عِماماتُ الدِّيانةِ ساحِراتٌ

المأمون الهلالي

[email protected]

فَتاتِي هلْ بِدِجْلةَ دَلوُ ماءٍ ؟

فأغرِسَ في رِحابِ الرُّعبِ وَرْدَا

دَعِي عَنكِ التغَزُّلَ واسْمَعِي لِي

حَدِيثًا : إنَّ للتارِيخِ عَوْدَا

أقُصُّ عَليكِ مِن خَبَرِي عَسَى أنْ

يكونَ الهَزْلُ بَعدَ العِلمِ جِدَّا

دِماءُ الحَرْبِ تسقِي كلَّ بَيتٍ

وتُنبِتُ مِن تُرابِ القبرِ حِقدَا

وليسَ الشعبُ إلاّ مِثلَ ماشٍ

جَعَلْتِ لهُ حِبالَ السِّرْكِ حَدَّا

وعَينُ المرءِ ترصُدُ عَيبَ خَصْمٍ

وتمنعُ عن عُيوبِ النفسِ رَصْدَا

مَضَى بَغيٌ لِسُلطانٍ وَحِيدٍ

وجاءَ خُصُومُهُ الباغُونَ حَشْدَا

خَطِيئاتُ القُدامَى والِداتٌ

خَطِيئاتٍ حِداثًا ، لنْ تُصَدَّا

أيا وَطَنِي مَلأتَ الأرضَ جَمْرًا

وفِي نهْرِ الوِصالِ أقمْتَ سَدَّا

تَولاّكَ الخُمَينِي ، لَهْفَ نفسي

على عُربٍ رَمَوكَ فضِعتَ فرْدَا

حَوالَيكَ الجِهَاتُ مَمَرُّ غزوٍ

وأمْوالُ الخَراجِ لهمْ تُؤَدَّى

هَلاكُ المَرْءِ يَأتِي مِن أخِيهِ

على هابيلَ قابيلٌ تعَدَّى

وكلُّ الناسِ مِن سِينٍ وشِينٍ

بِواشنطنْ إمامُهُمُ تبَدَّى

بأمرِيكا أفاعٍ ما توانَتْ

تبُثُّ الخُبْثَ والترْهِيبَ عَمْدَا

سَلُوا إبْلِيسَ مَنْ رَبَّاكَ طِفلاً ؟

ترَوْا هُلِوُودَ في كَفَّيهِ مَهْدَا

مِنَ الأكرادِ أحزابٌ غِلاظٌ

عَلِمْتُمْ غَدرَها قَبْلاً وبَعدَا

تعَصُّبُها تعَصُّبُ تلْ أبِيبٍ

مَضَتْ في بَغيِها نهْبًا وكَيدَا

بِجَانِبِها نِتِنياهُو ضَئِيلٌ

وهِتلَرُ  لو رأها ما تحَدَّى

فَتاتي إنَّما النازِيُّ ذِئبٌ

يَفِرُّ إذا بَعَثتِ إليهِ أُسْدَا

وبَلوَى العُرْبِ أوَّلُها مَجُوسٌ

وإرْثُ اللاتِ والعُزَّى تصَدَّى

وفِرْعَونٌ ، تألَّهَ في زُهُوٍّ

وعاثَ بمِصْرَ تذبيحًا وجَلدَا

ثلاثتُهُم مَصائبُ ، لو مَحَونا

طرِيقتَهم لَكانَ البُؤسُ سَعدَا

أبَغدادُ النبيلةُ كيفَ تغدو

  عِصاباتُ الخُمَيني فِيكِ جُندَا ؟

أتى  قهْرٌ لهُ عِمَمٌ عِراضٌ

وأضْحَى الضيقُ في الأذهانِ أجْدَى 

إذا رَقِيَ المَنابرَ وَغْدُ قومٍ

تساقَينا الضَّلالَ وصارَ شَهْدَا

وأصبَحَ كلُّ إنسانٍ خَروفًا

ولا حَرَجٌ على ذِئبٍ تغَدَّى

ولستُ أهَابُ مِن أحَدٍ مَماتًا

وِثاقَ القهْرِ أخشَى ؛ بئسَ قَيْدَا

وما وَطَنِي سِوَى سِجنَينِ ؛سِجْنٌ

لهُ قَفَصٌ ؛ وسِجْنُ العقلِ أرْدَا

بهِ حَربانِ حَرْبُ الدينِ نارٌ

تُصَبُّ لها زُيُوتُ العِرقِ سَرْدَا

فَتاتِي ما  لِمُختلِفِينَ صُلحٌ

