أحقّاً أنّكم عربُ
د. أيمن العتوم
إلى أهل غزّة الصّامدين، لو كان يجدي الكلام ... ولكنّها نفثات مشاعر ذبحتها رصاصات الرّضوخ...
أَحـقّـا أنّـكُـمْ عَـرَبٌ وأنّ يَـدًا إِذا مُـدّتْ لِـقَـتـلي وأنّـي إنْ أُواجِـهْ أَلـفَ ذِئـبٍ فَـمَـا لَـكُـمُ عَلَى ذَبْحِي اتَّفَقْتُمْ * * * أحـقًّـا أنّـكـمْ عَرَبٌ كِرامُ ؟! لَـهُـمْ خَـيْلٌ عَلَى صَهَواتِ مَجْدٍ وَأَنّ أَخِي...أَخِي ...مَا رَفَّ رِمْشٌ وَأنّـي إِنْ يَـجُـعْ يَفْزَعْ لِلَحْمِي فَـمَـا لِي لا أَرَى إِلاّ حِصارًا؟! وَتَـقْـضِـي مِنْ قَسَاوَتِهِ شُيوخٌ * * * أَحَـقًّـا أَنّـكُـمْ عَرَبٌ كِرامُ ؟! فَـمَـا لـي كُـلّما نادَيْتُ: قَوْمِي أُدافِـعُ عَـنْ كَـرَامِـتِكُمْ وَأُرْمى فَـيَـا عَـرَبًا مَخازِيَ في مَخَازٍ ثِـقُـوا أَنِّـي إلـى عِزٍّ طَرِيقي وَمَـا أَجْـدَى السُّكوتُ على عَدوٍّ وَلَـكِـنْ بِـالـسّـيوفِ يُردُّ حَقٌّ | كِـرامُوأنّ الـجـارَ مِـنْكُمْ لا يُضَامُ تَـثورُ لِقَطْعِها العُصَبُ العِظامُ ؟! سَـتُرْعَى حُرْمَتِي ويُصانُ ذَامُ !! وَغـاصَ بِلَحْمِ جَوْعايَ الحُسامُ ؟! * * * عَـلَـى أَقْـدَامِهِمْ يَجْثُو الغَمامُ ؟! إِذا رَكِـبُـوا الـرَّدى ثَارَ القَتامُ عـلـى عَيْنِ...وَمَا سَجَعَ الحَمامُ فَـيَـأْكُـلَـهُ إِذا قَـلّ الـطَّـعامُ يَــمُـرُّ بِـمُـرِّهِ عَـامٌ وَعَـامُ وَيَـنْـهَـشُ جِـلدَ أَطفالي السّقامُ * * * يُـشـدُّ بِهِمْ إِذا اعْتَدَتِ الطَّغامُ ؟! ذَوَى صَـوْتِي وَأَسْلَمَنِي النِّيامُ ؟! بِـأَسْهُمِكُمْ، وفي صَبْرِي أُلامُ !!! لِـسُـوْءِ صَـنِيْعِها عَجِبَ اللِّئامُ وَلَـوْ - وَحْـدي - تَلقّانِي الحِمامُ لآمَـنَـهُ، ولا أَجْـدَى الـكَـلامُ وَتُـرعَـى بِـالـصَّوارِيخِ الذِّمامُ | ؟!
أَحقّا أنّكمْ عَرَبُ ...؟!
وَأَنَّ عُروقَكُمْ فِيها دَمٌ يَجْرِي
وَيَجْمَعُنا رِباطُ الدّينِ والنّسبُ ؟!!
أَنا باللهِ أَسْأَلُكُمْ:
أَمِنْ حَقِّ العُرُوبةِ أَنْ أَمُوتَ بِسَيْفِكُمْ غَدْرًا
وَجُرْحِي نَازِفٌ سَرِبُ
أَمِنْ حَقِّ العُروبَةِ أَنْ أُذبَّحَ دُونَما رَحمَةْ ؟!
وَأطفالي – على جوعٍ – يَذُوقونَ الرَّدى والوَيْلَ والنِّقْمَةْ
وَأَنْتُمْ في عُروشِكُمُ تَموتُ كُروشُكُمْ تُخْمَةْ !!!!
**********
أحقًّا أنّكمْ عَرَبُ ؟!!!
تَوَاطَأْتُمْ على ذَبْحِي ...
وَجاءَتْكُمْ لِتُمْلِي رَأيَها (لِيفْنِي)
وَتَبْصُقَ في وُجُوهِكُمُ وَتَنْسَحِبُ
وما لِي مِنْكُمُ إلاّ الخَنَا وَالرِّجسُ والكَذِبُ
أحَقًّا أنّكمْ عَرَبُ ؟!
