الهجرة النبوية
عبد الباقي عبد الباقي / سوريا-دير عطية
[email protected]
الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة هي المنعطف الرئيس في مسيرة الدعوة الإسلامية وأهم حدث في تاريخها.
غيّرت مجرى التاريخ، وعدلت موازين القوى، وبدَّلت المفاهيم الاجتماعية، وكانت فيصلاً بين العهدين السري والعلني، وقد ترتّب عليها مبادئ ونتائج كثيرة من أهمها:
إعلان علنية الدعوة الإسلامية وعالميتها.
إعلان الجهاد والشهادة في سبيل هذه الدعوة.
اعتبار تاريخها بدءاً للتاريخ الإسلامي.
كتب عنها المؤرخون، وألف عنها العلماء والكتاب، ونظم فيها الشعراء القصائد والمعلقات، وقد رأيت أن أدلي بينهم بدلوي فنظمت قصيدة بعنوان (من وحي يثرب).
وقد كانت أول قصيدة دينية أنظمها، وهي طويلة تقع في 110 أبيات تحكي قصة الهجرة وأحداثها وأهميتها التاريخية في سيرة الإسلام.
ولأن النبي عليه السلام نهى عن إطلاق اسم يثرب على المدينة المنورة واستبدل به اسم طيبة فقد عّدلت عنوان القصيدة ليصبح ( من وحي طيبة).
ونظراً لطول القصيدة، وخشية الملل على القارئ، فقد قسمتها إلى ثلاث قصائد تحت العناوين التالية:
الحسناء : وهي المقدمة وتبحث في الجهاد والشهادة والتمهيد للهجرة.
من مكة إلى المدينة: وتحكي قصة الهجرة وأحداثها.
عهد الأنصار: وفيها أهداف الهجرة والبيعة عليها.
مِن وَحْيِ طيبة
في ثلاث قصائد (الحسناء - من مكة إلى المدينة – عهد الأنصار)
الحسناء
خَطَـــرَتْ تَمِيـــــسُ بِقَدِّهَـــــا الحَســــــْنَاء
وَتَتِيــــــهُ فَخْــــراً خَطْبُهَــــــا الجَـــــوْزَاءُ
بِيــــــضُ اللآلِــــــيءِ لَوْنُـــــهَا بِصَفَائِــــهِ
وَخُدُودُوهَـــــــا تُفَّاحَــــــــــــةٌ حَمْـــــــراءُ
سَــــــــــيْفُ الحَواجِــــــبِ صَارِمٌ وَمُسـَلَّطٌ
يَسْــــــبِي النُّهـــــــى، وَعُيُونُـــــها حَوْرَاءُ
وَشــــــــَبَابُها عُمُــــــرُ الرَّبِيـــــعِ وَزَهْـرُهُ
وَعَلــــــى الشِّـــــــــفَاهِ بَشَاشَـــــةٌ وَحَيَــاءُ
بِجَمَالِـــــــــهَا، بِدَلالِـــــــهَا، بزُهُوّهَــــــــا
خَطَــــــــرَتْ تَمِيـــــــسُ الكَاعِــبُ الهَيْفَاءُ
فَرَنَــــــــتْ إِلــيَّ بِنَظْــــــــرَةٍ فَتَهدهـَـــــدت
مِنِّــــي القُـــــــــوَى فَكَأَنَّنِـــــي أَشْـــــــلاَءُ
