دعوى قضائية أرفعها إلى البغدادي
مصطفى الزايد
«دعوى قضائية أرفعها إلى البغدادي»
تَـفَــكّـرْتُ حـتّى قـيـلٌ فـي فِـكـره كُــفـــرُ
وأســررتُ حـتى ظُــنَّ فـي ســرّي الأمـــــرُ
أكَــتّــمُ مــا في الــقـلـب خـشــيـةَ أن أرى
دمـانـا، وأهــلُ الــكُـفـر في أمـنِـهـم قــرّوا
تَـهــيّـــأَ لـلــطّــــاغـــوت تـرتـيـبُ صــفّـــهِ
وأنـهَــكَــنــا في بـعـضـنــا الـكَـــرُّ والـفــــرُّ
بـبـعــضٍ شُــغـلــنــا عـنـهُ فــازدادَ قـــــوّةً
وقـلّـتْ بـنــا الأعــداد كُـــلٌّ بـــهُ وتــــــرُ
وســيـفـانِ فـي الإسـلام سُـــلّا لـِطـــاعـةٍ
فـلـمـا الـتـقى حـدّاهما انسـحـب الطُّـهـرُ
ويـضـحــكُ شــيـطــانٌ ويـهــنــا مـخــــاتــلٌ
ويُـقـتَـل مـســكـيـنٌ ومــثــلٌ لــه الأســــــرُ
ويـحـتـــجُّ مــغــلـــوبٌ ويـشـــتــدُّ غـــالــبٌ
وحَـكّـمَ سـيـفَ الـعـدلِ بـيـنـهـما الـجَـورُ
فـمـا ســـبقـت سـيفَ انـتــقــامٍ مــراحــمٌ
ولا نَــزَّ مــاءَ الـعـفـوِ من صـخـرِه الـقـهـرُ
ألا إنـنــي أبـكـي الــقــتــيــلَ مُــهــاجـــراً
وأبـكـيـه دَيّــاراً بــه قــد مضـى نــصــــرُ
تـخــلّى عــن الـدّنـيـــا وهـبَّ مـجـاهــــداً
لـيُسـْـقــطَ طــاغـوتـاً وما غـرّهُ الـعُــمْـــرُ
يـريـد لـشـــرع الـلّــــهِ في الأرض عـِـزةً
فـضـحّـى ومـا أغـراه في مـطـمـعٍ سِــحـرُ
وهَــــمَّ بــتــحـــريــــرٍ تِــبــاعــاً وهَـــمُّـــهُ
شـــــهــادةُ عِــــزٍّ أو حـيـــاةٌ بـهـــا فـخــــرُ
فـجــــاء أخـــــوه مِــن بـــــلادٍ تـبـاعـدتْ
تـشــابـهـت الـغـايات واخـتـلـف الـسّــيْـرُ
فـقـــال بـرأيٍ لـيــس يـرضــى بــغــيــرهِ
وأبـدى أمـوراً ضـاق عـنـهـا بـه الـصّــدرُ
فــأنـكـــرَ والإنـكـــــار حَـــــقٌّ بــمـــوقـفٍ
بــه اشْـتـبـهـتْ نـيّـاتُ واحـتُـمِـل الـغــدرُ
ومـــا رأيُ زيـــــــدٍ أو عــبــيــدٍ مُـــنــــــزّلٌ
مِــنَ الـلّــهِ يَـلـوي مَـن يُـخــالـفـه الجَـبـرُ
كـــزارع نـخـــلٍ حــيــن أبـســـــرَ جــــاءهُ
قــــؤولٌ: أنـــا أولـــى إذا أيـنــع الــتــمـــرُ
فــــذا قـائــل: «نخـلي»، وذلـك قـائـل:
هـي الأرضُ يقـضي في تملّـكهـا الظَّـفْـرُ
فــقـــال: أعِــنّي فـي بـقـيـة مَـــوســـمـي
وشــــاركـنيَ الـغــلّاتِ إن أرطـبَ الـبُـســرُ
فسلّ عليه السيفَ، فاحكمْ أخا الهدى
بـمـا شــرع الـرحـمـن، أنـت لــهــا بَـحْــرُ
قـضـيّـة شَــعـبٍ هَـبَّ مـن كــلّ مـســجــدٍ