أنا ما قُلْتُ: هَاتُوا لِي مَدافِعَكُمْ ... ولا حتّى مدامِعَكُمْ
أنا ما قلتُ: رُدُّوا سَيْفِيَ البتّارَ إِنَّ السَّيفَ مُستلَبُ
لأنّي لَمْ أَكُنْ يَومًا لأُحْرِجَكُمْ
ولكنّي أقولُ لَكُمْ: دَعُونِي في أَتُونِ الحَرْبِ وَحْدِي
إِنّني كَالرُّمْحِ أَنْتَصِبُ
ولا تَتَعجَّلُوا مَوْتي لِكَيْ تَتَقاسَمُوا إِرْثي
يُباعُ لِحِقْدِ أَعدائِي وَيُنْتَهَبُ
وَلَسْتُ أُرِيدُكُمْ عَوْنِي
وَلَكِنْ أَطْلِقُوا كَفِّيْ أُعِنْ نَفْسِي فَأَنْتُمْ قَيْدِيَ الأَشِبُ
ولا اسْتَجْدَيْتُكُمْ لُقَمًا عَلَى سَغَبٍ
مَعابِرُكُمْ هِيَ السَّغَبُ
وَحِيْنَ أَسِيْرُ وَحْدِي شَامِخًا أَنِفًا
وَتَعْوِي حَوْلِيَ الذُّؤبانُ والنُّوَبُ
قِفُوا عَنِّي بَعِيدًا أَكْفِكُمْ نَفْسِي
وَلَكِنْ يا زَعَامَاتي: أُناشِدُكُمْ بِألاّ تَنْزِعُوا سَيْفِي
وَأَلاَّ تَقْطَعُوا كَفِّي
وَأَلاّ تَقْلَعُوا طَرْفِي
وَتُلْقُونِي إِلى حَتْفِي
***********
أَحقًا أنّكمْ عَرَبُ ؟!!!!
تَرَوْنَ دِماءَنا تََجْرِي وَتَنْسَكِبُ
تَرَوْنَ عُيونَنا فُقِئَتْ ....
تَرَوْنَ لُحومَنا عَنْ عَظْمِها نُزِعَتْ
تَرَوْنَ كُبودَنا قُطِعَتْ
تَرَوْنَ قُلوبَنا مِنْ صَدْرِها اجْتُثَّتْ
تَرَوْنَ رُؤوسَنا عن جِسْمِها فُصِلَتْ
وَتَنْدَهِشُونَ مِنْ عَجَبٍ ... وَأَنْتُمْ كُلُّكمْ عَجَبُ
وَتَنْتَفِضُونَ مِنْ غَضَبٍ ...!!
تُرى مَا زالَ فِيْكُمْ سَادَتِي الغَضَبُ ؟!!!!
وَتَبْتَعِثُونَ أَوْراقًا مُدبَّجةً
وَتَرْتَاحُوْنَ مِنْ عَنَتٍ ... فها أنتمْ شَجَبْتُمْ مِثلَما يَجِبُ
وَنَحْمَدُ رَبَّنا حقًّا ....!!!
لأنَّ السّادةَ الزُّعماءَ بَعْدَ الرّأيِ والتّمْحيصِ وَالتَّدْقيقِ قَدْ شَجَبُوا !!!!
إذاً شُكرًا لكم يا سَادَتِي يا أيُّها العَرَبُ
بِشَجْبِكُمُ انْتَهَى ذَبْحِي
ورَاحَ عَدُوُّنا كَالفَأْرِ يَنْسَحِبُ
***********
أَحَقّا أنّكمْ عَرَبُ ...؟!!!
أَنا شَعْبٌ يُذبَّحُ مِلْءَ أَعْيُنِكُمْ
وتُقْصَفُ أَرْضُهُ قَصْفَا
وَتُنْسَفُ دُورُهُ نَسْفَا
وَتَسْقُطُ فَوقَها الشُّهداءُ تُهْدِي رُوحَها نَزْفَا
ولا يَهتزُّ مِنكُمْ سادَةٌ نُجُبُ
أحقّا أنّكمْ عَرَبُ ؟!!!
تَنادَيْتُمْ إِلى قِمَمٍ ... ومَاذا تَصْنَعُ القِمَمُ ؟!!!
زِبالاتٌ مُكوَّمةٌ ....
تُباعُ بِها بَيَانَاتٌ ....
لِساداتٍ هُمُ الرِّمَمُ
وَأَفْصَحُهُمْ إِذَا ما جَاءَ يَخْطُبُ تَضْحَكُ العَجَمُ
إذاً ماذا تُساوِي قِمةٌ قاعٌ ...؟!