***
فَدَنَــــــوتُ أَطْلُــــــــبُ وُدَّهَـــا وَوِصَالَــهَا
فَشِــــــفَاءُ قَلْبـــــــــي قُبْلَــــــــــةٌ وَهَنــــَاءُ
فَتَنَهّـــــَدَتْ، وَتَأَوَّهَـــــــتْ، وَتَجَانَفــــــــَتْ
وَعَلــــــــى المُحَيَّـــــــــا بَسْـــــــمَةٌ وَحَيَاءُ
قالَــــــــــتْ بِصَـــــــوْتٍ خَافِـــتٍ مُتَلَهّـِف
إِنّــــي المِليحَــــــــةُ وَاسْــــــمِيَ الحَسْــنَاءُ
مَنْ يَخْطُـــــبِ الحَسْــــنَاءَ يَبْـــذُلْ دُونَــــهَا
أَغْلـــــَى المُهُـــــــورِ، فَإِنَّـــــهَا عَلْيَـــــــاءُ
إِنَّ الحِســــــَانَ، كَمَــــا عَلِمْـــتَ، مُهُورُهَا
بَــــــذْلُ النُّفــــــوسِ وَمُهْجَــــــةٌ وَدِمَـــــاءُ
مَهْـــــــرِي الشَّـــــــهَادَةُ في سَــــبِيلِ إِلهِنَا
وَشُـــــــــمُوعُ عُرْسِـــــــي أَنْجُــمٌ وَسَــمَاءُ
وَالجَنَّــــــــة الفِـــــــرْدَوسُ بَيْــتُ زَوَاجِنـَا
تَعْلُــــو رُبَاهَــــــــا رَوْضَـــــةٌ خَضْــــــراءُ
جَنَّــــــــــاتُ عَــــــدْنٍ تَحْتَــــهَا أَنْهَارُهَــــا
فِيهَـــــا الشَّــــــذَى وَحَدَائِـــــــــقٌ غَنَّــــاءُ
وَالـــرَّوْحُ وَالرَّيْحَــــانُ عِطــــرُ نَســــِيمِهَا
وَأرِيجُـــــــهَا مِسْــــــــكٌ شَــــــذَاهُ شِـــفَاءُ
فيهَـــــــا الفَوَاكِـــــــــهُ غَضَّـــــةٌ قَدْ ذُلِّلِـتْ
لَحْــــــــمُ الطُّيُـــــــورِ طَعَامُنَـــــا وَغِــذَاءُ
وَشَـــــرَابُنَا عَسَــــــــلٌ شَـــــــهِيٌّ، كُوبُــهُ
مِــــــــــنْ فِضَّــــــــةٍ، بِصَفَائِــــــــهِ لألآءُ
إسْــــــــتَبْرَقُ الدِّيبَـــــــاجِ ثَـــــوْبُ زِفَافِنَـا
وَمِــــــــنَ الحَرِيــــــرِ عَبَـــــــــاءَةٌ وَرِدَاءُ
وَحِلِــــــيُّ ثَغْــــــرِي لُــؤْلُـــؤٌ مُتَوَهِّـــــــجٌ
ذَهَــــبُ الأسَـــــــــاوِرِ لَوْنُــــــهُ وَضَّـــــــاءُ
فُـــــــرُشُ المَحَبَّـــــــةِ سُــنْدُسٌ مَوْضُونَــةٌ
وَمِــــــنَ الأَرَائِـــــكِ رَفْـــــرَفٌ خَضْــــــرَاءُ
عَسَـــــــلُ الـــــــزَّوَاجِ شُـــهُورُهُ لا تَنْتَهي
فدوامُــــــــها مَــــــــا دَامَـــــــــــتِ الآلاءُ
هــــــذِي حَيَاتــــــــي، هـــــذِهِ نُعْمَاؤُهَــــا
إِنِّــــــــي أَنَـــــــا الحُورِيَّــــــــة العَـــذْرَاءُ
إِنْ رُمْـــــــــتَ وُدِّي فَالجِهَــــــادُ سَـــــبِيلُهُ