يُـكَـبّـر لـلـرحـمـن فــانْــدَحَــر الــكِــبْـــرُ
فـجـــــاء أخــــــوه طـــاعــنــاً لا مُــــؤازراً
فــزاد جِــراحَ الـصَّــدر مـا لَـقِي الظّـهــرُ
تَـركْـتُ قـضـاةَ الـعـالـمـيـن فــعَــدلُــهــم
إلى عـدل شــرع الله في مـثـلـهـا صِفـرُ
وأنـتَ أمــيـــرٌ فـي الـجـــهــــاد مُــــؤمِّـــــلٌ
خِــلافــةَ ربٍّ عـنـده الـسّـــرُّ والـجــهـــرُ
أبـا بـكــــرٍ الـيــــومَ الـقــــويُّ مُــســـلَّــطٌ
وفـي الـغــدِ مـأســورٌ يـحــاصـرُه الـقـبـرُ
فـيُـسـأل عـن كـل الــدّمــاء ومَـنْ تُـــرى
يـبــوءُ بـهـا والـقـلـبُ مـبـلـغُــه الـنّـحـــرُ
وأوّلُ مــا يُـقـضـى بـــــه فـي مَــعـــادِنــــا
دمـــاءٌ أريـقـتْ مــا لـســافِـحــهـا عُـــــذرُ
فـهـل كـان مَـن أفـتى بـسـفـكٍ مُـخَـــوّلاً
من الـلّـه أو يلـغي «وأفـتـوك» مُـغــتـــرُّ
و«هـلّا شـقَـقْـتَ» القلبَ نهـجٌ بديـنـنــا
نَـمَـرُّ بـــه غُـفْـلاً وقـد وَضُــحَ الــزّجــرُ
فـكيفَ بـمَـنْ صـلّـى وصــام مـجــاهــداً
ويُـعـرف بالـتّـقــوى ومـحـضــرُه خـيـــرُ
فـإن تــرَ حِــلّاً ســفـكَ مـثـلِ دمـائـهــم
إذا أعـرضــوا عن بـيـعـةٍ لـكَ أو فَــــرّوا
فـلـيــس على بـشـــــارَ ذنـبٌ بـقـتـلـهــم
إذِ انْـتـخـبوهُ قـبْـلُ طـوعـاً أو اضـطـرّوا
ولو تؤخـذُ البيعـاتُ بالسـيفِ لم نـزلْ
على عـهـدِ مُـحـتـلٍّ وطـالَ بـنـا الـضُّــرُّ
ومــا نـــال بَـيــعــاً هـاشـــمـيٌّ بِـسـيــفــهِ
ولـكن بحـبِّ الـنّـاسِ إن عظُـمَ الــقَـــدْرُ
فـلا تنـقـضِ الـنهـجَ الـكـريــمَ بصـبـوةٍ
فـمـا تـبـلـغُ الأســيـافُ ما يَـبـلـغ الـبِــرُّ
وغــايـتــك الأســـمـى إذا هِــيَ قُـــدِّرتْ
بمـكـنـونِ عِلـمِ الـلّــهِ كـان لـهـا نَـشْـــرُ
فـلا تَـلْـقَـيـنَّ الـلّــهَ بِالْـقَـتْـلِ فـي الّـتيْ
لِـحَـقْـن دمــاءٍ عافَـهـا عَــمُّــك الــبَـــــرُّ
فــأورثَــنــا مَــجــــــداً ونــــال ســـــيــادة
بـهـا بَـشَّـر الـهـادي وحُـقّ بـهـا البِـشـْـرُ
كـذلـك نـهـج الـهـاشـمـيّين في الــدِّمـا
وما طابَ أصلاً طابَ في فرعِهِ الـزّهـرُ
فـلا تـكُ عـن نـهـجِ السّــلامةِ والتُّـقـى
بـعـيـداً فـإن الـخـيـر يطْـلـبُـه الخـيـرُ
ودونَــك طــاغـــوتٌ فَــأصــمِ فــــــؤادَهُ
بسهـمِكَ دونَ المسـلمينَ فـهـم ذُخْــرُ
ســلامٌ على مَـنْ مِـنـهُ يـسْـلَـمُ مُـسـلِـمٌ
وفي سـيفـه مِـن عـرْق طاغية قَـطْـرُ