز في المخ
لون كيمياء ومدار فولت.
أنفاسٌ تتسارع..

يكرّ تداعي الخيط.
سلسلة عتيقة في الحقل.
تنتشر الفكرة مرتعشة،
كأعصاب الضغط العالي 
ترعد،
برقاً في الشبكية،
تلك الشوكة الفكرة.


يتبعها الخاطر عرقا يتخمّر.
تسرَّبَ شلال من سدّ
هو لمجرى توربين أقرب.

نهرٌ مصنوع يتدفق 
نحو البحر.
رويدا رويدا..
... ...
العقل هضبة يصعدها التفكير ببطء
وينفرج الحلّ رويدا 
وببطء أيضاً.

 

(الفكرة المخمل)


أنملةٌ ناقمةٌ أخرى تتململ
كخلاصة تعقيد.
ولا شوكَ لِعناء المتعة

يتبسّط.
درهمُ مخملٌ في عصف الجرح.
فروةُ حيوان أعمى،
وترقبٌ باتساع المد.


الخاطرُ رشفةٌ ساخنةٌ
منظومةٌ
من عدة أفكار ومشاعر.


لم تنهض من غيبوبتها
بعد
قلقلة المخمل.

من اللاوعي الأسمر لصفار الشمس
فكرةٌ حسّيةٌ تتجرّد.
نتيجةُ وضوحٍ تصرخ
من عمق الحدّة.
هذا الصوت تفكيرٌ معلن
لا يستغرق وقتاً ليتوضّح
لأن الحسّ كالحدس
وعي سابق.

ترتطم الأفكارُ بحرس الكهف
بخشونةِ درهم
محميٍ خلف المعلن.
ولا طريقَ لتجريدٍ أو تعقيدٍ
بل مثال عملي ملموس
كركلة جنين.

 

(خلاصة)


الشوكة، المخمل، تمرين الحيّز.
العقل عضلاتُ وعاء.
المتأخرُ لا يُبلَع.
القديمُ لا يزول.


غربالٌ صغيرٌ يسمح بالحاضر،
ويمنع..

 

في الفيء

وجهتي الأخيرة

 

(عن بعد أراك)

 

(1)

عن بعد أراك

:

رفيفَ رايةٍ

وساريةً لم ترمها الريح

عن جبل

أو تنخدع.

كمداوية بالآيِ والشاش

وتردّ أيضاً الظمأ.

:

تحمل طفل غيرها

على ذراعٍ

ابناً لم تلده

-أو ولدته-

في فيء مسجدٍ صغيرٍ

تدمّر.

:

حرّة تفرّ.. محرّمٍ عليها..

تعرفه..

دون حوار.

تنسلّ معرفتها كوجهٍ

غزالٌ يستشعر الزلزال

يلتفتُ

خلسةً بالخطأ.

يلمحه عارفٌ أقل

ملاحق

يغذُّ الخطو

نحو من لا يعرفها

:

مهلا..

ما من ذعرٍ أو موبِقٍ

لا يكون

فقد عرف الجاهل

أكثر مما ينبغي

أو بعضه..

اُمٌا لم تكن،

حين كانت،

:

.. عن نضوج طفلة.

**

يستفتح بمصحف ويرى

ما لا ينبغي أن

يُرى

كهاجسٍ عن نبوءة

تستمر إلى

رجوع الشمس.

(2)

عن بعدٍ أراك

لاهيةً بخرق الحداثة

فوق التراب

تضع (المسيح) على الذراع

يحيى

لأنها

ليست مريم بالاسم..

تتفتح لرزقٍ يقبّلها..

غاضـاً -يتجنبها- بالبصر..

زوجا..

وأباً..

وابنا تسمّى بالذي

ليس يحيا.

(3)

عن أوراقٍ من "وَرَقْةَ"

خؤولة خديجة

كشفت شعرها

فاختفى الحاضِرُ

إلا الحاضرَ

ناموس الأنبياء

حين تبتّل الشَعرُ.

عن ورقةٍ خضراء في الخبرة

بياضٍ شديدٍ

يلتهم السواد

والألوان.

 

(وحدي)

مذ عدت وحدي

أدرت تفاصيل الازدحام

بعتلةٍ

وزاوية نظر لا تتشوّش.

لا يربك ظهري ثقل

يميل في الفقرات على عرج..

التوازن على الآخر

لا مناص منه، كعرج آخر

من أجل الثبات

أو التعقل

أو الحراك.

**

لا وقت في تافه ليضيع

لا تأثير للسلب.

احتمل أي شيء،

أتماسك.

اثبّت المؤشر طوال الوقت

على هدفه

قمره الهِجريّ الطالع

أصبر، أتدرّب، أتعلم

أؤجر.

لا أعرف ما التردد

ما القلق

ما الوجع أو التراجع

أو الجوع

لا أعرف حتى الخطر!

ولا التافهات وصاليات الجباه وعداوة الحضن واغتياب السعاة وانشغالات فارغين..

 

الفهرس

إهداء

توضيح

   

كانت أنثى

   
 

إحالات صغيرة

 

الأعمى قبل سنوات

آخر الحين

طقوس

دائماً

مرة

مرة أخرى

معركتان

نخلة

الميقات

ريح

وردة جيدة

سمك

تمثال

صبّارة وياسيمن

ندّان

   

 

من حديث المأخوذ

 

تذكير

همجية

فاخرج من هنا

من حديث المأخوذ

تكملة من حديث المأخوذ

   
 

مجرد أحاديث

 

حديث للنافذة

حديث الصبابة

حديث النهر

حديث للمرأة في الأربعين

حديث العتمة

   
 

كحديث فكرة

 

الشوكة الفكرة

الفكرة المخمل

خلاصة

   
 

في   الفيء

 

عن بعد أراك

وحدي

   

 

ماجد عاطف  

كاتب

فلسطيني من مواليد 1972.

يقيم في رام الله.

صدر له:

_ "هوامش"، مجموعة قصصية، وزارة الثقافة، فلسطين، 1999.

_ "الطفو"، مجموعة قصصية، دار الآداب، بيروت، 2002.

_ "متون"، مجموعة قصصية، دار الآداب، بيروت، 2003.

_ "أقدار الآخرين"، مجموعة قصصية، دار ميم للنشر، الجزائر، 2007

_ "أضغاث"، مجموعة قصصية، الهيئة العامة للكتاب، فلسطين، 2008

_ "اشتباك"، رواية، الألوكة، المملكة العربية السعودية، 2015 (نشر الكتروني)

_ "أنساق أخرى"، مجموعة قصصية، الهيئة العامة المصرية، مصر، 2020.

وسوم: العدد 1004