أَمَّــــــا الوِصَـــــــالُ مَكانُـــــــهُ العَلْيَــــاءُ
***
فَأَجَبْتُـــهَا، وَالفَخْـــــرُ يَمْــــلأُ أَضْلُعِــــــي
إِنّـــــــــي المُتَيَّــــــمُ فِيـــــــكِ يَا حَســــْنَاءُ
أَنَـــا عَاشِـــــــقٌ، أَنَـــا وَالِـــــهٌ، أَنَا هَائِـــم
أَنْـــــــتِ الحَبِيبَـــــــةُ، أَنْـــــتِ يَا حَــوْرَاءُ
فَلَقَــــدْ أَتَيْتُــــــــكِ مُسْـــــــرِعاً فَتَزَيَّنِـــــي
وَانْضَــــيْ ثِيَــــابَ العُــــرسِ يَا عَــــذْرَاءُ
أللهُ رَبِّــــــي، وَالجِهَـــــــــادُ شَـــــــرِيعَتي
مَهْــــرُ الصَّــــدَاقِ دِمَائِــــــي الحَمْـــــراءُ
دُقِّــــــــي وَغَنِّـــــــي يَا مَلائِــكُ وَاضْرِبي
دُفَّ الزِّفَــــــافِ فَيَوْمُـــــــــهُ وَضَّـــــــــاءُ
وَاســــــْقِي خُمُـــــــــورَ العِـزِّ حَفْلَ زِفَافِنَا
فَشُــــــــهُودُ عُرسِــــي إِخْوَتـــي الشُّــهَدَاءُ
***
إِنَّ الجِهَـــــــادَ عَقِيـــــــــدَةٌ في دِينِـــــــــنَا
نَيْـــــــــلُ الشَّــــــــــهَادَةِ غَايَــــــةٌ وَدُعَـاءُ
وَالجَنَّــــــــــةُ الفِـــــــــرْدَوْسُ فــي آمَالِنَــا
لُـــــــــبُّ الرَّجَــــــــاءِ وَدَعْــــــوَةٌ وَنِــدَاءُ
وَنَبِيُّــــــنَا المُخْتَــــــــــارُ طـــهَ المُصْطَفَى
خَيْــــــرُ الأَنَـــــــــامِ، وَدِينُــــــهُ المِعْطَـاءُ
فَاَنَــــــا عَلَـــــى الإِسْــــلامِ قَامَتْ فِطْـرَتِي
حُــــــــبُّ الرَّسُــــــــــولِ أصَالَّـــــةٌ وَنَقَاءُ
من مكة إلى المدينة
أَنَــا عِنْــدَ ذِكْـــرِكَ يَا نَبِيِّـــــــــيَ أَنْتَشِــــي
طَرَبــــــاً فهَــــذي الهِجْــــرةُ الغَــــــــرَّاءُ
هَــــزَّتْ مَشَــــاعِرَ عِزَّتِـــــي وَفَخَارَهَــــا
فَرَحـــــاً، فجَـــــاشَ شُـــــعُورُهَا الغَنَّــــاءُ
يَتْـــــــــلُو القَوَافِــــــي فِي سُـطُورِ قَصِيدَةٍ
أَبْيَاتُـــــــهَا مَـــــــدْحٌ لَكُـــــــــمْ وَثَنَـــــــاءُ
أَهْلِـــــــي وَعِرْضِـــــي، إِخْوَتِـي وَأَحبَّتِـي
رُوحِــــــي وَمَالِـــــــي، لِلنَّبِـــــــيِّ فِــــدَاءُ
فَالهِجْـــــــرَةُ الغــــــــرَّاءُ فِي تَارِيخِنَـــــــا
فَيْـــــــضُ الإِلـــــهِ، وَفَضْلُـــــها طُغَـــرَاءُ
