آهَاتُ شَاميٍّ مُغْتَرِبٍ

د. عبد الحق حمادي الهواس

آهَاتُ  شَاميٍّ مُغْتَرِبٍ

د. عبد الحق حمادي الهواس

ألقيت هذه القصيدة بمناسبة تكريم الأستاذين الفاضلين محمد الحسناوي وعبد الله الطنطاوي حفظهما الله، ورعاهما وحصولهما على درع رابطة الأدب الإسلامي العالمية فرع الأردن .

سـكبتُ  عيني على الخدين iiجذلانا   وجـئـت  أعـزفُ أنغاماً iiوألحانا
وجـئـتُ  بـستانك الغنّاء iiمحتفياً   كـالـطـير يلثم أو يستاف iiنشوانا
وطـرتُ نـحـوك مشتاقاً iiومنتشياً   وسـرت قـصـدك مزهوّاً وثملانا
وقـفـتُ  في نهرك الرقراق iiأسألُه   هـل يـعبق الزهر أمواجاً iiوشطآنا
ومـلـتُ  في مائهِ الخلاب iiمرتشفاً   وصـغـتُ  من دلّك الشّفّاف iiتبيانا
أُداعـبُ الـورد فـي خدّيك iiأنثرهُ   بـيـن الـجـداول أنفاساً iiوريحانا
أشـمُّ  تـربـك رحـالاً iiومـقتفياً   أعـبُّ مـجـدك مفتوناً ، iiوحيرانا
أكـتّـم  الآهَ مـأسـورٌ بـه iiألمي   وأبـتـنـي في عيون الوردِ مأوانا
أهـدهـدُ الـروح بـيَّاتاً بها iiأملي   وأعـصـر الفجر في عينيك iiألوانا
أصـبّـر الـوجد في لقياك iiأودعه   بـيـن  الـحـنايا أسيراتٍ iiبلقيانا
أُرجّـع الـحـبَّ آهـاتٍ iiمـعتقةً   أودعـتـها في شغاف القلب iiأزمانا
مـسـكـونةً  بحياء الياسمين iiندىً   والـعـيـنُ  تقطُرهُا دُرّاً iiومرجانا
يـاقـوتـةٌ أنتِ والغواصُ في أملٍ   مـن ألـفِ عامٍ يمنّي النفس iiإمعانا
نـاديـتـهـا  بـحنين الأمِ أطلبها   فارتدّ  صوتي يواري الطرفَ تهتانا
ألـقيتُ  بُردي على الأمواجِ iiأرقبها   فـعـاد بُردي يواسي الكفّ iiحرمانا
مـرثـيـةٌ أنـتِ يا فيحاءُ iiأحملُها   عـلّ الـزمـانَ يـوافـينا iiويلقانا
عـلّ  الـدموعَ التي قد بتُّ أسكبها   شـوقـاً إلـيـكِ بريدٌ ليس iiينسانا
شـربتُ  حبك عمري ما رُويت iiبه   يـوماً  ، وما زلت محروماً iiوظمآنا
أسـارعُ  الـزمن المصلوبَ iiأدفعه   عـمـراً  أمـزقـه همّاً ، وأحزانا
آواه  مـن ذكرياتٍ عشت iiأحضنها   إذ  مـا أرفُّ لـهـا أو هي iiأحيانا
تـلـفـني كنسيم الصيفِ iiيغمرني   عـشـقـاً ويعصرني شفّاً iiووجدانا
وكـان  لـي قـمـرٌ قد بِتُّ iiأرقبه   إنْ  نـزَّ بـي أرقي أو عزَّ أو رانا
يُـنـاهلُ  الصبَّ يذكي نار iiلوعته   ويـنـثـرُ  الصدَّ في عينيه iiإدمانا
نـاديـتـهـا  ألفُ محرومٍ iiوهاتفةٍ   ضـجـوا بـقلبي تراتيلاً iiوأشجانا
لـو  كـنت منصفةً ما كنتِ iiجافيةً   ولا  تـنـاهـبـتِ مسلوباً وولهانا
ولا  تـمـادتْ بـك الأيـام iiتبعدنا   ولا نـزعـت مـن الأهداب مرآنا
وأنـتِ أنـتِ مـعاذ الله من iiشططٍ   مـا  كـنـت جاحدةً حبي iiوسقيانا
أنـا المصاب وجرحي غارقٌ iiبدمي   وأنـتِ عـانـيتِ أغلالاً iiوقضبانا
أبـكيك  يا شام والأشجان iiتـندبني   تـلـمُّ قـلـبي تشظى عند iiرؤيانا
نـذرتُ مـا تـملك الأحلامُ سيدتي   لـو  أنَّ عينك ترنو صوبَ iiمسرانا
أعـطـيـكِ وحي خيالٍ ما به iiأودٌ   يـخـطُّ آمـالـه نـوراً iiوإيـمانا
يـجـاهـد الـنفسَ محراباً يؤمّ به   مـن يـتـقـي الله تسبيحاً iiوقرآنا
