رد على استغاثة وردتني من مخيم الزعتري

محمد نادر فرج

ميرلاند - أمريكا

[email protected]

رد على استغاثة وردتني من مخيم الزعتري تقول فيها الأخت أنها: آخر استغاثة

سأقولُها

وقد فقدتُ كلَّ بارق يطوفُ أو أملْ

لم يبقَ إلا أنتُمُ يا معشرَ اليَهودْ

لم يبقَ إلا أنتُمُ، أو نَنْشُدُ الغربانَ والقُرودْ

من قال أني أقصد اليهود

في استغاثتي

من قال أني أنشد القرود

لكنني أردت أن أحرك الضمير

ضمير أمة

أصابها الرقود

أو ننشدُ الذئابَ في الفلاة

كي يُنجدوا إخواننا وأهلَنا في الشامْ

لم يبقَ إلا النَّارُ كيْ تُنجدَنا منْ هذِهِ الرَّمضاءْ

فالعربُ مات فيهم الضَّميرُ والحَياءَ

وقد تلاشتْ نخوةُ القَعقاعِ والبَراءْ

باعوا سُيوفَ سادةِ الرِّجالْ

باعوا المُصمِّمَ البتّارَ والصَّمصامَةْ

وحطَّموا أسنانَ ذي الفَقارْ

فلا أميرُ المؤمنينَ يَحفظَ العُهودَ

أو يَثورُ كي يَزودَ عن حياضِهِ

أو أن يَفُكَّ القَيدَ والقَهرَ عن الرَّعيةْ

ولم يعدْ يَحمي مَقامَ قائدٍ هَصورْ

يَصفَحُ عن جُنديِّهِ المِقدامَ في زلَّتِهِ

(لا يعرفُ الهَجينَ إلا مثلهُ هجينْ)

فَيُنفِذُ المُصمِّمَ البتارَ من بعيدْ

ويجعلُ الغاوي يعودُ للهُدى،

ويُبصرُ الطَّريقَ من جَديدْ

رُحماكَ يا اللهُ .... قد ماتَ أميرُ المؤمنينْ

ماتَ عُمَرْ

وماتَ ذلكَ الفَتى المغوارُ صاحبُ اللواءْ

مات عليٌّ فارسُ الهَيجا على جوادِهِ،

وضاعَ ذو الفَقارْ

ماتَتْ مِنَ النِّساءِ مَنْ كانَتْ تَقومُ في ما

لا يُطيقُهُ أَشِّدَةُ الرِّجالْ

ماتَتْ نُسُيبَةُ بنتُ كَعبِ العامريَّةْ

وهذه فاطمةٌ وهندُ، هذي خولة

وهذه الخَنساء

قدْ ضُيِّعوا ... فلم يعدْ للمُسلمينَ همَّةٌ،

وماتَ في نُفوسِنا الإباءْ

ماتتْ بنا عَزائمُ الرجالِ، وانطوتْ

دوافعُ الإيمانِ والحَميَّةْ

وماتَتْ الشَّمائلُ الأبيَّةْ

ضَيَّعها من يزعُمون أنها المَناقبُ السَّنيَّةْ

في أنفُسِ الرِّجالْ

فلم يعدْ هناكَ مَنْ

حين يُقالُ: (مَنْ فتىً) يَهُبُّ.؟

أن تثورُ في عروقِهِ الدِّماءْ

ماتَ الفَتى في عَنترَةْ

وماتَ طَرفَةٌ، وماتَ مالكٌ،

ولم يعدْ هناكَ من أمثلةٍ في العَزمِ والإباءْ

باتوا هُراءً كلُّهمْ هُراءْ

من يدَّعونَ أنهم عرب

وأنهم من نَسلَ ذيكُمُ الرِّجالْ

باتوا محالا ًكلُّهم مُحالْ

يا أختُ

مَنْ بالله يا أختاهْ، من تُناشدين

عروبَةً حَمقاءَ، أمْ لا دينْ؟

عروبةً حَمقاءَ في مَتاهةٍ

وقد أضاعتْ رَسمَها مَخالبُ السِّنينْ

هناكَ في الصَّحراءِ

هناكَ حيثُ يُدْفَنُ الإباء.

أمْ عزةَ الإسلامِ في نفوسِ مَنْ قدْ جَسَّدوا الوَهْنَ

فهُمْ في السَّيلِ كالغُثاءْ

تبّاَ لكلِّ ذيكُم، وكلِّ هؤلاءْ

تبّاً لهُمْ فكلُّهُمْ هُراءْ

تبّاً لمَنْ همْ فوقَ تلكُمُ العُروشُ

أُسدٌ على شُعوبهِمْ، وكلُّهُمْ وحوشْ

لكنَّهُمْ حقيقَةً في واقعِ الأمورْ

كالجُرْزِ في العَراءْ

لا يملكونَ أمرَهُمْ

ولا قرارَ عندَهُمْ

وليس ما مِنْ شأنِهِمْ سوى بأنْ يُمارسوا البِغاءْ

سُحقاً لهُمْ

فكلُّهُمْ عبيدُ أو إماءْ

لا يَبتَغونَ غيرَ أنْ يُحافظوا على جُحورهِمْ

فلا يَدوسُها الطُّوفانُ

أو تَطولُها مطارقُ البِناءْ

كأنَّما- واللهِ- تَدعينَ الذِّئابَ الجائِعَةْ

فهذهِ الفَرائسُ السَّمينَةْ

صَيْدٌ لهذِهِ الثَّعالبُ الخَبيثَةْ

قدْ يُصبحُ النِّمرُ إذا أرهَقَهُ وكَلَّ مِخلَبَيهِ عارضُ الزَّمانْ

قدْ يَغتَدي فَريسَةً لأَحْقَرِ الهَوامْ

لا تَحزَني أختاهُ يا أختاهُ في مَلاجئ أعدَّها

مَنْ يَدَّعونَ أنَّهُمْ إخوانَنا

جَهَّزَها جيرانُنا

كأنَّها السُّجونُ تحتَ وَطأةِ الطُّغيانِ والفُجورْ

كأنَّها مَلاجئُ الأَيتامِ، أو كأنَّها القُبورُ

يَحرُسُها الفُسّاقُ والبُغاةُ واللِّئامْ

في الزَّعتري، وعندَ وادي خالدٍ، وفي مَشارفِ العِراقْ

أو ما تحتَ سَطوَةِ الشَّبيحةِ الطُّغاةْ في الشَّآم

لا تَحزني أختاهُ أو تَبْتَئسي

فهذِهِ أقدارُنا

وهذِهِ أعمارُنا

تَهونُ دونَ عِرضِنا

نَعيشُ في رُبوعِنا أَعِزَّةً، ونَحطِمُ الطُّغاةَ أو نَموتْ

هذا هو القَرارُ، ذا قَرارُنا وليسَ مِنْ خيار

هذا هو القَرار يا أبطالُ

يا أحرارُ

يا مَعاشِرَ الثُّوارْ

سوريةٌ تعيشُ

عاشَتْ حُرَّةً أو أنَّنا جَميعَنا نَموتْ