هِـــــــيَ فَيْصَــــــلٌ لِلْحَـــــقِّ عَنْ أَغْيَــارِهِ
هِــــــيَ ثَـــــــــوْرَةٌ وَحَضَـــــارَةٌ وَبِنَــــاءُ
هِـــــــيَ سُــــــــنَّةٌ لِلأَنْبِيَـــــــاءِ وَشِــــيمَةٌ
تَــــــزْدَانُ فِيـــــهَا الحِكْمَــــــــةُ العَلْيَـــــاءُ
فَالأَنْبِيَـــــــــاءُ جَمِيعُهُــــــــمْ قَدْ هَاجَـــرُوا
طُوبَــــــــى لَهُــــــــــمْ فجميعهــــمْ غُربَاءُ
***
إِنَّ الإلــــــــهَ إِذَا قَضَــــــى بِمَشِــــــــــيئَةٍ
أَمْــــــــراً، فَــــــــإنَّ قَضَــــــــاءَهُ إِجْــرَاءُ
فَلَقَــــــــدْ تَمَــــــــادَى القَـــوْمُ في طُغْيَانِهِمْ
كَلَمُــــــوا النَّبِـــــــيَّ، وَسَــــــبَّهُ السُّــفَهَاءُ
شَــــــتْمٌ وَضَــــــرْبٌ بِالحِجَــــــارَةِ تَـــارَةً
إِلقَــــــاءُ فَـــــــــرْثٍ تَــــــــارَةً وَهِجَـــــاءُ
هَــــــــذِي قُرَيـــــــشٌ، هَـــــذِهِ كُبَرَاؤُهَـــا
هَـــــــاهُــــــمْ عُتَــــــاةُ الكُفْـــرِ وَالرُّؤَسَاءُ
نَقَمُــــــوا مِـــــنَ الإِسْـــــــلاَمِ عِـــزَّةَ دِينِه
قَتْـــــــلُ النَّبِــــيِّ شِـــــــــعَارُهُمْ وَلِـــــوَاءُ
حَتَّـــــــى إِذَا بَلــــــغَ الزُّبَـــــى طُوفَانُـــهَا
جَـــــــاءَ النَّذِيـــــــرُ وَطَـــــــارَتِ العَنْقَـاءُ
فَقَضَــــــى الإلـــــهُ بَــــأَنْ يُهَاجِــرَ أَحْمَــدٌ
فَبِغَــــــــارِ ثَــــــــــوْرٍ حِكْمَـــــــةٌ وَلِقَـــاءُ
إِذْ يَمْكُــــــــــرُونَ، وَيمْكُـــــــرُ اللهُ بِهِـــــمْ
لَكِـــــــنَّ مَكْـــــــرَ اللهِ فِيــــــــهِ قَضَــــــاءُ
أَعْشَــــى الإِلــــــهُ فُؤَادَهُــــــمْ وَعُقُولَهُـــمْ
أَسَــــــهَى القُلـــــــوبَ، فَعَيْنُهُـــــمْ عَمْيَـاءُ
مِـــــنْ بَيْنِهِـــــمْ، مِنْ خَلْفِهِـــمْ، مِنْ دُونِهِمْ
سَــــــدٌّ، فَـــــــذِي آذَانُهُــــــــــمْ صَمَّـــــاءُ
***
طَلَـــــــعَ الصَّبَـــــــاحُ وَأشْـــرَقَتْ أَنْـوَارُهُ
هَـــــــذا عَلِـــــــــــيٌّ دُونَـــــــــــهُ وَفِــدَاءُ
أَيْــــــنَ النَّبِـــيْ? هَلْ غَاصَتْ الأَرضُ بِهِ؟
أَمْ هَــــلْ طَوَتُــــهُ السُّــــحْبُ وَالجَــوْزَاءُ؟
وَقَفُــــــوا أَمَـــــامَ الغَــــارِ يَسْــأَلُ بَعْضُهُمْ
مَــاذَا نَـــرى؟ مَـــــا هـــــذِهِ الأَشْـــــيَاءُ؟.
