العاشق الملحاح

العاشق الملحاح *

د. محمد علي الرباوي

[email protected]

تُرِيدِينَ (...) يُؤْلِمُنِي أَنْ تَظَلِّي هُنَا

عَلَماً لَيْسَ يَلْتَفُّ مِنْ حَوْلِهِ الْجُنْدُ

يُؤْلِمُنِي أَنْ تَظَلِّي هُنَا فِي السَّمَا

قَمَراً يَتَلأْلأُ نُوراً وَلَيْسَ يُشَارِكُهُ فِي السَّمَا

حُزْنَهُ نَجْمَةٌ وَاحِدَهْ

.............................................

كَمْ أَنَا مُثْقَلٌ بِشُجَيْرَاتِ هَذَا الْحَزَنْ

كَمْ أَنَا فِي شَوَارِعِ هَذَا الشَّجَنْ

ضِعْتُ.

 مِثْلَكِ صَلَّيْتُ أَنْ تَجِدِي

فِي الْحَدِيقَةِ عُصْفُورَةً

مَعْكِ تَدْخُلُ فِي وَصْلَةٍ لِلْغِنَاءْ

****

عَجَباً ...هِيَ فَاكِهَةُ الصَّيْفِ تُزْهِرُ

فِي شَفَتَيْكِ صَبَاحَ مَسَاءْ

وَمَا زَالَ فِي حَقْلِنَا يَتَسَكَّعُ عَرْشُ الشِّتَاءْ !

فَمِنْ أَيْنَ جَاءَتْكِ هَذِي الفَوَاكِهُ

 مِنْ أَيْنَ يَا طِفْلَتِي الرِّزْقُ جَاءْ

وَهَذَا الْجَفَافُ يَمُدُّ أَصَابِعَهُ فِي ٱتِّجَاهِ القُرَى

****

أَرْسَلْتُ دُمُوعِي آهٍ كَمْ أَرْسَلْتُ خَمَائِلَهَا،

وَأَنَا فِي الْمِحْرَابِ، إِلَى مَحْبُوبِي

كَمْ أَرْسَلْتُ خَمَائِلَهَا

كَمْ كُنْتُ وَقَفْتُ ذَلِيلاً قُدَّامَهْ

إِذْ أَعْلَمُ: رَحْمَتُهُ سَابِقَةٌ غَضَبَهْ

فَأَنَا يَكْفِينِي عِزًّا بِهَوَاهُ ذُلِّي وَخُضُوعِي

هُوَ مِنِّي بِيَ أَوْلَى

لَكَ فِي أَمْرِي الْحُكْمُ

فَمَا شِئْتَ ٱصْنَعْ يَامَوْلاَيْ

أَحْيَاناً يَتَسَلَّقُنِي الضَّعْفُ

فَتَسْتَسْلِمُ ذَاتِي لِغَلاَئِلِهِ الْعَذْبَهْ

فَأَقُولُ: أَيَا مَحْبُوبِي لاَ تَذَرِ العَاشِقَ فَرْدَا

أَنْتَ وَعَدْتَ وَوَعْدُكَ مُتَّسِعٌ

أَلْمَحُ سَاحِلَهُ الأَخْضَرَ فِي ذَاتِي

****

مَا كَلَّمْتُ النَّّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ رَمْزاً وَإِشَارَهْ

مَا كَلَّمْتُ النَّاسَ حَبِيبِي فَابْعَثْ لِي مِنْكَ بِِشَارَهْ

مَا كَلَّمْتُ النَّاسَ حَبِيبِي

هَلْ فِي بَلَدِي مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَتَكَلَّمْ

لَكَ عِنْدَ النَّاسِ شَرِيكٌ وَأَنَا لاَ أُشْرِكُ بِكْ

سُبْحَانَكَ مَاكَلَّمْتُ النَّاسَ

وَلَكِنِّي بَيْنَ النَّاسِ أَمُدُّ عُرُوقِي

تَكْبُرُ أَشْجَارِي فَتُغَطِّي كُلَّ رُؤُوسِ النَّاسِ

حَبِيبِي...كَيْفَ أُكَلِّمُ مَنْ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ

فِي زُرْقَةِ هَذَا البَحْرِ وَيَبْقَى عِنْدَ الشِّطِّ مَحَارَهْ

مَا كَلَّمْتُ النَّاسَ حَبِيبِي فَٱبْعَثْ لِي مِنْكَ بِشَارَهْ

****

صَغِيرتِي...

