في حوار مع فكر الشهيد حسين مروة

كوكبة من الكتاب والمفكرين العرب

حسين مروة

شاكر فريد حسن

[email protected]

الدكتور حسين مروة شخصية فكرية وسياسية واجتماعية عملاقة، شكلت الكتابة عنده فصلاً ابداعياً وكفاحياً.وقد خاض غمار الكتابة في مختلف الفنون ،السياسية والاجتماعية والأدبية والنفدية والنثرية والوجدانية وأبدع فيها.

اغتالته قوى الغدر الطائفية الوثنية الظلامية في لبنان أمام بيته وعلى مرأى من زوجته العجوز، مستهدفة من وراء هذه الجريمة الدموية النكراء اغتيال وقمع الصوت الدمقراطي الثوري الماركسي الطليعي ، الذي آمن به شهيدنا حسين مروة وتغييب دوره النضالي البارز في معركة الدفاع عن حرية الانسان المظلوم والمقهور ونشر الوعي الانساني الصادق والفكر التنويري العلمي النقدي. ولكن اذا كانت هذه الأيدي الآثمة نجحت في تغييب جسد شيخنا الجليل إلا انها فشلت في تصفية أفكاره التحررية التنويرية ، وها هي شعوبنا العربية بكل تياراتها الفكرية والمذهبية تتسلح بهذه الكتابات في مواجهة كل المعضلات والطروحات والتخريجات البرجوازية وتعمق أفكاره بين الأجيال الصاعدة والقادمة.

قدم الدكتور حسين مروة للمكتبة العربية عدداً من الكتب النقدية والدراسات التراثية ، أبرزها انجازه التاريخي"النزعات المادية في الفكر العربي الاسلامي "الذي شكل قاعدة صلبة للبحث الماركسي في تراثنا الفلسفي العربي.

بعد رحيله تزايد الاهتمام بالتراث الفكري الفلسفي الذي تركه وخلفه لنا ، ونشرت المقالات والدراسات الكثيرة في مختلف الصحف والمجلات والدوريات الثقافية العربية ، تناولت بالبحث والتحليل العميقين نتاجه الأدبي ـ الفكري . وأصدرت دار "الفارابي" كتاباً لكوكبة من الكتاب والمفكرين العرب بعنوان "حوار مع فكر حسين مروة" جاء في 350 صفحة من الحجم الكبير ، وهو عبارة عن مقالات ودراسات وأبحاث شاملة تلقي الظلال والأضواء على مسيرة مروة النقدية والفكرية والميادين التي خاض الكتابة فيها .

يبدأ الكتاب بمقدمة للناقد اللبناني محمد دكروب يؤكد فيها أهمية وقيمة هذا الكتاب لكونه حواراً مع فكر حسين مروة ، أي ان معظم المقالات والدراسات التي يضمها لا تنطلق من الموقع المتفق تماماً وبالكامل مع فكر مروة، بل من المواقع المختلفة معه في جوانب عديدة وأحياناً اساسية في فكره وفي ممارسته لمنهجه، ولأنه يمثل ظاهرة تترسخ وتتطور في مسار الفكر العربي التقدمي وهي حوار الماركسية من داخل الماركسية نفسها.

يقسم الكتاب الى 5 اقسام:

القسم الأول : يتحدث عن حسين مروة في مجالاته المتعددة ، فمهدي عامل رفيق مروة في الكفاح والشهادة ،والذي اغتيل هو ايضاً برصاص الطائفية المجرمة ،يرسم صورة انسانية لحسين مروة فيرى انه في سيرة فكره ونضاله تختلط حياته ضد قوى القهر وأفكار القهر، ومنذ ان طردته من ارض العراق قوات الرجعية والتبعية ثار مع الثائرين على النظام في كتابات يومية هي رصد للواقع بعين الوجدان وموقف سياسي منه، انه موقف من الكلمة عنده قاصدة صائبة ، انه موقف مناضل. ثم يؤكد على "ان لحسين مروة، هذا الكادح من المهد الى اللحد، تاريخ كفاح هو تاريخ حياة بكاملها، حياته أم حياة شعبه؟حياته أم حياة حزبه؟ ويشير الى انه "كان راسخاً في فكره منذ ان ولد الى الوعي الذي سيكون وعيه ، وخاض معركة الواقعية في حقل النقد الأدبي وسيخوض معركة المادية في حقل  الدراسات التراثية. وكان في كل مرة يخوض معركة الحرية والدمقراطية من أجل التقدم والاشتراكية".  