لـهـفي  عليكِ أسيراً لا انفكاك iiله   فـقـد صبرنا على المكتوب أزمانا
ومـا  ظـفـرتُ بوعدٍ أنت شاهدةٌ   عـلـيـهِ أو نلتُ نصراًعهدهُ iiحانا
أحـاولُ  الـعزم مغروزٌ به iiوجعي   يـستصرخ  الدرب أشتاتاً وهجرانا
وأرتـجـي  الـمرَّ أوهاماً iiأرددها   وأحـتـسـيـهـا مساراتٍ iiوبلدانا
كـم ظالمٍ يدّعي الطهر العفيف iiوكم   فـي  سـرِّه يـفتري زوراً وبهتانا
يـعطيكِ  بعض رقيقِ القول iiيَعسِلُهُ   حـتـى  تـظني بهذا الجنِّ iiإنسانا
ما كنت أبحث في الألفاظ عن شَرَكٍ   ولا عـرفـت لـها معنى iiوعنوانا
سـيّـان سـيدتي ، فالكل iiيحرمني   جـواز  زورٍ فتغدو الأرضُ iiسجانا
والأرضُ من حبّها تحـنو iiلساجدها   تـقولُ  من خشيةٍ : سبحان iiسبحانا
مـا كـنت قيداً ولا يوماً كفَفْتُ iiيداً   دعتْ  وصلتْ لربِّ العرش iiشكرانا
إن كـان يـذبـحني حقداً ويسلبني   وغـيـره  مـثـله هل قلتِ iiشتانا
سـيـان سـيـدتي مَوْتي iiبخنجره   أو سـمِّـهِ أو لـبستُ العمر iiأكفانا
هـل ضـمَّد الجرحَ أم يقتاته طرباً   ويـحـتـسيه  هوىً ظلماً iiوطغيانا
لـو كـنـت مدعياً ما كان iiيمنعني   يـزيـد  مـأسـاتنا شوكاً iiونيرانا
وكـلـهـم  ظالمٌ إن كان ذا iiشرفٍ   أو  كـان ذا دجـلٍ أو كان ما iiكانا
إن  كـنـت ذا ريبةٍ ممّا أقول iiوإن   غـزاك  شـك بـه أو قـلتِ iiأيانا
فـخـلـف سوركِ أسوارٌ iiومقصلةٌ   وألـف وغـدٍ يـرينا الموت iiألوانا
وعـنـد  قصركِ تجارٌ تسوم iiدمي   وألـف  مـزدوجٍ سـراً iiوإعـلانا
أنـا الـمشرّد في أهلي وفي وطني   أمـران ثـانـيـهما مني وإن iiبانا
زنـزانـتـي وطـني قهرٌ iiومقبرةٌ   وفـاهُ  جـوعٍ يغذّي الشعب iiإذعانا
والحكمُ يا موْطنَ الأذناب من iiشرفٍ   قـد فـصّـلـوهُ مـخانيثاً iiوأخدانا
وألـبـسـوهُ لـمـطعُونٍ iiوعاهرةٍ   وقـدّمـوهُ  مـثـالاً عـن iiمطايانا
وغـيّـبـوا كُلّ تاريخي iiوحاضرَهُ   وشـوّهـوا  كلّ ما أعطت سجايانا
فـأدخـلُـوا  كـلّ قـوادٍ iiوداعرةٍ   وسـلّـمـوا وطني المغدور iiمجانا
وقـوّدوا لـغـزاةٍ مـثـلَ iiمومسةٍ   حـلّت  وأعطت وهانت مثلما iiهانا
فـلتخجَلِ  المومساتُ اليوم من iiقذِرٍ   قـد بـزّهـنّ مـواخـيراً iiوأعفانا
فـلا عـتابَ لمن باعَ البلادَ ضحىً   وفـاخـر الـعهرَ تيّـاهاً بما iiشانا
شاهتْ  وجوهٌ تقود العار في iiوطني   وتـرتـضـيـه زُرَافاتٍ iiووحدانا
أمـرّرُ الـعين من شطِّ الخليج iiإلى   شـطِّ  الـمحيط إلى أقصى iiبرايانا
وأمـنـحُ السمعَ أنّاتٍ ترودُ iiصدىً   تـضـجُّ  بـالموتِ أجبالاً iiووديانا
سـنين  وجدي ضياعَ العمر أحملها   أُقـلِّـبُ الـكـفَّ دنيا من iiخطايانا
شـكـوايَ  لله لا شكوى iiلمصطنَعٍ   فـانٍ يـخـلّـفُ أوغـاداً iiوديدانا
مَـن لـي بـعـدلك فاروقاً iiودِرَّتَهُ   حـدَّاً يـفـصّـلُ أعـداءً iiوإخوانا
لا تـقـتـفـي أثري فالكل iiيرقبنا   وأنـت سِـفرٌ لمن قد هان أو iiخانا
مـتـى  ألاقـيـك لا قيدٌ ولا سَفَرٌ   كـالـطـيف ينسج أحلاماً iiوتحنانا
أعـبُّ  وجـدك مـحروماً iiومفتقِداً   كـفـاقـد الماء يحظى بعدما عانى