إذا سَيفُ التعَصُّبِ قامَ وَحْدَا

عِماماتُ الدِّيانةِ ساحِراتٌ

يَنالُ بِها ذَوُو الطغيانِ عَهْدَا

تُلَفُّ على رُءوسٍ مِن نُحاسٍ

وإنَّ لها مِنَ المَخدوعِ رِفدَا

وغايتُها نِساءٌ مُمْتِعاتٌ

وبالإكراهِ يَكتَتِبُونَ عَقدَا

أبَا الحَسَنَينِ لو تدرِي بأنَّ ال

خُمَينِي اليومَ عُدوانًا أعَدَّا

لَقُلتَ لهُ : أهذا الدِّينُ مِنِّي ؟

تسُومُ الناسَ تقتيلاً وطَردَا !

فَتاتِي ما  لِكُهّانٍ شِفاءٌ

لقد جعلوا مِن الإنسانِ قِردَا

وساعَدَهُمْ على التقبيحِ جَمْعٌ

"بقاعِدَةٍ" ترُدُّ العَقلَ رَدَّا

تُعَذِّبُ مَن تغَنَّى في زِفافٍ

وتأكلُ مِن بُطونِ الخَصْمِ كِبْدَا !

صَلاحُ الأمْرِ تأمِينٌ وعَدلٌ

ويَومَئذٍ يَقولُ الناسُ : حَمْدَا

فلا جَدوَى مِنَ "الخَضْراءِ" إذْ  لنْ

يَكونَ القِطُّ في الغاباتِ فهْدَا

ولولا عَونُ أُوباما وكِسْرَى

لَأمْسَى ظالِمُ الخَضراءِ عَبْدَا

صَحائفُنا مَحابِرُها دِماءٌ

ويَبقى الثأرُ لِلأحفادِ جَدَّا

حَصادُ اليَومِ بَذرٌ كانَ يُروَى

بِجُرحِ الأمْسِ ، والحُرُماتُ تُفدَى

فَتاتِي لا يُغَنِّي الحُبُّ حتَّى

يَصِيرَ العَسْفُ في بَغدادَ رُشْدَا

لِماذا يا عِراقُ لطَمْتَ صَدرًا

وقطَّعتَ الوِدادَ وقُلتَ : بُعدَا

بِلا حُسْنٍ ولا رأيٍ سَدِيدٍ ؟

وفي ماضِي الزمانِ بَنَيتَ مَجْدَا

بِطَعمِ الحُبِّ تفرَحُ كلُّ نفسٍ

ولكِنْ مَنْ أَحَبَّكَ ماتَ وَجْدَا

لكَ العُتبَى على غَضِبي إذا ما

    جَفا نُطقِي الشَّجِيُّ وجارَ قصْدَا  

إذا طِفلٌ بأرْضِكَ خافَ كلبًا

أباتُ بِنَغْمَةِ الحَزْنانِ سُهْدَا

مَتى تحيَا فأحيَا ، إنَّ رُوحِي

مُفارِقَتِي ، وجِسمِي ذابَ جَهْدَا

أرَى المأمُونَ مُلتقِيًا بخَوفٍ

وفي بَلَدِي يُلاقِي الضِّدُّ ضِدَّا

وإنَّ الفقرَ والتَّرْحالَ ذلٌّ

يُلازِمُنِي غِطاءً أو مِخَدَّا

أُسالِمُ مَن يُسالِمُنِي لِحُبٍّ

وحِبْرِي في الطغاةِ يَزِيدُ وَقدَا

أُلَمْلِمُ ما أسالتهُ المَآقِي

  لِأَسقِيَ في مَصِيفِ الحُلْمِ رَندَا

أطلتُ عَليكِ شِعرِي فاعذِرِيني

فإنَّ الحُزنَ لِلكلِماتِ مَدَّا

فَتاتِي هلْ لِصُبحٍ مِن طُلُوعٍ

فلَيلُ الظلمِ بِالآهاتِ يَندَى

.................

(1) وَجْدَا : حُبًّا وحُزنًا (2) لكَ العُتبَى:أطلبُ رِضاك.

( 3) جارَ قصْدَا: مالَ وظلمَ.(4) رَندَا: شجرًا طيِّبَ الرائحة.

(5) يَندَى: يَرتفِعُ صَوتُه.

حُرِّرَتِ القصيدةُ غَداةَ الأحدِ لِلَيلةٍ بَقِيَتْ مِن حَزِيرانَ عامَ أربعةَ عشرَ وألفَينِ.

29/ يونية /2014