بقيّة إنسان
د. جعفر الكنج الدندشي
ألـمُّ بقيـّة الإنسان منّـي وأسعى في رحاب النفس أبني
فيشرد في الخيال كفاف عمري بقايا...لم تزل تجتاح ذهني
أُعذِّب أو أُعَذّبُ... لست أدري هل الآمالُ أوهامٌ بظنّي ؟
يكاد الوجد يحصدني حصاداً وأُتـركُ للرياح بدون وزن
أعاوِد كرّتي ... أستلُّ قلبـي كسيفٍ قد تصدّأ بعد وهـن
فلا كـرٌ ولا فـرٌ ولكـن ذراع العمر يحملني ولحنـي
سأنظر كيف يأتي الموت نحوي يلملمني فيملأ جيب عيني
ترابـاً يقنعـنّ المـرء لمّا يغـادر للحقيقـة بالتـأنـي
أنا المدفـوع من ماضٍ لأتٍ ككلّ الناس كي أفني وأجني
تظلّلني المخاوف منذ عهـدٍ بعيدٍ مَضّني ليخيـب ظنّـي
أُراود ذكرياتٍ نلـتُ منهـا وما زالـت تنال الودّ منّـي
لعلّي من ربيع العمر فيهـا تركـت بقيةً غابـت فأثنـي
عليها بالتحيّـة، ليـت أنّـي نسـيت الدهر خلفي بالتمنّي
جنوب الشام إن أيقظت قلبـاً تفتّتَ قبل أن يُضنى ويُضني
فتلك ربوع (إربد) قد رمتني ولم أرمِ، فكيف بها رمتنـي؟
لتوقظ من بقايا الشوق لحنـاً ينوح بمهجة المنفيِّ تُدنـي
لقائي والحنين بكـلّ عنـفٍ أجيج الشوق يُلهبُ دمع عيني
تَراني ألثـمُ الأحجـارَ منها أُقـاوم غربةً قـد مزّقتنـي
وأنّي في جنوب الشـام أحيـا مع الأحـلام فيما قيل عنّي
ورؤيا لن تفارقنـي حياتـي عرجت إلى سماءٍ لم تخنْـي
ولكن عند (أمّ القيس) جالتْ حرائق في عروقي خضْرمتني*
هنا (الجولان) يدعو، قال :أهلاً تمهّل... لاتسر نحوي لأنّي
فقدت طهارة الأوطـان لمّـا تعالـوا بالتآمـر والتجنّـي
مروراً بالخيانـة والتفانـي ببعض بطولـةٍ من دون وزنِ
وقال: هناك في خصري دموعٌ على (طبريّة) السـمحاء تُثني
وخلف تلالنا (حطين) ترجـو (صلاح الدين) أن يأتي فيجني
هنا (اليرموك) أجهشني بكائي ويسأل ،أين (سيف الله) منّي؟
فتبحث مُقلتي اليمنى وتأبـى جواب المقلة اليسرى وتحني
تطأطئُ جفنهـا خجـلاً وذلاًّ ودمعاً كم يُقرّح رمش عينـي
هنالك أدمع الملهـوف يومـاً تمادت في بكاءٍ ليس يُغنـي
دموعٌ دون بـذلٍ لن تسـاوي سوى أصداء أصواتٍ تغنّـي
تـذوب بقيّـة الإنسان منّـي وأُشغـلُ في البقايا والتمنّـي
وتملأ مهجتي الحسراتُ حتى تمزّق أضلعي ويضجّ وهنـي
أم قيس : مدينة صغيرة في شمال غرب الأردن، تطل
على بحيرة طبرية وهضبة الجولان و وادي اليرموك وفي الأفق تظهر حطين