ويتناول محمد دكروب ملامح من المسيرة الفكرية لحسين مروة مؤكداً على حقيقة انه منذ ظهور حسين مروة كاتباً ارتبطت صفته هذه بصفة كونه مناضلاً، فلم تنفصل الكتابة عنده ولا في اية مرحلة من مراحل حياته عن نشاطه العملي كمناضل، حتى كتابه الموسوعي الشمولي الأكاديمي "النزعات المادية" انما كتبه في الأساس كإسهام في معركة ايديولوجية وكسلاح معرفي في معركة فكرية سياسية طبقية راهنة. وكان يرى في التزامه كتابة المقالة اليومية والأنواع الكتابية الأخرى شكلاً هاماً جداً من أشكال الممارسة الكفاحية باعتبار هذا الشكل علامة من علامات الحضور النضالي اليومي واسهاماً مباشراً في إنارة الوعي بالقضايا المطروحة وطنياً وسياسياً ومعاشياً وثقافياً. 

ويسرد القاص السوريحنا مينه شيئاً من الذكرى وشيئاً من الدمع ،مبرزاً ان حسين مروة المفكر والمناضل والشهيد لم يكن معلماً فحسب، بل كان أخاً كبيراً وكانت معلميته في قدرته ان يجعل الكل يتقبل أفكاره دون ان تلغط القصيدية فيها. يسوق الكلام كأنما يطرح أسئلة ينتظر جوابها ، في حين يتولى هو نفسه الإجابة عبر حوار هادئ. ويذهب الى القول انه اعطى وأفاد وزاد، ومن اعطياته هذا الإرث المعرفي الذي خلفه لنا في الفكر والنقد والدراسة ، لكن عطاء هذا المعلم لم يكن قولاً فقط ولا ابداعياً فحسب ، بل كان فصلاً نضالياً وصموداً ابداعياً هما الذخيرة والأمثولة اللتين ترك لنا ان نتعلمهما من سيرة حياته الحافلة، الجليلة، الماجدة والباسلة، وقد أعطى برهانه النضالي لا من خلال الموقف معه، فقد كان مفكراً مناضلاً قاتل بالكلمة وقاتل بالموقف وقاتل بالجسد، وثبت في بيروت حين كان الاجتياح الاسرائلي يسودها ويظللها ويشعل أبنيتها وشوارعها بالنار.

والقسم الثاني هو حوارات مع فكر حسين مروة في مجال دراسة التراث العربي ، فيتحدث الطيب تيزني عن حسين مروة رائداً مؤسساً في البحث التراثي العربي، ويتوقف عند مؤلفه"النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية" ويخلص الى ان ما فعله في عمله الموسوعي حين بحث في الديني من الموقع المادي الجدلي التاريخي لم يستجب لشرائط البحث العلمي المنهجي عموما فحسب، بل كان في ذلك متطابقاً مع الصيغة المتمثلة تحديداً في هذا السياق بمنطق التجاوز والتخطي وهي الجدلية المادية التاريخية.

ويعرض هادي العلوي الى قضية الاستشراق ورؤية حسين مروة لها ذاكراً  أن الشهيد يلخص جملة من الكتابات الماركسية حول الاسلام والفلسفة الاسلامية معظمها لباحثين سوفييت. وترسم هذه الكتابات الاتجاه المركزي في الاستشراق الماركسي لا سيما السوفييتي ، وان مزايا الاستشراق الجديد تتحدد بالاممية مقابل العنصرية ومركزية العالم مقابل مركزية اوروبا والتمسك بالعقلاني ضد الروحاني.

ويقدم الباحث محمد المصباحي قراءة داخلية لإبراز الطابع الإشكالي من ممارسة حسين مروة النظرية إزاء التراث الذي يتميز أساساً بالتعدد والمفارقة. وهو يرى أن الخطأ الذي يقع فيه البعض عند الحكم على حسين مروة هو أخذهم الدلالة التراثية مكان الدلالة التاريخية أو عدم تبنيهم الرهان التاريخي الذي كان يصوب حسين مروة نحوه سهامه.

