الشاطئ المهجور
26كانون22008
محمد ياسين العشاب
الشاطئ المهجور
محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب
[email protected]
هـدِيـرٌ شَدِيدُ الْوَقْعِ يَخْتَرِقُ تُـشَـابُ بِـأَصْوَاتِ النّعَاةِ وَقَدْ أَتَوْا عَـلَـى يَـبَـسٍ وَسْطَ الْبِحَارِ كَأَنمَا بَـكَـاهُـمْ غُـرَابٌ ثُمَّ شَقَّ جَنَاحَهُ وَأَطْـلَـقَـتِ الْـعَنْقَاءُ فِيهمْ نَحِيبَهَا كَـأَنَّ غُـرَابَ الـلَّيْلِ وَالْعَقْلُ وَاهِمٌ وَيَـسْـبَـحُ فِي ظَلْمَائِهِ الْفِكْرُ لاَ سَنًا * * * تَـكَـدَّرَ صَـفْـوُ الْقَادِمِينَ بِمَا رَأَوْا تَـقَـدَّمَ أَشْـقَـاهُمْ بِنَعْشَيْنِ وَاخْتَفَى تَـحَـرَّكَـتِ الأَقْدَامُ تَلْتَمِسُ الْخُطَى عَـلَـى أَوَّلِ النَّعْشَيْنِ طَافَتْ حَمَامَةٌ قُـلُوبٌ قَسَتْ مِثْلَ الْحِجَارَةِ فَاعْتَدَتْ تَـذَكّـرَتِ الإِنْـسَـانَ يَنْهَارُ ضَائِعًا وَمُـؤْتَـمَـرَاتٍ بِـالرَّزَايَا تَسَيَّجَتْ تَـذَكَّـرَتِ الأَسْـوَاقَ وَالنَّاسُ خُضَّعٌ وَطَـافَ عَـلـيـهَا طَائِفٌ بِغِشاوَةٍ وَنَـادَى مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنِ اخْشَعُوا بَـكَـى ثَـانِيَ النَّعْشَيْنِ كُلًُّ ابْنِ آدَمٍ سَـلاَمٌ عَـلَـى الإِنْسَانِ بَعْدَ ضَيَاعِهِ تَـخَـلَّصَ مِنْ عَهْدِ الأَمَانَةِ مُعْرِضًا * * * أَلَـمْ تَرَ أَنَّ الأَرْضَ ضَاقَتْ بِرَحْبِهَا ضَـبَابٌ يُرَى النَّاعُونَ خَلْفَ سِتَارِهِ إِذَا خَـشَـعَـتْ أَصْوَاتُهُمْ وَتَسَتَّرَتْ تَـوَسَّـطَـهُمْ فِرْعَوْنُ يَسْحَبُ خَلْفَهُ يُـلَـوَّحُ بِـالـسَّوْطِ انْتِقَامًا وَفَوْقَهُمْ يُـحِـيـطُ بِـهِـمْ ذُلُّ الْمَعَاشِ مُقَيِّدًا تَـنَـاسَـاهُـمُ أَهْلُ الْعَدَالَةِ وَاكْتَفَوْا بَـشَـاشَـتُـهُمْ فِي أَوْجُهِ النَّاسِ ذِلَّةٌ إِذَا الْـقِـيَـمُ الْـغَرَّاءُ بِيعَتْ بِسُوقِهِمُ وَيَـسْـحَـبُ هَـامَانُ الأَسَارَى أَذِلَّةً يَـسُـوقُـهُـمُ نَحْوَ الْمَحَاكِمِ مُسْرِعًا تَـغَـشَّـاهُـمُ الْحَشْدُ الْكَثِيفُ بِجَمْعِهِ وَكَـانُـوا قَدِ اخْتَارُوا السَّلاَمَ بِزَعْمِهِمْ وَدَاسُـوا حُقُوقَ الْخَلْقِ تَحْتَ قَرَارِهِمْ وَنَـادَاهُـمُ فِـرْعَوْنًُ يَدْعَمُ سَيْرَهُمْ: تَـصَـدَّرَهُـمْ فِي كُلِّ مُؤْتَمَرٍ مَضَى * * * وَلَـمَّـا دَنَـا الْحَشْدُ الْمَهِيبُ بِجَمْعِهِ تَـرَاءَى لَـهُ فِـي الْبُعْدِ أَحْمَرَ قَانِيًا وَقَـدْ وُجِـدَتْ فِـيـهِ الْجَمَاجِمُ هَشَّةً بَـقَـايَـا مَـنِ اسْتَهْوَتْهُ شَهْوَةُ بَحْثِهِ إِلَـى أَنْ هَوَى فَوْقَ الضَّحَايَا بِسَعْيِهِ تَـخَـطّـفَهُ ظُلْمُ الْغُرُورِ فَمَا اغْتَنَى وَكَـانَ يَـرَى أَنَّ الْـمَعَارِفَ طَوْعُهُ وَيَـحْـسِـبُ أَنَّ الْعَقْلَ يُحْسِنُ مُطْلَقًا * * * سَـلاَمٌ عَـلَى الإِنْسَانِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ تَـحَـمَّـلَ عَـهْدًا فَاسْتَطَابَ خِيَانَةً وَكَـانَ لَـهُ عَـزْمٌُ فَـضَـيَّعَ عَزْمَهُ | السَّمْعَاوَرَعْـدُ وَأَصْـدَاءٌ تَـزِيـدُهُمَا يَـشُقُّونَ مَوْجَ الْبَحْرِ فِي ذَلِكَ الْمَنْعَى عَلَيْهَا عَصَى مُوسَى تَشُقُّ بِهَا الْمَسْعَى إِلَى أَنْ هَوَى مِنْ فَوْقِهِمْ يَذْرِفُ الدَّمْعَا فَـاَحْدَثَ فِي الآفَاقِ مِنْ وَقْعِهِ صَدْعَا تُـوَارِي عَـرَاءَ الْوَهْمِ أَذْيَالُهُ طَوْعَا يُـضِـيءُ وَلاَ غَيْثًا يَفِيضُ وَلاَ نَبْعَا * * * فَـمَـا الْتَمَسُوا خَيْرًا وَلاَ وَجَدُوا نفْعَا عَنِ الْحَشْدِ أَدْنَاهُمْ وَقَدْ خُلِّفُوا صَرْعَى وَتَـخْـبِـطُ لاَهَدْيٌ وَلاَ مَبْدَأٌ يُرْعَى وَقَـدْ سَـاءَهَا أَنَّ السَّلاَمَةَ لاَ تُدْعَى نُفُوسٌ عَرَاهَا السُّوءُ فَانْطَلَقَتْ تَسْعَى وَيَـدْفَـعُـهُ التّيَّارُ نَحْوَ الرَّدَى دَفْعَا وَقَـدْ فَـقَدَتْ صِدْقَ الْمَقَاصِدِ وَالنَّفْعَا لِـمَـنْ يَـشْتَرِيهِمْ ثُمَّ يَصْفَعُهُمْ صَفْعَا مِنَ الْهَجْرِ وَالنِّسْيَانِ ضَاقَتْ بِهَا ذَرْعَا لِـسَـاعَةِ وَجْدٍ وَارْفَعُوا نَعْشَكُمْ رَفْعَا وَقَـدْ جُـمِعُوا مِنْ حَوْلِ نَعْشِهِمُ جَمْعَا فَـمَـا لِـقَـطِيعٍ بَعْدَ مَهْرَبِهِ مَرْعَى فَـغَـيَّبَهُ وَادِي الذِّئَابِ مَعَ الصَّرْعَى * * * وَأَنَّ الـسَّـمَاءَ اسْتَنْفَذَتْ حُزْنَهَا دَمْعَا إِذَا اقْتَرَبُوا مَا رُمْتَ مِنِْ صَوْتِهِمْ سَمْعَا بِـهَـمْـسٍ خَفِيٍّ مَا وَجَدْتَ لَهُ رَجْعَا سَـلاَسِـلَ أَقْفَاصٍ تًَحَمَّلَتِ الْجَوْعَى عَـلَى كُلِّ فَرْدٍ عَقْرَبُ الْقَهْرِ أَوْ أَفْعَى وَقَـدْ مُـنِـعُوا مِنْ أَيِّْ حَقٍّ لَهُمْ مَنْعا بِـمَـنْ جَـاءَهُمْ وَالْمَالُ يَرْفَعُهُ رَفْعَا وَفَـرْحَـتُـهُـمْ شَامَتْ مَذَلَّتَنَا قَطْعَا تَـضَخَّمَتِ الأَمْوَالُ فَاسْتَعْذَبُوا الْبَيْعَا إِذَا ذَرَفُـوا دَمْـعًـا فَما وَجَدُوا دَفْعَا وَيَقْضِي عَلَيْهِمْ مَنْ يَقُودُ وَ لاَ يَرْعَى وَدَاسَـتْـهُـمُ الأَقْدَامُ مِنْ فَوْقِهِمْ قَمْعَا فَلَمَّا قَضَوْا مَا أَبْرَمُوا حَرَّقُوا الزَّرْعَا فَـمَـا احْتَرَمُوا جِنْسًا وَلاَمَيَّزُوا نَوْعَا وَلاَ تَـتْرَكُوا لِلنَّاسِ أَرْضًا وَلاَ رَبْعَا! عَـلَـى سَاحَةِ الدُّنْيَا وَقالَ لَهُمْ بِدْعَا * * * مِنَ الشَّاطِئِ الْمَهْجُورِ يَسْتَقْبِلَ الْجَمْعَا تَـخَـالُ لِأَصْوَاتِ الضَّحَايَا بِهِ رَجْعَا وَآثَـارُ أَجْـسَـامٍ عَـلَيْهِ غَدَتْ نَقْعَا شَـرِيدًا، فَذَاقَ الذُّلَّ وَالطَّرْدَ وَالْخَلْعَا وَلَـمْ يَـتَـوَقَّـعْ قَبْلَهَا ذَلِكَ الْوَضْعَا وَلَـمْ يَـكُـنِ الْعِلْمُ الْمَشُوبُ لَهُ دِرْعَا وَقَدْ جَهِلَ الأَسْرَارَ وَالأَصْلَ وَالْفَرْعَا وَيَـحْسِبُ أَنَّ الْحَقَّ لاَ يُحْسِنُ الصُّنْعَا * * * وَفِـي كُلِّ حِينٍ ضَاعَ فِيهِ بِمَا أَوْعَى وَكَـانَ عَـلَى حَمْلِ الأَمَانَةِ مُسْتَرْعَى وَكَـانَ لَـهُ عَـقْـلٌ فَلَمْ يُجْدِهِ نَفْعَا | وَقْعَا