ولن أنسى الوداع
ولن أنسى الوداع
سليم عبد القادر
حيدر الغدير
انتقل إلى رحمة الله تعالى فجر يوم الاثنين 24/7/1434 هـ، الموافق 3/6/2013م، في المستشفى العسكري في الرياض، الأخ الصفي الوفي الألمعي والشاعر المبدع، الذي كان شاعر الأطفال الأول في العالم العربي غير مدافَع "سليم عبد القادر" عليه رحمة الله، بعد معاناة شاقة مع داء عضال قابله بصبر جميل، وإيمان أجمل.
في إحدى زياراتي له، كان الألم قد خف عنه، وكان في أحسن أحواله نضارة وبشاشة، وعقلاً يقظاً، وذاكرة حية، وفصاحة آسرة، ولطفاً بالزوار، ينشد الشعر، ويقلب الحديث، ويتابع أخبار المسلمين وهمومهم، ويقدم رأيه ناصحاً، ومحذراً، ومبشراً ومقوماً، ومقترحاً، في غيرة محمودة، وحصافة راجحة، ونظر نافذ. لقد بهرتني هذه الزيارة جداً، كما بهرتني سجاياه الرائعة من قبل. وقد حاولت أن أصور ذلك في هذه القصيدة. وأقسم إني لم أبالغ قط!.
وجدتك حين زرتك يا سليم
له أنياب مفترس حقود
إذا هدأت كلوم عاتيات
وقد قنط الطبيب ومات فيه
رضياً فيك إيمان وصبر
تقول هي الحياة لمن براها
ولي أمل بجنته عريض
* * *
هششتَ إليَّ في ود وبشر
تعانقنا وأنشدنا القوافي
ونفسك -وهي بالأرزاء- جذلى
وتلقى الداء في صبر جميل
وقولك ما عرفنا واستطبنا
وصوتك بالذي نرجو جهير
وهمُّ المسلمين لديك همٌّ
تبشر تارة وتخاف أخرى
لأنك معدن غال نفيس
وتلك سجية الأحرار تبقى
وأقسم لم أبالغ أو أزخرف
* * *
هموم الناس مثل الناس هذي
عقيم أمرها مرٌّ جناها
وأخرى للعظام هي المعالي
يسدد أمْتَها فتكون بشرى
ألا تبَّت هموم تافهات
وقد جلت همومك حين كانت
* * *
بلغت من القوافي منتهاها
وكان في نضارتها عقوداً
وشعرك في الطفولة عبقري
وللإسلام أشهد كان سيفاً
وأمضى ما يكون إذا تمادت
هنا يغدو عواصف من شواظٍ
فناجٍ عاثرٌ يعدو ويكبو
وإن البغي مهما صال يوماً
وأما "القادمون"(1) وأنت منهم
فإن ظفروا فإن الله رامٍ
وإلا فالشهادة ما تمنوا
* * *
ولن أنسى الوداع وأنت نضر
ولا عجب فنحن لقاء طبع
أخوتنا الربيع الطلق لما
وعتَّقها حفاظ أريحي
وحب الشعر في جد وهزل
* * *
أخا الود المصفى لا تلمني
فإن الشعر تدريه حرون
وقد تأتي قوافيه عجافاً
ويسلس تارة فيكون غيثاً
وقد يهديك مبتدراً عروساً
وإن الشعر مثل الناس هذا
فسامحني إذا ما كَلَّ شعري
وسيم أنت أشعاراً وطبعاً
* * *
غدا ألقاك فاقبلني نزيلاًوداؤك فيك طاغية غشوم
وثأر لا ينام ولا ينيم
بجسمك أقبلت تترى كلوم
رجاء فهو محزون كظيم
وأنت بما تعانيه عليم
ونحن ضيوفه وهو الرحيم
ومنذ وعيت في خلدي مقيم
* * *
كعهدي مذ عرفتك يا سليم
وطافت بالرؤى منا الحلوم
وعقلك –وهو في الجلّى- عظيم
كما يلقى النديمَ أخٌ نديم
فصاحته هي الدر اليتيم
ولكن بالذي نخشى كتوم
نبيل لا يزول ولا يريم
وتنسى أنك الواهي السقيم
وفضلك عن محاسنه نموم
مضاءً كل ما فيه وسيم
فإن الصدق توأمي القديم
* * *
صغائر أهلها فيهن هيم
وأغلى ما تجود به هشيم
وأهلوها لها الكفء الحكيم
وفيها السعد جمّاً والنعيم
وعزت في جلالتها هموم
كريمات تخيرها كريم
* * *
فكانت في يديك كما تروم
تضيء وطيِّبٌ منها الشميم
عليٌّ جل مبناه تميم
صؤولاً لا يُضام ولا يَضيم
عليه في تعسفها الخصوم
تحيط بهم وهم رخم وبوم
وآخر من جراح لا يقوم
وطال فإن مرعاه وخيم
فهم أُسْدٌ يلذ لها الهجوم
له في النصر أقضية حُتوم
وللشهداء رضوان يدوم
* * *
وتبسم مثلما رقَّ النسيم
سوي زانه صدق حميم
كساه الطل حسناً والفُغوم
يشيد به الأصادق والخصوم
وقبل أولئك الدين القويم
* * *
إذا يرثيك من شعري المليم
وقد يقسو كما يقسو الغريم
ومعناها ومبناها سقيم
يجيئك وهو هتان عميم
تشاهدها فتحسدها النجوم
حميد جاره الأدنى ذميم
فأنت البر والسمح الحليم
وأخلاقاً بواهر يا سليم
* * *
جوارك إنه أزف القدوم