في بلاط السيف
16آذار2013
حيدر الغدير
حيدر الغدير
خيل إلي أنني في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب، فأخذت بما فيه من جلال وجمال وأعلام، لكن الأمير رحب بي وشجعني على القول فقلت. ومن العجيب أنني جرؤت على الإنشاد، وفي الحضور الشاعران الكبيران أبو فراس والمتنبي.
فيك القوافي كالربيع وشقائق النعمان فيك قلادة لك من ذويك كتائب ميمونة فإذا الخطوب دهتك جاؤوا عصبة وكأنها الآساد في أجماتها هم رهن أمرك يا علي(1) فإن تشر يتطاول التاريخ إعجاباً بهم جِنٌّ إذا ركبوا، فإن جاء الدجى * * * وأتى إلي من الأمير مسارع ودنا إليّ وقال لي في فرحة المجد فيه والشجاعة والندى ودخلته فإذا المعالي جمة والجود فيها حاتمي وجهه وكأنها من عزها أسطورة وإذا علي مجده من كسبه سلطانه سيف صؤول ظافر وأبو فراس منشد شعراً له والعبقري(2) وشعره فوق الذرا * * * فوجمت لما أدركتني خيفة لكنما وجه الأمير وكفه بهما استعدت -وقد فرحت- شجاعتي حييت سيف الحرب والأدب الذي أمجاده مثل الكرام مكارم ما شانها ظلم لأن رجالها ومضيت أنشد قد عرتني بهجة وهتفت يا سيف البطولة والندى يا أيها السيف الذي أكبرته ومضاؤه وبلاؤه وفداؤه في مهجتي مثل الحريق لأمتي فصباحها صمت الذليل وعجزه أترى لهم عوْداً لما كانوا له كانوا ولن أنبيك عن أخبارهم أم أنه تعس عليهم دائم ماذا أحدث يا علي فإنني لكأنهم موتى ولستُ مبالغاً أما البيوت فإنهن مدائن * * * فأجاب كلا إنهم من أمة سيكون منهم ألف زحف ظافر وكذاك نصر الأكرمين مبرأ أدراعه أخلاقه، وخصاله إن الفوارس إن يهونوا مرة غدهم سيأتي مثل منبلج السنا إني أراه كما أراك لواؤه وأنا أراهن كل قالٍ مرجفٍ أن الغد المرجو آتٍ مسرعاً النصر فيه خالدي سيفه * * * قسماً سأجعل من بلاطي خيمة في مهرجان سعده من مجده يتسابق الشعراء في أبهائه كل يقول: عجيبةٌ أمداؤه وكأنها للنصر راوٍ محتفٍ وعساك تلقي يومذاك قصيدة فأعدها عصماء إن الملتقى فإذا سبقت فإن شعرك سيد سعدت به نجد وأعلت قدره هل أنت تقدر؟ قلت: أرجو والمنى وعسى تواتيني المنى بقصيدة يشقى بها قالٍ، ويخسأ حاسدٌ | حسانُوكأنهن الدر والسعد عرشك والعلا تيجان كل له في المكرمات مكان فيها مضاء عاصف وإران وكأنها الأسياف والمرّان أو, لا, فهم في الساحة العقبان وتفاخر الأقوام والأوطان سلماً فهم في الخلوة الرهبان * * * والوجه فيه البشر والريحان أجب الأمير فداره إيوان والشعر والأبطال والضيفان وكأنها من حسنها بستان ورواقه للمعتفين خوان فوق الخيال يخاف منها الجان والشاهد الأفراس والفرسان والحلم وهو إهابه سلطان وعليه سمت الملك والريعان يزجي مدائحه وهن جمان * * * وكأنما قد مات فيّ لسان وهما – وجلّ الصمت – منه بيان فإذا قريضي صادح مرنان عزت به وتطاولت حمدان وفتوحه مثل الحسان حسان كانوا البطولة، والأصول هِجان وفصاحة وكأنني سَحْبان يا من عنت لبنانه الشجعان إذ راعني عقل له وجَنان وجذاه وهي السبق والإيمان فلقد عرتها فرقة وهوان ومساؤها الإذعان والخِذلان والدهر أيام لها دوران إذ أنت تدري والدنا ما كانوا قد أشربوه فهم له أقنان راء عجائبهم وبي الأحزان فانظر إليهم يأتك البرهان أما الثياب فإنها أكفان * * * أبداً تعود وتشهد الأزمان للنصر فيه صولة وأمان يحميه قبل الأسيف الإحسان صون العهود، وخلقه القرآن فالعود منهم للغلاب ضمان وذووه فيه السادة الغران يعلو فيصبح دونه كيوان والدهر قاض والورى ميزان كالخيل تعدو ما لها أرسان والبشر فيه كأنه نيسان * * * للنصر تروي حسنها الركبان تهفو له الأجفان والآذان والصانعون النصر والأعيان وبهية وكأنهن جنان وكأنها لكتابه عنوان كل بها المحبور والنشوان حكم وبين المنشدين رهان يرويه قبل الألسن الوجدان ودمشق واعتزت به بغدان فيها لَيان مرة وحِران غراء أملاها علي الجان ويجلُّها الإخوان والأقران | والمَرْجانُ
(1) "علي" هو اسم الأمير الحمداني، الذي اشتهر بلقب "سيف الدولة"، وقد خلده شعر المتنبي أكثر مما خلدته بطولاته.
(2) العبقري: المتنبي.