ياسمين على نهر العاصي

ياسمين على نهر العاصي

شعر : سليم شاكر

هاهنا كان يمر النهر مزهواً بضم الياسمين ِ

يتملى لون عشب وعيون ِ 

يتلوى بين أشجار حقول ِ

بين تل عاطر الأنفاس ..  حاسي

وسفوح وسهول ِ

يتهادى .. في هدوء وسكون ِ

بين أكواخ أناس ِ

بسطاء ٍ سعداء ِ

يتمطى تحت أعواد الجسور ِ

عند بستان زهور ِ

يتلطى خلف عشب وصخور ِ

وإذا ثار.. تجنى في عتو وخرير ..

والنواعير تغني في الأماسي ..

والبكور ِ

وهنا كانت بنا أكنافه تزهو

وهنا كنا نجاريه .. ونلهو

نعبر النهر اجتراء وارتماء ا

وهنا كنا نداريه ...  ونسهو

نعبر النهر ارتخاء وامتطاء ا

إن سبحنا ضمنا ضمة صبّ ِ

أو شربنا جرنا جرة صحب ِ

أو صبونا قام يصبو ثم يُصبي

هاهنا كان وكنا

وهنا بين عروش الياسمين ِ

تخذ البلبل عشاً يتقي فيه ..  زيارات المنون ِ

كلما صفق غصن أو تلوّى

رجّع البلبل  لحناً ساحراً أغوى وأقوى

آمناً من حسد الحاسد أو رصد العيون ِ

ثم مرت من هنا أخلاط قوم  آخرين َ

لم يكونوا عربا ً أو مسلمين َ

أثمودا ؟؟

لم يكونوا من ثمود ِ

أيهودا ؟؟

ربما كانوا يهوداً أو بقايا من يهود ِ

ربما بعض الأسود ِ 

ربما بعض الضباع ِ

ربما من ساكني الغابات ِ أو بعض التلاع ِ

فلها الويلات من أُسْد ٍ خسيسه

أغرقوا النهر دماء ودموعا و جماجم ْ

بقروا خاصرة الحامل بالسيف المصفَّحْ

مسحوا وجه رضيع وهو نائم ْ

سحلوا جسم عجوز جاوز التسعين صائم

رفسوا صدر قعيد يترنحْ

مزقوا القرآن والإنجيل والصحْف النفيسه

جعلوا المسجد أكوام َ حطام ٍ   والكنيسه

قطعوا سوسنة لم تتفتح ْ

أحرقوا غابة زيتون وأعشاش الحمائم ْ

نسفوا الجسر وأبراج المدينه

وبيوت الفقراء ِ

جبلوها بالدماء

طينة هذه  !! ؟؟  أم لعنة طينه  !!!

لملم البلبل ما قد تبقى من خواف و قوادم ْ

ومضى ..  ودّع عشأً ..  ودياراً دارسات  ..  ومآتم ْ

وجرى النهر وئيدا

شيع النهر شهيداً  وشهيداً  وشهيدا

وترامت ياسمينه

زهراً أبيض أكفاناً حزينه .......... !!!!!