أنا مَا احْتَجْتُ قِمَّتَكُمْ ...
وَلا وُزَرَاءَكُمْ يَسْعَوْنَ مِثلَ نَعامةٍ ثَكْلَى بِها وَرَمُ
ولا أَشِرًا إِلى السّفّاحِ يَحْتَكِمُ
وَلَكنِّي لَكُمْ رَحِمُ
صِلُوهَا قَبْلَ تَنْفَصِمُ
وَمِنْ عَجَبٍ تَرى المَقْتُولَ مُعتذِرًا لِقاتِلِهِ
وَجلاّدًا يُمَسِّحُ سَيفَهُ قَرِفًا وَيَحْتَشِمُ
أنا ما احْتَجْتُ قِمَّتَكُمْ
وَلَكنِّي أُرِيْدُ كِلابَكُمْ أَنْ تَرْعَوِي عَنِّي
وَأَنْ يَتوقّفَ التّنْدِيدُ وَالتَّحْقِيرُ وَالتُّهَمُ
فَما كَانَتْ صَوارِيخي لِرَدْعِ كِيانِهِمْ عَبَثًا
أَنا حَتْفٌ لِمَنْ ظَلَمُوا
فَمَا شَأْنِي بِهِمْ إِنْ قَبَّلُوا أَقْدامَ أَمْرِيكا
وَمَا شَأْنِي إِذا انْهَزَمُوا
أنا قاوَمْتُ وَاسْتُشْهِدْتُ كَيْ أحيا ...
وَهُمْ فِي ذُلِّهِمْ جَثَمُوا
***********
فَيَا عَربَ الخليجِ إِلى المُحيطِ ...
إِلى الشّمالِ ... إِلى الجَنوبِ ...
أُهِيبُ بِكُمْ ... تَعالَوْا قَاتِلُوا مَعَنا
تعالَوْا قَاتِلُوا مَعَنا
قِفُوا في وَجْهِ مَنْ خَذَلُوكُمُ حِصْنا
وَباعُوكُمْ بِلا ثَمَنٍ كما باعوا مَواجِعَنا
ألا بِاللهِ لا تَنْسَوْا فَواجِعَنا
ولا تَنْسَوْا إِذا أَطْفالُكُمْ نامُوا هَنِيئًا
أنَّنا فِي القَصْفِ لَمْ تَغْمَضْ لنا عَيْنُ
وَإِنْ شَبِعَتْ صِغارُكُمُ ... وَزَادَ بِصَحْنِكُمْ زَادٌ
بِأنّا مُنْذُ أَعوامٍ وَلَمْ تَشْبَعْ لَنَا بَطْنُ
وَلا تَنْسَوْا ... إِذا شَرِبُوا حَلِيبًا طَازَجًا ...
صُبْحًا ... مَسَاءً ... وَارْتَوَى البَدَنُ
بِأَنَّ الأُمّهاتِ صُدورُها جَفّتْ ...
وأنّ عُروقَنا يَبِسَتْ
وَأَنَّ صِغارَنا انْطفأتْ
وَجَنْدَلَ رُوحَها الوَهْنُ
ولا تَنْسَوْا إِذا أَنْتُمْ تَمتَّعْتُمْ بِأَضواءٍ مُزَخْرَفةٍ
بِأَنَّ نَهارَنا لَيلٌ ... وَأنّا لَيْلُنا مِحَنُ
ولا تَنْسَوْا ... أَلا بِاللهِ لا تَنْسَوْا
بِأنّا رَغْمَ كُلِّ الجُوعِ وَالتّدْمِيْرِ وَالتّقْتِيلِ وَالتَّشْرِيدِ ...
رَغْمَ حِصارِنا ظُلمًا ... لِغَيْرِ اللهِ لا نَعْنُو
***********
أَما وَاللهِ يَا غَزَّةْ
وَيَا أُمَّ الهُدى وَالمَجْدِ وَالعِزَّةْ
أَما وَاللهِ لَوْ صُنَّا عُروبَتَنا
لَقَامَتْ دُونَكِ الأَرْواحُ مُهْتَزَّةْ
عَلَى وَقْعِ الرَّصاصاتِ
أَيَا أُمَّ الكَراماتِ
وَيَا مَنْ فَجْرُها رَغْمَ الدُّجَى آتِ
وَيَا مَنْ عَلَّمَتْ كُلَّ الدُّنا مَعْنَى البُطولاتِ
سَيَأْتِي النَّصْرُ مِثْلَ الصُّبْحِ
وَعْدُ الحقِّ مِنْ رَبِّ السَّماواتِ
فَلا تَهِني ...
نِهَايَةُ كُلِّ طَاغِيَةٍ
لِصُنّاعِ النّهَايَاتِ