ويقوم توفيق سلوم بجولة في أعمال الدكتور حسين مروة التي تعالج تراثنا الفكري ، ويقرر  بأن "العصب الرئيسي في المنهجية الماركسية،المادية التاريخية، التي اعتمدها في دراسة التراث العربي الاسلامي هو من مبدأ "الحزبية" (بالمعنى الواسع للكلمة" ، والحزبية هنا ذات وجهين "حزبية الذات " أي حزبية الدارس و"حزبية الموضوع" أي حزبية المفكرين المدروسين.

ويتناول بومدين بوزين بالتحليل العلمي تجربة حسين مروة في كتابه "النزعات المادية" مبيناً ان يوم استشهاده كان عرساً للدم والحبر وانه قضى سني حياته منهمكاً قي حفرياته في تراثنا العربي الاسلامي باحثاً عن الجوانب المشرقة منه فاكتشف النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية فقتلته النزعات الطائفية. وهو يؤكد على ان كتابه "النزعات المادية"يشكل منعطفاً نوعياً على مستوى المنهج والرؤية ، فهو يمثل مرحلة نضج مروة فكرياً واستكمال ادواته المنهجية ومبضعه النقدي ويمثل من جهة اخرى مدى استيعاب الحركة التحررية العربية للتراث العربي الاسلامي وامتلاكها له ايديولوجياً ومعرفياً في ساحة الصراع السياسي العربي المحتدم.

ويتطرق الدكتور محمود اسماعيل الى مكانة حسين مروة وانجازاته وتميزه في ميدان دراسة التراث العربي الاسلامي ذاكراُ بانه قدم لنا صورة دقيقة للفلسفة العربية الاسلامية واتجاهاتها وتياراتها ليس فقط من خلال النصوص التي كتبها المفكرون ، بل استشهاداً بالمسح الاقتصادي الشامل لبنية المجتمعات العربية الاسلامية.

ويعرض فالح عبد الجبار الى كتاب "سوسيولوجيا  الفكر الاسلامي ومقولات الاقتصاد السياسي الماركسي" وذلك اسهاماً في تطبيق المنهج المادي التاريخي في فهم التراث الذي رسخه الدكتور حسين مروة ، مشيراً الى ان مروة هو احد المعالم الفكرية العقلانية في مجال البحث في التراث الفكري العربي الاسلامي ومجال البحث في التاريخ العربي الاسلامي ، انطلاقاً من الماركسية والمنهج المادي التاريخي.

ويقدم د.علي سعد،حسين مروة في نشيد العقل والفعل الانساني من خلال قراءة في بعض فصول كتابه"النزعات المادية"،وهو يرى ان الموقف الثوري من التراث يضمن تحقيق غرضين رئيسيين هما: استيعاب هذا التراث على نحو جديد وتوظيف هذا الاستيعاب لتعزيز حركة التغيير والتحول في المجتمع. وحسين مروة بموقفه من التراث الثقافي العربي حقق هذين الغرضين على مستوى متميز فخدم بذلك حركة التحرر العربية من خلال خدمته للثقافة العربية، ويشير الى انه من هذا الموقع الفكري الطليعي رأى الى الخط الفاصل بين تراثين، تراث القوى الثورية العربية ذات الحاضر المستقبلي وتراث القوى الرجعية المتخلفة ذات الحاضر الماضوي.

ويتحدث د.حليم اليازجي عن حسين مروة هذا الوجه الآخر من التراث ، مركزاً على ان المنهج الذي اهتدى به الدكتور مروة في دراسته للتراث يحمل في غاياته بعدين اساسيين هما: إمكانية الإفادة من التراث وتوظيفه في الايديولوجية الثورية المعاصرة وتحرير الفكر العربي من تبعيتين كلتاهما تصبان في مجرى واحد هي الميتافيزيقية ، التبعية للفكر البرجوازي القومي الذي فقد ثوريته في الغرب، والتبعية السلفية التي تنتسب الى الايديولوجية الاسلامية وتعمل لتكون وجهها الأبرز في تاريخنا العربي المعاصر.

