وفَرََّ الفجرُ مني
د. محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب
[email protected]قَـسَـوْتَ عَلَيَّ و الدنيا تَضِيقُ
تَـوَسَّـلْـنَـا بـآمـالٍ غِزَارٍ
وغَـرَّتْـنَا السعادةُ مثل طَيْفٍ
و كـانـت كُـلُّ أُمْنِيَتِي لِفَجْرٍ
فـلَـمَّا سِرْتُ أَطْلُبُهُ و روحي
ويَـوْمًـا لـم أَجِدْ حتى خَيَالًا
و فَـرَّ الـفجرُ مِنِّي و ادْلَهَمَّتْ
و قَـيَّـدَ خـافِـقِي شَجَنٌ مُلِمٌّ
خَـلَوْتُ بمهجتي و خلا فؤادي
و لَمْ أَعِ مِنْ حصادِ الدهرِ دَرْسًا
ومـا وَاسَى هُمُومِيَ مِنْ قَرِيبٍ
فـلَـوْلَا أَنَّ لي عَزْمًا و صَبْرًا
* * *
سَلَوْتَ صَدَاقَتِي و هَجَرْتَ وُدِّي
و حَـوْلِـيَ أُمَّةٌ هَجَرَتْ هُدَاهَا
وأَصْـبَـحَ حُلْمُهَا يَوْمًا سَرابًا
أَتَـاهَـا عَارِضٌ حَسِبَتْهُ غَيْثًا
فـلا عَـقْلٌ يَرَى رَأْيًاٌ و قَلْبٌ
غَـفَـتْ, فإِذَا التَّحَرُّرُ غيُر بَادٍ
فـمـا أشـقـاهُ مُنْقَلَبًا تَرَدَّتْ
و كَـبَّـلَهَا ذَوُو الوجهيِن قَيْدًا
أَبَاحُوا الأرضَ و التاريخَ سَلْبًا
و بـاعـوا بالخديعةِ كلَّ عدلٍ
فـلَـمَّـا ضاقَ مِنْهُمْ كلُّ حَيٍّ
تَـوَلَّـوْا عـن مبادئِهم سِرَاعًا
فـقـالـ: جَعَلْتُمُ الأوهامَ حَقًّا
أَكَـانَ مِنَ المُرُوءَةِ أَنْ يُسَجَّى
شِـعَـارَاتٌ تُـزَيِّنُ كلَّ أرضٍ
فـمـا لـلحَقِّ مِنْ قَوْلٍ وُجُودٌ
* * *
وعـاد اليومُ بالأَصْفَادِ عَوْدًا
كـأَنَّ الـكائناتِ و مِنْ أَسَاهَا
تَـمَـنَّـى كُلُّ عَانٍ طَيْفَ نُورٍ
كـأَنَّ عـلى قلوبِ الناسِ رَانٌ
و مِنْ حولِ الحياةِ سِيَاجُ خَوْفٍ
نَـسِـيُر وليس يُرْشِدُنَا ضِيَاءٌ
و تُـشْـرِبُنَا المَوَاجِعُ كلَّ يومٍ
كـأَنَّـا قـد شَجَبْنَا كلَّ حُسْنٍ
فـيَـا أَرْضَ الشَّقَاوَةِ لا أُبَالِي
و لـي صَدْرٌ برَغْمِ أَسَاهُ رَحْبٌ
كـأَنِّـي و النفوسُ بلا ضياءٍ
ولَـوْ مَنَعُوا شُعُورِيَ ما تَرَدَّى
مـتـى أنـا بَـاِلٌغ دنيا سَلَامٍ!أما يكفيكَ أنْ ذَهَبَ الصديقُ؟!
ولـيـتَ الـقلبَ منها لا يُفِيقُ
وكـان لزُخْرُفِ الماضي بَرِيقُ
شُـغِـفْـتُ به و بِتُّ له أَتُوقُ
تُـحَـوِّمُ حولَه ضاع الطريق
يُـرَاوِدُنِي و لا حُلْمًا يَرُوقُ !
بـه الآفاقُ و الْتَمَعَتْ بُرُوقُ
و قـلـبـي قبلَ ذا حُرٌّ طَلِيقُ
وأَرَّقَ راحـتـي قَلَقٌ رَفِيقُ
و غَـيَّبَ عِبْرَةَ الماضي عُقُوقُ
و لا رَفَـعَ الأسى خِلٌّ صَدُوقُ
لـضَـيَّعَنِي سُدًى ما لا أُطِيقُ
* * *
أمـا يـكـفيكَ ما قلبي يَذُوقُ
و ضاع الحقَُّ منها فهْيَ سُوقُ!
ووَهْـمًـا زائدًا و هَوًى يَفُوقُ
وكـان ظُـهُـورُهُ شَرًّا يَحِيقُ
يُـحِـسُّ بـما أتى ليلًا يَسُوقُ
لـمُـرْتَقِبٍ , و أهلوها رَقِيقُ
بـه الـدنيا فكُلُّ مَدًى يَضِيقُ
و كَـدَّرَ صَـفْوَهَا منهم فَرِيقُ
و قـالـوا مجدُكُم أَبَدًا عَرِيقُ !
و كان لهم من الحُسْنَى مُرُوقُ
و نـادى في البريةِ أَنْ أفيقوا
و قـالـوا فِكْرُكُمْ هذا عَتِيقُ !
و عُـذِّبْتُمْ بِأَنْفُسِكُمُ, فذُوقُوا !
هُدَى صِدْقٍ, و يَنْتَصِرَ الفُسُوقُ
وأقـوالٌـ بها تُرْعَى الحُقُوقُ
ومـا لـلـعدل مِنْ كَلِمٍ شُرُوقُ
* * *
تَـعَـقَّـبَ كلَّ حَيٍّ منهُ ضِيقُ
فِـرَارُ الفجرِ ليسَ لها طريق
وَ ضاعَ النورُ و هْوَ لَهُ مَشُوقُ
و فـي أَيْـدِيـهِمُ صَفَدٌ مُعِيقُ
وواقـعُـها من الشكوى غَرِيقُ
و نَـحْيَى و الأسى فينا عميق
شَـجًى تُسْقَى بلَوْعَتِهِ العُرُوقُ
و كُـنَّـا قَـبْلُ يَسْقِينَا رَحِيقُ
و إنـي رغـمَ غَدْرِكِ مُسْتَفِيقُ
و لي في مَبْدَئِي السامي وُثُوقُ
يُـضِـيءُ مَسِيرَتِي نورٌ رَفِيقُ
ولـو وَأَدُوا بَـيَانِيَ لا أَضِيقُ
مَـتَـى قَلْبِي الْمُعَنَّى يَسْتَفِيقُ ََََ!