رَجَا

محيي الدين الشارني

محيي الدين الشارني - تونس

[email protected]

( وَإنْ كنتِ يَا دُنيَا تعلمِي

  ... لجَمَعْتِ إليْهَا كلَّ أضلعِي

  ... فقدْ بَانتْ فِي رئَتيَّ كوَابيسُ الدُّ نى

  ... حَتى صِرْتُ أمْشِي مِنْ فرْطِهَا بي

 ) ... أتحَسَّسُ الشمْسَ فأرَانِي فِي مَوْقِع أضلعِي

*   *   *

قولِي ... يَا دِينِي ...

           قدْ جُنَّ الفتى ...

قولِي ... يَا وَيْلتِي ...

           قدْ جُنَّ الفتى ...

          أيْنَ ...

              وَمُنذ مَتى ...

رَأيْته يُدَوِّنُ الهُوَيْنا ... بخفق طيُوبِ قلبي أنا ...

وَرَأيْتهُ بحَلقِهِ أتى ...

            ... وَبحَلقِي كبَا ...  

                          وَسَبَى ...

كلَّ هُمُوم وَأحْلافِ الصِّبَا ...

قولِي ... يَا وَيْلتِي ...

             أيْنَ وَمَتى ...

قامَ ... وَجَثا ...

           هَذا الفتى ...

وَمِنْ عُمْق غرْو المَرَايَا أتى ...  

وَأسْتلطفَ ... وَرَثا ...

وَكلَّ أقفاص رُوحِهِ عَنى ...

          بكلِّ أسَالِيبِ العَنا ...

فقولِي ... يَا وَيْلتِي ...

        أيْنَ ... وَمَتي ...

سَيَمُوتُ هَذا الفتى ...

فِي بَحْر عَيْنيْكِ ...

أمْ فِي دَيَاجير الأسَى ... ؟!؟

فِي مُقلةِ وَجْنتيْكِ ...

أمْ فِي كابُوس ٍ مِنهُ رَسَا ... ؟!؟

قولِي ... يَا وَيْلتِي ...

                     أيْنَ وَمتى ...

سَيَجُوع ُإليْكِ هَذا الفتى ...

وَكلُّ أسْرَابِ الغِيَابِ

تتمَطط ُ فِيَّ الآنَ هُنا ...

تتمَدَّدُ بي إليْكِ مَعَ كثِير

مِنْ أحْدَاق حَبَق زَرير زُنار المُنى ...

قولِي ... أيْنَ وَمَتى ...

يَا وَيْلتِي ...

          قدْ جُنَّ الفتى ...

( قولِي ... مُنذ مَتى ...

               هَذا الفتى ...

تحَققَ برَوْحِهِ سَيْلُ عِنابِ الشتا ... )

إني مَتى رَأيْتهُ بي أتى

                    فِيَّ غفا ... !؟!

قلتُ .... حِينَ رَأيْتهَا

تكدَّسَتْ أحْلامُ الفيَافِي بخدِّي ...

وَحَدَّ ثنِي عَنهَا حَتى شَعْرُ وَجْهِ القفا ...

قلتُ ... حِينَ رَأيْتهَا صَعدَ البُرتقالُ

إلى كلِّ مَكامِنِي ...

وَبخاطِر نوْرَس السُّنونو تدَللَ ... وَهَفا ...

أنا... حِينَ رَأيْتهَا عَطشَ البَحْرُ ...

وَقالَ الوَردُ ... هَا قدْ جَاءنِي عَسَلُ شَهْدِِ الشِّفا ... 

وَعَنبَرُ الرِّيح ... تمَركزَ بشُمُولِيَّةِ الأقحُوَان ِ...

صَارَ بوَقعِي ... كصَعْق ريش الجَفا ...

ونسْغُ نصْل الحُرُوفِ تلعْثمَ

ثمَّ بَعْدَهَا تغَندَرَ بدِيَار لمْحِهَا ... وَصَفا ...

وَالشِّعْرُ فتحَ لِي بَابَهُ ...

وَقالَ كفى ...

        يَا أنتَ ... كفى ...

فإني مَا عُدْتُ أفقهُ حَتى مَنْ أكونُ أنا ...

أنا عَفوْتُ عَنكَ يَا أنا ...

وَكلُّ القلبِ بكلِّ قوَافِيهِ عَنكَ عَفا ...

فإنْ متَّ مِنْ أجْل شَفِيفِ قلبٍ

فقدْ حَلمْتَ ...

وَكلُّ رَفِّ حِسٍّ فِيكَ نمَى ...

وَإنْ متَّ مِنْ أجْل حَرير ضَوءٍ

فقدْ سَمَوْتَ ...

   وَإنبَهَرَتْ بكَ كلُّ حَسَاسِين السَّمَا ...

وَمَا كانَ غيْرَ هَذا ...

أوَ رَأيْتَ غيْرَ هَذا عَندَلِيبًا أبَدًا فِي عُمْرهِ

بمِشْكاةِ قلبهِ قدْ سَمَا ... 

فبأيِّ حُرُور شَمْس سَأ ُدَاويكِ

يَا كلَّ تِيجَان الوَفا ...

وَبأيِّ أزْرَار قلبٍ سَآتِي إليْكِ

وَبي حَرُّ وَدق مِنْ زَاجل قحْط ٍ

إنْ أنا أسْرَرْتُ بهِ إليْكِ رَفرَفَ بخفوقِي

وَزَادَ فتغلغلَ بي ... وَرَفا ...

( قلتُ ... يَا أنتَ........هَا ...

رُدَّنِي إلى قلبِ سَيْرهَا ...

رُدَّنِي إلى حَال دَيْرهَا ...

فإنَّ بي شُمُوسًا كالعِيس ِ...

لا تمْطِرُ إلاّ فِي بَال خيْرهَا ...

فرُدَّنِي إليَّ ...

              يَا دَيْرَهَا ...

قالَ الشِّعْرُ ...

رُدَّ نِي يَا أنتهَا ...

إلى بَابِ طيْر دَيْرهَا ...

قالَ الشِّعْرُ ... يَا أنتهَا ...

جَدِّفْ بَعِيدًا فِي شَرَايين إسْفلتٍ مَضَى ...

وَتلظ َّ بأزيز فوْضَى مِنْ غطاريف ولِظى ...

فقدْ بَاحَتْ كلُّ البَوَادِي بندَى الأ ُرْجُوَان

حَتى بتُّ أنا ظِلا ّ مِنْ خِلال خلخال طيْرهَا ... ) 

فيَا أنتِ ...

قولِي ... أيْنَ وَمَتى ...

( يَا وَيْلتِي ... )

قولِي ... أيْنَ وَمَتى ...

سَيُولدُ ... أوْ

سَيُسَافِرُ إليْكِ مِني هَذا الفتى ...

وَأنتِ بَيْنَ جَنبَيْهِ 

لحْظة مِنْ سَنا ...

أوْ غدَيْقة مِنْ هَنا ...

أوْ حَفلة مِني أنا ...

آهِ ... يَا أنا ...

كمْ شَربْتُ مَا تيَسَّرَ لكِ مِنْ دُجَى ...

وَكمْ حَدَّ قتْ بي حُلوقُ التبَاهِي

تريدُ أنْ تخاصِمَنِي فِيكِ ... يَا أنا ...

حَتى إذا إغتاظ الكوْنُ مِني ...

وَهَجَانِي أوْهَجَاكِ أوْ كلّ أحْرَاش

أضْغاثِ دِمَانا هَجَا ...

حَلمْتُ ...

وَجَاءَ الوَقتُ وَأخلفَ هَوْسَهُ بي إليْكِ وَ سَجَا ...

سَطوْتُ عَلى قلبي فِيهِ ...

وَقلتُ إنَّ فِيهِ الخافِقة

                     البَاسِقة 

                     الآسِرَة 

                     التغريدة

                     القصِيدة ... رَجَا ...

فقولِي ... أيْنَ ...

وَإلى مَتى ...

سَتبْقى فِيكِ كلّ أكمَام الرَّجَا ...

تحَيِّرُ أقوَاسَ البَحْر ...

وَأقبَاسِي أنا ... بحَدِّ تصَامِيم الجَفا ...  

وَهَذا رمْشُ هَوَاكِ فِيَّ يَصِيحُ ...

يَقولُ ... يَا أنتَ ...

يَا كحْلَ الرَّجَاءِ ... فِي يَاسَمِين عُنفوَان وَمَاءٍ شَجَا ...

لا نجَوْتُ

إنْ أنتَ

وَهَذا الشَّاعِرُ الذِي يُدلِيكَ بكَ مِنكَ إليْكَ ... فِيكَ ... 

                         مِني ... نجَا ...