تسابيح

ثريا نبوي

سُبحان ربِّي لا يُرامُ جَنابُهُ

والدُّرُّ لا يَخْفَى عليهِ

وإنْ تَكاثَفَ في البحارِ حِجابُهُ

والسِّرُّ باتَ لَدَى العليمِ علانيَةْ !

= = =

سبحان ربِّي في الركوعِ وفي السُّجودِ

وفي التَّذَكُّرِ والجُحودِ

وفي المشارِقِ والمغارِبْ

سبحان ربِّي

ليس إنْسٌ ليس جانٌّ مِنهُ هارِبْ

يا ربَّنا وحبيبَنا وطبيبَنا

أنتَ القريبُ وكلُّ نجوى دانيةْ !

= = =

منقوشةٌ أسماؤكَ الحُسنى على

إشراقةِ الفجرِ المُطِلِّ على الوجودْ

وعلى موازينِ العدالةِ إنْ يُرَجِّحْها الصُّمودْ

وعلى الزلازلِ والفوالقِ والصَّواعِقِ والرُّعودْ

وعلى البراكينِ المُثارةِ مِن خياناتِ العهودْ

وعلى الشَّذَى ينداحُ مِن ثَغْرِ الورودْ

وعلى ابتساماتِ الوليدْ

وعلى انتفاضاتِ العبيدْ

-منقوشةٌ بِدَمِ الشهيدْ -

وعلى أزاهيرِ الربيعِ الزاهيةْ !

= = =

سبحان ربي والعطاءُ يمينُهُ

ما عِندنا يَفْنَى

وَباقٍ في الخزائنِ يُمْنُهُ

تجري بهِ شمسُ العطاءِ

وفي المَساءِ

تبيتُ عِندَ مليكِها

لِتعودَنا..في حُلَّةٍ ذهبيَّةٍ

بِأشعَّةٍ حَمَلَت على أهدابِها

مِنَنًا تُبَرْهِنُ أنَّها صُنعُ القديرْ

بلْ لم يَغِضْ ما في اليَمينِ

وقد تَفَيَّأَ في الفيافي والمُروجِ ظلالُهُ

أنتَ الغنيُّ إلهَنا..بكَ مِن نَفَادٍ نستَجيرْ

وإليكَ عِلمُ البَعثِ رُدَّ..وكلُّ أمرٍ صائرٌ ومآلُهُ

إنْ في الحياةِ أو المماتِ

وحين نُعرَضُ والخوافي باديةْ !

وكتابُ كلٍّ لا يُغادِرُ قاصيةْ !

= = =

أَتُصَدِّقونْ ؟

يا مَن على نارِ الجحيمِ سَيُفْتَنونْ

أنَّ المَعادَ بِـ ” كُنْ .. يكونْ “

مِن تحت عرشِ اللـهِ – أنَّى تُؤفَكونْ -

مَطرٌ به مِن جَوفِ تُرْبٍ تَنْبُتونْ

أُمَمًا .. وَمِن هَوْلِ القيامةِ جاثيةْ !

= = =

سبحان ربٍّ للرِّياحِ وما ذَرَيْنَ

وللبحارِ وما حَوَينَ

ولا تُساوي عندهُ

-حتى جَناحَ بعوضةٍ-

دنيا النِّيامِ الفانِيةْ !

= = =

سبحان ربِّ الأرضِ حتى ما تُقِلّ

وإلهُنا ربُّ السماءِ وما تُظِلّ

ما أبرَمَتْهُ يَدُ الدُّعاءِ

ونحن مِن مَدٍّ  نَكِلّ

ذو العرشِ والجَبَروتِ

والملكوتِ

والإنسانُ مِن حُمْقٍ يَضِلّ

والرَّبُّ أصبَرُ مَن جُحِدْ

-سبحانهُ الأحدُ الصَّمَدْ -

والرَّبُّ أقدرُ مَن يُذِلّ

- والأمرُ واحدةٌ كلمحٍ بالبَصَرْ -

هي دعوةٌ تُفْضي إلى شيءٍ نُكُرْ

ربَّاهُ إنَّ النارَ أخزَى داعيةْ !

= = =

ولكلِّ نفسٍ سائقٌ وعلى مآثِمِها شهيدْ

يومَ التَّنادي مِن بعيدْ

أَوَ يظلِمُ الرَّبُّ العبيدْ ؟!

سبحان مُبْدِئِنا المُعيدْ

والرحمةُ اتسعت فغاضت

مِن صحائفِنا خطايا التَّائبينْ !