بَيْنِي وَبَيْنَ وَجْهِ مَحْبُوبِي خَمَائِلُ الرَّصَاصْ.

أَنَا الَّذِي ٱبْتَعَدْتُ يَا صَغِيرَتِي

حِينَ ﭐتَّخَذْتُ ٱمْرَأَةً

-قَدْ خَرَجَتْ مِنْ جَسَدِي- صَاحِبَةً

ٱسْتسْلَمْتُ لِلنَّارِ الَّتِي تَأَجَّجَتْ فِي صَدْرِهَا

ٱسْتسْلَمْتُ لِلْبَرْدِ الَّذِي

كَانَ عَلَى عِيدَانِ ذَاتِي يتَّكِئْ

أَنَا الَّذِي نَصَّبْتُ أَشْجَارَ الرَّصَاصْ

وَهَا أَنَا أَبْحَثُ عَنْ جَزَائِرِ الْخَلاَصْ

قَدَّمْتُ عِنْدَ الْمَدِّ لِلْبَحْرِ قَرَابِينِي

وَلَكِنْ مَعَ جَزْرِهِ

يَظَلُّ كُلُّ قُرْبَانٍ مُحَاطاً بِالصُّخُورِ وَالرِّمَالْ

فَكَيْفَ مِنِّيَ الْخَلاَصُ

كَيْفَ مِنِّيَ الْخَلاَصُ

كَيْفَ مِنِّيَ الْخَلاَصْ

****

صَغيرَتِي...قَابِيلُ كَانَ جُثَّةً تُزْهِرُ فَي ذَاتِي

وَكَانَ العَنْكَبُوتُ يَرْتَمِي بَيْنِي وَبَيْنَ وَجْهِ مَحْبُوبِي

فَكَيْفَ مِنْ جَنَاحِ هَذَا العَنْكَبوتِ يَا صَغِيرَتِي الْخَلاَصْ

****

عَلَى يَمِينِكِ الْمَلاَئِكْ

وَوَرْدَةُ الصَّدَى تَفَتَّحَتْ عَلَى شِمَالِكْ

هَيَّا..تَوَضَّئِي بِيَنْبُوعِ دَمِي ٱدْخُلِي كَمَا الْهَوَاءِ

فِي بَنَفْسَجِ الْمِحْرَابْ

مِلْحَاحَةً كُونِي فَمَحْبُوبِي يُحِبُّ العَاشِقَ الْمِلْحَاحْ.

****

مُتَشَابِكَةٌ أَغْصَانُ ذُنُوبِي

لَكِنِّي أَطْمَعُ أَنْ تَمْتَدَّ إِليَّ عُيُونُ حَبِيبِي

تَسْقِي بِسَوَاقِيهَا البَيْضَاءِ حَدَائِقَ ذَاتِي.

أَطْمَعُ(...) هَذَا الطَّمَعُ الرَّقْرَاقُ الوَاسِعْ

هُوَ سِرُّ حَيَاتِي

أَطْمَعْ

-وَحَدائِقُ هَذَا العُمْرِ يَدِبُّ إِلَيْهَا الثَّلْجُ الدَّاكِنُ-

أَنْ يَنْزِلَ ضَيْفُ الْمَحْبُوبِ عَلَى قَلْبِي الْمَحْزُونِ

فَيَأْتِينِي بِالْبُشْرَى

أَطْمَعُ أَنْ تَأْتِيَنِي الْبُشْرَى

إِنِّي الآنَ أَشُمُّ رَوَائِحَهَا مِنْ عَيْنَيْكِ الضَّاحِكَتَيْنِ

فَهَلْ يَبْقَى العَاشِقُ فَرْداً

أَبَداً... وَعْدُ حَبِيبِي مُتَّسِعٌ

أَلْمَحُ سَاحِلَهُ الأَخْضَرَ فِي ذَاتِي

.........................................

يَا مَحْبُوبِي أَطْلُبُ مِنْكَ إِلَيْكَ وُصُولِي

هَا ذُلِّي يَظْهَرُ بَيْنَ يَدَيْكْ

هَا حَالِي لاَ تَخْفَى يَامَوْلاَيَ عَلَيْك ْ

بِكَ أَسْتَنْصِرُ فَٱنْصُرْنِي لاَ تَتْرُكْنِي

طَرْفَةَ عَيْنٍ يَامَوْلايَ إِلَى نَفْسِي

لاَ تَجْعَلْهَا أَكْبَرَ هَمِّي

لاَ تَجْعَلْْهَا أَكْبَرَ هَمِّي

              

(*) الأحجار الفوارة