ويعالج د.عفيف فراج مسألة التراث من الرؤية الماركسية من خلال ابداعات حسين مروة وغيره من المفكرين العرب . ويخلص الى القول ان مروة اخرج هذه المسألة من حدود المطارحة التراثية المأزومة لمسألة "الأصالة والمعاصرة"الى رؤية تصلح ان تكون نواة فلسفة نهضوية شاملة متسقة النهج تنقذنا من التجريبية والانتقائية والتأرجح القلق بين شرق وغرب نعيش دواره منذ قرن ونصف.

والقسم الثالث من الكتاب يتضمن مقالات ومناقشات حول كتابات حسين مروة في النقد الأدبي، فيطرح الدكتور عبد النبي اصطيف الاثر السوفييتي في النقد الأدبي العربي الحديث ومفهوم مروة للواقعية الجديدة، وذلك من خلال استعراضه لكتاب "قضايا أدبية" ،وايراد استشهادات واسعة منه. وهو يرى بأن مروة حين يتحدث عن الأدب الواقعي فإنما يعني ذلك الأدب الذي يبرز صراع القوى المتناقضة في المجتمع، ويظهر هذا الصراع على حقيقته مهما كانت نسبته الطبقية، وبذلك يكون قد ابرز حركة الحياة في تطورها الصاعد . وهو يميز بين نوعين من هذا الإبراز لصراع القوى المتناقضة في المجتمع بين أدب واقعي موجه بصورة انعكاسية ليس معها قصد واضح الى تصوير الحياة الواقعية تصويراً حقيقياً تبرز فيه ثورية الواقع ، وبين أدب واقعي موجه ولكن بوعي وقصد صادرين عن معرفة الواقع الموضوعي وعن نظرة علمية الى العالم الذي يعيش فيه الأديب.

اما الدكتور والمفكر الراحل عبد العظيم انيس فيلحظ ان "قضايا أدبية" هو استمرار للجهد المنهجي الذي بدأه كتاب في" الثقافة المصرية "فهو يتضمن رداً مفصلاً على احتجاجات طه حسين بأن منهجنا في الأدب لا يترك مجالاً لأدب الطبيعة الذي لا ليس له دلالة اجتماعية في رأي طه حسين، لكن حسين مروة قدم استشهادات مطولة للوركا وناظم حكمت ونيرودا وابن الرومي وآخرين، لإبراز انه لا يوجد أدب طبيعة مجرد من النظرة الإنسانية والموقف الإنساني.

ويؤكد عبد الحكيم كاصد على ان حسين مروة دقيق في  المنهج ورحب في التطبيق ، واذا كان يرفض المنهج الذي يقوم على اسس ومقاييس ثابتة ومتحجرة فانه لا ينكر أن أي منهج علمي لا بد ان يقوم على اسس ومقاييس ثابتة من حيث الجوهر ، متحركة ومتطورة من حيث التطبيق ، تراعي الخصائص الذاتية القائمة في كل عمل إبداعي.

وتتحدث يمنى العيد عن حسين المنهج والحوار في الممارسة النقدية مبرزة حقيقة انه كان محاوراً في كل ما كتب وفي كل سلوك سلك، فهو يصغي ولا يعظ، يخاطب ولا يملي، يبحث ولا يفرض. وأنه كان يناقش من خالفوه الرؤية والنظر الى الواقع ، واقع الامور، باحترام حقيقي، فاحترامه لم يكن مجرد قاموس من الألفاظ البروتوكولية.

ويعالج د.ميشال جحا مفهوم النقد الواقعي عند مروة من خلال توقفه عند خمسة نماذج من النقد التطبيقي الذي يورده في كتابه "قضايا أدبية" وهي "فارس آغا" و"الطعام لكل فم" وخطوات في الغربة" وكتاب "التحولات"و"بيادر الجوع" وهو يبيبن بأن حسين مروة ناقد ملتزم ينظر الى الادب من الزاوية الماركسية ويرى بأن الادب يجب أن يكون في خدمة المجتمع وليس المجتمع في خدمة الأدب.