هـــــــذِي خيُـــــوطُ العَنْكَبُــوتِ تَشَـــابَكَتْ
فَـــــــوْقَ المَدَاخِـــــلِ نُسْـــــــجُها وَبِنَـــاءُ
لَوْ كَــــــانَ فِيــــــهِ مُحَمَّـــــــدٌ لَتَقَطَّعَــــتْ
نُسُـــــــجُ البُيُـــــوتِ وَطَـــــارَتْ الوَرْقَـاءُ
فَبَكَــــــــى أَبُو بَكْـــــــرٍ وَأوْجَــسَ خِيفَـــةً
أَنْ تَرْنُــــــــو تَحْــــــتَ الأَرْجُـــلِ الأعْداءُ
قَالَ النَّبِــــــــــيُّ مَطَمْئِنــــــــاً لِصَدِيقِــــــهِ
الله خَيْـــــــــــرٌ حَافِظــــــــاً، وَوِقَـــــــــاءُ
***
وَتَجَلَّــــــتِ الأَخْــــــلاَقُ فـــي دَعَوَاتِــــــهِ
مِــــــلءُ الدُّعَـــــــــاءِ تَضَـــــرُّعٌ وَرَجَـاءُ
أَشْـــــــكُو لِرَبّـــــــــي ذِلَّتِــــــي وَإِهَانَتِــي
حَسْــــــــــــبِي اسْـــتِجابَةُ دَعْوَتي وَرِضَاءُ
إِغْفِــــــــرْ لِقَوْمِــــــــي ظُلْمَهُـــمْ وَعِنَادَهُمْ
وَاعْطِـــــــــفْ عَلَيْهِـــــــمْ إنَّهُــــمْ جُهَــلاَءُ
عَطْـــــــفٌ وَلُطْــــــفٌ فِي مُقَابِـــلِ ظُلْمِهِمْ
حُـــــــبٌّ وَلِيــــــــنٌ، رَحْمَـــــةٌ وَسَــــخَاءُ
هـــــــــــذِي خِصَــــــالُ الأَنْبِيَــاءِ وَحُبُّهُــمْ
هـــــــذِي شَــــــــــمَائِلُ أَحْمَــــدَ السَّـمْحَاءُ
***
طَارَتْ عُقُـــــولُ القَـــــــوْمِ فـــــي أَعْقَابِـهِ
جَـــــــــــدُّوا السُّــــــرَى تَعْلُوهُــم الغَلْـوَاءُ
وَهَبُـــــــوا مِئَــــاتِ النُّـــوقِ مَنْ يَأْتــي بِه
حَيّــــــاً وَميْتــــــــاً، وَالعَطَـــــــاءُ سَــخَاءُ
فَتَسَـــــــابَقَ الفُرْسَــــــانُ في طَلــَبِ الغِنَى
وَتَعَالَـــــــــتِ الأَصْـــــــــوَاتُ والأنْبَــــاءُ
وَنَضَـــــــــى سُـــــــــرَاقَةُ سَـــيْفَهُ مُتَعَجِّلاً
نَيْـــــــــلُ العَطَــــــاءِ حِــــــدَاؤُهُ وَغِنَــــاءُ
إِعْجَــــــــازُ رَبِّـــــــكَ صَــــــدَّهُ وَأذَلَّــــــه
فَطَــــــــوَتْ قَوَائِــــــمَ خَيْلِـــــهِ الصَّحْـرَاءُ
فَاسْـــــــــتَنْجَدَ المُخْتَـــــارَ، يَرْجُــو عَفْـوَهُ
طَلَـــــــبُ النَّجَـــــــاة مَرَامُــــــهُ وَدُعَـــاءُ
فالْعَفْــــــــــوُ مِــــــــنْ شِــــيَمِ الكِرَامِ وإنهُ
قَبَـــــــــسُ النُّبُـــــــــوَةِ، نــــــوُرُهُ وَضَّـاءُ
وَتَجَلَّـــــتِ الأَسْــــــــــرَارُ.. حَيْــثُ أَجَابَـهُ
أَبشِـــــــرْ سُـــــــــرَاقَةُ سُــــــؤْدُدٌ وَبَهَـــاءُ
كِسْــــــــرَى.. يُزَيِـــــنُّ مِعْصَمَيْكَ سِـوَارُهُ