= = =

سبحان مَن أجرَى القلمْ

سبحان أعدلِ مَن حَكَمْ

سبحان خيرِ الحاكمينْ !

= = =

سبحان مَن أوحَى إلى النحلِ

اسلُكي ذُلُلَ السُّبُلْ

فَكُلي وَجودي مِن عطاياكِ العسلْ

والزهرِ رَقَّ عبادةً ..إنْ في الحدائقِ أو إذا

حَضَنَتْهُ أكنافُ الجبلْ

والنملِ في الوادي يُنادي:

مِن سُلَيْمانَ الوَجَلْ

يا أبجديَّاتِ اللغاتِ تَضافَري

ليكونَ عرشُ الوصفِ مرفوعَ الجبينْ !

= =

سبحان مَن مَرَجَ البحارَ:

أُجاجَها بفُراتِها 

بِأَعِنَّةٍ – في المُلتَقَى -

كَبَحَت جُموحَ عُتاتِها

لَم يبْغِ بحرٌ أو نَهَرْ

هل يسبِقُ الليلُ النَّهارَ

وَتُدرِكُ الشمسُ القمرْ ؟

ومسابحُ الأجرامِ في الأفلاكِ

نضَّدها إلهُ الكَونِ في نَسَقٍ مُبينْ ؟!

= = =

سبحان مَن أحصى الخلائقَ والمشارِقَ

سَقْطَ أوراقِ الشجرْ

والرملَ في الصحراءِ

حبَّاتِ المطرْ

قَطْرَ النَّدَى

حتى الجَنَى

مِن بين أكمامِ الثَّمَرْ

ومَعَ الخصومةِ والجَدَلْ؛

ما زال أقوامٌ -على أكتافِهِم يعلو هُبَلْ-

في الرَّيْبِ والشِّرْكِ المُهينْ !

= = =

سبحان مَن فَلَقَ النَّوى

والصُّبحَ مِن ليلٍ ذَوى

والحَبَّ في جَوفِ الثَّرى

غطَّتْهُ أهدابُ الغَسَقْ

أو ظَلَّلَتْهُ –قُبَيلَ إسدالِ الظلامِ على الذُّرا-

حُلَلُ الشَّفَقْ

أو حين يوقِظُهُ شعاعُ الشمسِ

يفتَحُ جَفنَهُ بالهمسِ

مِن دِفءٍ ودودْ

مَلأ الوجودْ

لنرى الزهورَ مِن البراعِمِ تنطلِقْ

والأمرُ مِن ربِّ الفَلَقْ؛

تبـًّا لقلبٍ لا يلينْ !

= = =

سبحان ربِّ الطيرِ صَافَّاتٍ

تَبارت والغُيومْ

سبحان ربِّي إذْ يَجِنُّ الليلُ 

أو تُلْقي مكاحِلَ سُهدِها عَيْنُ النُّجومْ

سبحان ربِّ العالمينْ !

= = =

سبحان ربِّي قد تعاظمَ شأنُهُ

إذ أشرَقت مِن نورِهِ الظَّلْماءُ

والأرضونَ وانبرَتِ السماءُ

وقد أتينَ إلى المُهيْمِنِ طائعينْ !

= = =

رحماتُ ربِّي في الجِنانِ

وفي الدُّنا مُخضَوْضِرَةْ

مِنها الوعودُ بِغيرِ عُودٍ

أو جُذورٍ .. مُثمِرةْ

وقُطوفُها للمُخبِتينْ !

= = =

سبحان ربِّي

حين أُصبِحُ حين أُمْسي

حين أحيا .. أو أُلَبِّي

إنْ دعاني صوتُ رَمسي

مُوقِفًا زحفَ السنينْ !

= = =

سبحان ربِّ الآزِفَةْ

أَزِفَت وليس لها – إلهي -

دونَ لُطفِكَ كاشِفةْ

والشمسُ تَجرِي إذ يُباريها القَمَرْ

ولكلِّ نَجْمٍ مُسْتَقَرّْ

في لحظةٍ

أَلْقَت جبالَ الشَّكِّ في بحرِ اليقينْ !

= = =

·        تَفَيَّأ الظلُّ: انقلبَ بعد الزوال (انتصاف النهار) إلى ناحيةِ الشرق

·        على النار يُفتَنون: كما يُفتَنُ الذَّهبُ والفِضَّة (فيُصهران ويُنَقَّيان)

·        المُخبتين: ،، الذين إذا ذُكِر اللهُ وَجِلَت قلوبُهم والصابرين على ما أصابهم والمُقيمي الصلاةِ ومما رزقناهم يُنفِقون ،،الآية (35) من سورة الحج