بدرويش توفي ألف شاعر

كمال طيب الأسماء

[email protected]

أنت يا درويشُ أدمنتَ المهاجرْ

بين عشق الثورة الحمراء

والإنسان

والأرض السليبة

ودماء واحتراقٍ وسجونٍ وذخائرْ

وظللتَ العمرَ تـُهْدي راجماتِ الشعر تـتـرى

في دروب الوطنِ المجروحِ تعدو وتسافرْ

في أتونِ الغضبِ المجنونِ

                        تشدو وتغني بعضَ حين

ثم حينا تتباكى

ثم حينا تتجاسرْ

بسيوف الشعر حطمتَ المعابرْ

واخترقتَ السور حقا وحقيقهْ

شيدوه ..أحكموه

بعتاة وجنازرْ

ورفعتَ الراية الخضراءَ تعلو

وهتفت

قمت ألهبتَ الحناجرْ

هابَــكَ الأعداءُ شعـــرا

هابــك الأعداءُ جســرا

هابــك الأعداءُ قـَسْــرا

وصدى صوتك هــــــادرْ

***

في تراب الأرض يوما لم تسامحْ

في تراب الأرض يوما لم تمازحْ

وسكبـت الشعــر من حــرفٍ ودمْ

فــوق ساحات المذابـــح

كنت بالحرف سياطا من جحيم

غيــرت كـل المــلامــحْ

وأغــاظت كـل جـــائــر

***

أنت يا درويش أدمنت الكتابهْ

في عيون الوطن المجروح

في يافا وصيدا والخليل

كنت مثل الشبح المارد في وجه العصابهْ

لم تكن تأبه يوما لأساطين الرقابهْ

أنت أفهمت شعوب الأرض غصبا

أن للشعر مهــــابهْ

قلت للعالم زهوا

إن للحرف صلابهْ

قلبك المملوء حبا وحنينا ومآثر

خلد الأرض إباء وانتفاضا ومجازر

ثم أوهى عزمَه الجبارَ داءٌ

والطبيب الفذ حائر

قالها والناس تأسو

قلب درويش يموت

غير أني جــدُّ حائر

أهو قلب مثل قلب الناس لحم؟ 

إنني ألفيت نارا وسهاما وشظايا وخناجر

وحجارهْ

إنني ألفيت شعرا ويراعا ودروعا

ومنابر

كلها في قلب درويش تجيش

وهي مازالت تثور 

بشروهم

بشروا الأرض التراب

بشروا أحضان يافا

بشروا حيفا وصيدا والخليل

بشروا تلك المعابر

بشروا هذي المقابر

فبدرويش توفي ألف ثائر

وبدرويش توفي ألف شاعر