ويشير فوزي معروف الى ان النقد عند حسين مروة رؤية منهجية وفعل إبداعي من خلال مقارنة يجريها بينه وبين محمد مندور وطه حسين موضحاً بأن أهم الأسباب التي جعلتنا ننشّد لهذا المفكر هو انسجام البعد الوطني والبعد القومي مع الماركسية في  تفكيره وسلوكه وكتاباته.

ويحتوي القسم الرابع على شهادات وذكريات عن مروة ، فيحدثنا عبد الرحمن منيف عن لقائه الأخير معه ذاكراً ان الذين قتلوا مروة وبعده مهدي عامل لا يدركون بأن الشهيدين ، بالدرجة الأولى والأساسية، افكار وأن من ميزة الأفكار انه لا يمكن اطلاق النار عليها لقتلها، اذ ان لها قابلية هائلة للدفاع عن نفسها ، تفضح التزييف والخداع ولها قدرة غير محدودة على الاندفاع وتخطي الحواجز.

ويسترجع شوقي بغدادي ذكرياته مع مروة مؤكداً على انه من خلال لقائه به تكرست شخصيته لديه نموذجاً اصيلاً يهب جماع نفسه منذ اللحظات الاولى ويظل هو ذاته طوال السنين لا يتناقض معها ولا يبدل في اسسها . ولكنه مع ذلك يبقى ثراً عميقاً ، قادراً على التجدد في العمق كالمنجم الغني الذي تدهشك كنوزه كلما اوغلت فيه حفراً وتنقيباً.

ويبرز د. علي سعد حقيقة ان مروة كان في حياته أجمل، اما استشهاده فهو بطولة، لأن حياته كانت فيوضاً ربيعية دائماً علينا جميعاً، فلنتذكر دائما حياته.

ويوضح د.علي سعد ان حسين مروة المناضل كان شاعراً في سلوكه وقد اثبتت كتاباته بأنه المقاتل الأكثر توقداً وحماساً وثباتاً وشمول ثقافة وعمق رؤية ونفاذ بصيرة وقدرة تعبيرية على الجبهة العريضة ، التي تتصدى لكل القوى التي تعيق تقدم الإنسان.

ويستعيد احمد سويد ذكرياته عن حسين مروة يوم تكريمه في مؤتمر اتحاد الكتاب والأدباء العرب في الجزائر عام 1984. في حين يتساءل عباس بيضون هل يعلم القاتل انه سفك في حسين مروة عاملياً ونجفياً بالمقدار الذي سفك فيه يسارياً ؟هل يعلم انه وهو يسدد رصاصة الى حسين مروة الذي كان ازمع ان يبدأ من صباحه مجلداً جديداً كان يدثر الرجل ملهبة الذي ظل يتصفى ويشتعل الى آخر لحظة فيه؟!

وفي القسم الخامس والآخير يقدم محمد دكروب أوراقاً من مسيرة حسين مروة وكلمات بمنزلة الوصية عن الفترة العراقية من الدراسة في النجف الى الحزب الشيوعي وملامح في مجالات الكفاح العملي.

وبعد، هذه آراء في واحد من أبرز المفكرين العرب، الشيخ الجليل المشرع الأبواب للنور والمحبة الانسانية الحقيقية، الذي وهب حياته كلها في خدمة قضايا الشعوب المقهورة وترسيخ دور الكلمة الثورية الحقيقية والفكر الحر والعقل النيّر في بناء المجتمع العربي الحضاري، وأكد اغتياله صحة التوجه الفكري الذي اختاره في حياته. ويمكن القول ان هذا الكتاب هو شهادة ساطعة على الاحترام والتقدير الذي يكنه حملة الأقلام لروح هذا العلامة الكبير الذي كان له اليد الطولى في إرساء الفكر الثوري الحقيقي في الثقافة الإبداعية الأصيلة في العالم العربي ، وهو يستحق القراءة والدراسة كونه مساهمة لإبراز الصورة الحقيقية لحسين مروة ، الذي جسد في مسيرته صورة الإنسان "صانع تاريخ الفكر بيده وعقله معاً".

وعلى اجيالنا الصاعدة اعادة قراءة افكار وابداعات مروة الانسانية والتنويرية العظيمة ، التي تعتبر ذخراً للفكر التقدمي  النقدي.