الحشرجة

الحشرجة

سعيد عبيد

(مهداة إلى أرئيل شارون

في المنزلة بين المنزلتين)

شارون يمضغ لعنة الموت البطيء

غُصصا تَقَطَّر في الحشا

تغلي

كبركان يؤججه حريق،

كل السفافيد التي

دخلت تفتش عن بقايا الروح

من زمن سحيق

خرجت، ولم يخرج سوى

قيح رديء!

* * *

لم الانتظار؟

قُدَّامك الموت الشهي

كحياض ماء في الصحاري والقفار

صَدْيانُ أنت

بحلقك المذبوح نار

لم الانتظار؟

أقبلْ لنطوي صفحة من سِفر يوشع للأبدْ

ونبشر الإنسان في أخبار منتصف النهار

والشمس رائعة

وزهر الياسمين يَهزُّه شدْو الكنار:

"مات الشقي...سُدل الستار"

فليشق فرعون وإيفان الرهيب بذا الجوار!

لم الانتظار؟

ذق واسترح

وأرح فراشك منك

من سوء العذاب

لا شك صدرُك ضاق بالنفس الغشوم

تجري تَلجلجُ بين حلقوم يئنُّ

وبين سوداء الفؤاد.

شارون لم يَحِر الجواب

 شفتاه يابستان زرقاوان

والعينان في غبش الظلام

مغارتان

وفم تخشّب

دسّ عن رفقائه موتَ اللسان

وبمنخريْه توغلت أنبوبتان

كالأفعوان

سما تُقطّر في الخلايا

كي تُمد العمر بالموت المذاب

كاليأس في كأس العذاب

شارون مُدّ كما تُمد المومياء بلا ضماد

عريان

لم يحر الجواب.

* * *

وأتاه من خلفي خطاب:

أين الفرار؟

يا من بززت بلا فَخار

جنكيز خان

مَلِكَ الدمار

أترعت بالأنواح والأتراح ما بين الخرائط والغمام

ونثرت شوك الحزن في كل الجفون وسكبت ماء النار في مهج العيون

يا أيها "البُلْدَوْزَرُ" المجنون أقبل يحصد الأزهار

والأشجار

والتاريخ

من أرض السلام

ويخربش الأقمار في وجه السماء

ويبعثر الأشواك

والحصباء

والموت الزؤام

على طريق الأنبياء

يا أيها الأصحاح من سِفر الإبادة جاء يحمل "دولة الرب المجيدة" في يد

وبكفه الأخرى إناء

من دماء الأبرياء

وبصدره تنمو الأساطير القديمة

يورق التلمود

يذوي الأقحوان

كل الذين ذبحتهم

كل الذين سلخت من أكنانهم

أسرارهم

خَوْزقتهم

كل الصغار وقد سرقت العيد من أحلامهم

كل الكبار وقد نترت الأرض من أكبادهم

كل العجائز حدَّب الهم المقيم ظهورهن

على الدهور

كل الزهور

كل الطيور

وشواهد الذكرى وقد نحتت على هام القبور

والتين والزيتون

والأقصى الحزين

وقفوا أمامك يشهدون

رمقا أخيرا يُعتصر

يا للقدر!

في ليلة مقدارها

خمسون ألفا

لا زمانٌ

لا مكان

لا شعاع من نهار

في قعر بئر لا قرار

لا شك صدرُك ضاق بالنفس اللجوج

حيرى

تَلجلجُ بين حلقوم يئِنُّ

وبين سوداء الفؤاد

قم، لا رقاد

للموت طعم الثوم حِرّيف

ولون الإنكدار

أين الفرار ؟

لا شيء في الظلمات إلا الحشرجهْ

وقف الزمن

و الموت- يا شارون- وعر المرتقى

ما أحرجه!