إِكْلِيــــــلُ رَأْسِـــــــــكَ تَاجُــــــهُ الَّــــلأْلاء
نَعَـــــــمُ، ابْـــــنُ هُرْمُــــزَ، تَاجُهُ وَسِوَارُهُ
فَغَــــــــداً تُـــــــــدَكُّ حُصُونُـــــهُ العَلْيَـــاءُ
وَتُــــــــدَقُّ أَعْنَــــــاقُ الطُّغَــــــــاةِ، يَدُقُّـهَا
أَهْــــلُ الوَفَـــــــا، فُرْسَــــــــانُنَا العُظَمَــاءُ
وَيَسُــــــودُ دِيــــــنُ الله فَــــــوْقَ رُبُوعِــهِ
وَعَلَــــــى الرُّبـــــا رَايَاتُنَـــــا الخَضْـــرَاءُ
وَيَـــــــزُولُ مُــــلْكُ الــــرُّومِ مِنْ أَمْصَارنَا
إِنَّ الشَّـــــــــــآمَ بِلاَدُنَـــــــــا الغَـــــــــرَّاءُ
وَتُعُـــــــــــمُّ أَصْــــــــوَاتُ الهُدَى برِحَابِها
الله أكْبَـــــــــــرُ، دَعْــــــــــوَةٌ وَدُعَـــــــاءُ
***
جَــــــــاءَ المَدِينَــــــــةَ أَحمَــدٌ خَيْرُ الوَرَى
فَازْدَانَـــــــــــتِ الأَكْــــــــــــــوَانُ وَالآلآءُ
إِنَّ المَلاَئِـــــــــكَ فــــــــي ذرَا عَلْيَائِـــــهَا
فَرِحَــــــــــتْ وَأَشْـــــــرَقَ نُورُهَـا الَّلأْلاء
وَالحُـــــــورُ فِي الفِـرْدَوْسِ أَسْعَدَهَا الهُدَى
فَسَـــــــــمَتْ عَلَيْـــــــهَا بَهْجَـــــةٌ وَهَنَـــاءُ
والأَرضُ فـــــــي وِدْيَانِــــــهَا وَجِبَالِــــــهَا
مَاسَــــــتْ، وَمَـــــاسَ السَّــهْلُ وَالصَّحْرَاءُ
وَالطّيْــــــرُ غَـــــرَّدَ، وَالرِّيَــــاضُ تَمَايَلَتْ
طَرَبـــــــاً، فَجَــــــــــاشَ شُــعُورُهَا الغَنَّاءُ
يَـــــــرْوِي عَلَــــــى الأَجْيَـالِ قِصَّةَ هِجْرَةٍ
عَــــــمَّ الوُجُـــــودَ سَنَـــــــاؤُهَا الوَضَّـــاءُ
***
بُشْـــــــرَاكِ طيبــــــةُ فَارْقُصِـــي وَتَهَلَّلِـي
فَرَحـــــاً، فهـــــــــذِي الكَائِنَــــــاتُ ضِيَاءُ
تَخْتَــــالُ فَخْــــــــراً شَــــــدْوُهَا وَنَشــِيدُهَا
جَـــــــاءَ النَّبِــــــــيُّ، فَـزَغْـــرَدَ الأَبْنَـــــاءُ
أهْــــــلاً وَسَـــــــــهْلاً بِالرَّسُــــولِ مُحَمّــَدٍ
جِئْــــــــــتَ المَدِينَــــــــةَ فَالسَّــــمَاءُ بَهَـاءُ
سَـــــــطَعَتْ عَلَـــــى أَصْقَاعِنَــا وَرُبُوعِنـَا
شَـــــــمْسُ النَّبِــــــيِّ، وَزَالــــــتِ الظَّلْمَاءُ
فالشُّـــــــــكْرُ مِنَّـــــــا وَاجِـــــبٌ مَا رُتِّلَتْ
آيُ الكِتَــــــــاب ِوَسُــــــــــورَةُ وَدُعَــــــاءُ
يَا أَيّـــــــــُهَا المَبْعُـــــــوثُ فِــــــي أَقْوَامِنَا
أَنْــــــتَ الحَبِيــــــــبُ وَدِينُـــــكَ المِعْطَــاءُ
