في رثاء الشيخ أبي بدر المطوّع.. يرحمه الله
هل تَوارى، مَن ثوى في كل صدر!؟
عبد الله عيسى السلامة
لم أعرف الشيخ أبا بدر ، يرحمه الله ، بشخصه .. لكني عرفته ، عبر عطائه الجمّ ، وجوده الفيّاض ؛ إذ كان يحمل أعباء الألوف ، من الأسر السورية المنكوبة ، في ثمانينات القرن الماضي ، وهو طلق الوجه ، منشرح الصدر ، مبسوط الكفّ بالخير! وحسبُ أولي الألباب ، هذا النوع من المعرفة ، بالرجل ؛ لتتفطر الأكباد ، حزناً عليه .. وتنطلق الألسن ، بالدعاء له ، والثناء عليه .. ومن لايشكر الناس لايشكر الله !
ورحم الله من قال :
لعمركَ ماالرزيّة فقدُ مالٍ ولا شاةٌ تموت ، ولا بـعــيـرُ
ولكنّ الرزيّة فقدُ شهم يموت ، لموته ، خلقٌ كثيرُ
*
وقد كتبت هذه القصيدة ، في رثاء الشيخ ، يرحمه الله .. في الأسبوع الذي مات فيه ، وأرسلتها إلى مجلّة المجتمع ، بعد مدّة من وفاته ، لكنها لم تنشر، وهي بعنوان : ( هل توارى مَن ثوى في كل صدر!؟ )
أرجو التكرّم بنشرها ، في موقع : ( رابطة أدباء الشام ) ، إكراماً للرجل ، الكبير حقاً ، النبيل حقاً .. ولو بَعد هذا الزمن المتطاول ! لعلها تفيه بعض حقّه ، من الشكر ، والعرفان بالجميل .. وجزاكم الله كل خير.
*
هـلْ تَـوارى مَن ثـوى في كلّ صَدر!؟
ذابَ بالآلام والأحـزانِ عـمْـريْ
فـيـكِ يا دنـيـايَ .. يا مَـوقِـدَ جَـمْـريْ
اتْـركيْ لـيْ مـهْـجةً أحـيا بـها
نِصفَها ، أو عُـشـرَها، أو عُـشرَ عُـشـر
اتْـركيْ لـيْ وجْـهَ نَـجْـمٍ أتّـقيْ
بِسَـنـاه عَـسْـفَ لـيـليْ ، حـينَ أَسْـريْ
اتْـركي ليْ .. لا .. فَـما أنتِ التي
يُـرتَـجَى غَـوثٌ ، لـدَيـها، يَـومَ عُـسْـرِ
*
أمّـتيْ - ـيا أنـتِ ..لا أنـتِ - لَها
كلّ مَسعـايَ ، وإزماعيْ ، وصَـبْـريْ
أمّـتيْ ، هـذيْ الـتي أحْـيا لَـها
وبِـها .. مِـنـها ، لـدَيها ، كلّ أمْـريْ
أمّـتيْ لـمْ تَرهَب الدنيا ، ضـُحىً
ولَــكَـــمْ أثـخَــــنَــهـــا خِــــنـجـــرُ غَـــدرِ!
*
كَـمْ ( أبيْ بَـدرٍ) تَـوارى .. إنَّـما
هَـل تَوارى مَـن ثَـوَى في كلّ صَـدرِ!؟
كَـثـُر الأحياءُ والمَوتَى .. فـمَنْ
غَـيْـرُه ، أشْـرَقَ مِـنْـه ألـفُ بَـدرِ!؟
كان لـلأمّةِ غَـيْـثـاً ، في شَـذاً
في سَـنـاً أشْـرَق فـي لـيـلـةِ قَـدْرِ
فالـذي يَـرثـيهِ يَـرثـي أمّـة
غابَ عَـن أبصارها.. في جَـوف قـبـرِ