سَـــــــــيَظَلُّ نُـــــــورُكَ سَــــاطِعاً بِدِيَـارِنَا
حَتَّـــــــــــى تَقُــــــــومَ السَّــــــاعَةُ العَلْيَاءُ
ج- عهد الأنصار
يَــا أَهْــــلَ طيبــــةَ مِــنْ قَبِيـــلَةِ خَـــزْرَجٍ
يَـــــــــا آلَ أَوْسٍ، عَنْكُــــــــــمْ النُّقَبَــــــاءُ
الله يَشْـــــــــــهَدُ وَالرَّسُــــــــــولُ بِأَنَّكُــــمْ
أَهْـــــــلُ الوّفَـــــــا وَالسَّــــــادَةُ الشُّــرَفَاءُ
فَلَقَــــــــدْ صَدَقْتُــــــــمْ عَهْدَ كَـــــمْ لمُحَمَّـدٍ
فــي البَيْعَتَيْــــــــنِ فَعَهْــــــدُهُ وَضّــــــــاءُ
لاَ تُشْـــــــــــرِكُوا بالله شَــــــــيْئاً مُطْلَقـــاً
جَـــــــــلَّ الإِلـــــــــهُ فَمَالَـــــــــهُ نُظَــرَاءُ
لا تَقْتُلُـــــــــوا، لا تَسْـــــرِقُوا، لا تُسْرفُوا
إِنَّ الفُجُــــــــــورَ جَرِيَمـــــــــةٌ نَكْــــــرَاءُ
لا تَفتَــــــــرُوا، لا تَعْتَــــــــدُوا، لا تَكْذِبُـوا
صِـــــــــدْقُ العُهُــــــــودِ شِــعَارُكُمْ وَوَفَاء
شَـــــرْطٌ عَلَيْكُـــــــمْ أَنْ يُصَـــــانَ مُحَمَّــدٌ
مِمَّـــــــــا يُصَـــــــــانُ الأَهْــــــلُ وَالأبْنَاءُ
هَـــــــــذِي شَـــــــــرَائِطُ عَهْـــدِه وَبُنُودُهَا
فِيـــــــــــهَا المَكَـــــــارِمُ غَايَـــــةٌ وَرَجَـاءُ
قَـــــدْ سَــــــــــطَّرَ التَّارِيــــــخُ أَنَّ وَفَاءَكُمْ
فـــــــــي عَهْدِكُــــــمْ لِمْ يَسْـــــــتَبِقْهُ وَفَاءُ
فَـــــــروىَ الزَّمَــــــانُ قَصِيــدَةً عُنْوَانُــهَا
(مِـــــــنْ وَحْـــــــيِ طيبـــةَ كَانَتْ العَلْيَاءُ)
***
عُــذراً أبَـــا الزَّهْــــرَاءِ إِنَّ قَصِيدَتــــــــي
دُونَ المَقَـــــــــامِ، وَإِنَّكُــــــــمْ سُــــمَحَاءُ
هِـــــــيَ دُونَ قَــــدْرِكَ رِفْعَـــــةً يَا سَـيِّدِي
هِــــيَ فـــــي الدُّنَـــــــى، وَمَكَانُـكَ العَلْيَاءُ
فَلَقَــــدْ هَجَــــرْتُ الشِّـــعْرَ في زَمنِ الصِّبَا
فَعَصَـــتْ عَلَــــــيَّ الجُمْلَــــــةُ العَصْمَـــاءُ
حَسْــــــــــبِي بِأَنّـــــــكَ قَائِـــدِي وَمُشَفَّعِي
حَسْــــــــبُ البّرِيَّــــــةِ فَضْــــلُكَ الوَضَّــاءُ
مِنِّـــــــي السَّــــــلاَمُ عَلَيْـــكَ مَاهَبَّ الصَّبَا
فَــــــوْقَ الرِّيَـــــــاضِ وَنَــــاحَتِ الوَرْقَـاءُ
سَــــأَظَلُّ أُنْشِـــــــــدُ مَا حَيِيــــــتُ مُفَاخِراً
عِيـــــــدِي وَمَجْــــــدِي الهِجْــــرَةُ الغَـرَّاءُ