ديوان وليد الأعظمي

عبد الله الطنطاوي

ديوان وليد الأعظمي

الأعمال الكاملة

عبد الله الطنطاوي

كانت فكرة جمع الأعمال الشعرية الكاملة للشعراء الإسلاميين تستهويني وتلحّ عليّ منذ ستّينيات القرن الماضي، وقد بدأنا –في حلب- بجمع الأعمال الشعرية لشاعر الدعوة في حلب، الأستاذ محمد منلا غزيل، وطبعت في ديوان في سورية، عام 1978 ثم أعيد طبع الديوان في دار عمار في عمان عام 1983.

كنت وما زلت أحلم بجمع أشعار شعرائنا: جمال فوزي، وعبد الحكيم عابدين، والباقوري، ومحي الدين عطية، والأميري، وضياء الدين الصابوني، ومحمد الحسناوي، وعبد الله عيسى السلامة، ومحمد المجذوب، ويوسف العظم، وسواهم من شعراء الدعوة في سائر الأقطار، وخطرت هذه الفكرة للأستاذ أحمد الجدع، وأبدى استعداده لطبع ديوان الأعظمي، وديوان يوسف العظم الذي خرج إلى النور مؤخراً، عن دار الضياء للنشر والتوزيع في عمان، وبذل الأستاذ الجدع جهداً طيباً في ذلك.

وزارنا الأستاذ الأعظمي في عمان، والتقينا في ديوان الشيخ المستشار عبد الله العقيل، في عمّان، وذلك بعد سقوط بغداد، وعرضنا عليه الفكرة، فتهلّل وجهه لها، وطرب لهذا الاقتراح، وفوّضنا في جمعه، وترتيبه، وطبعه بالشكل الذي نراه مناسباً، كما فوّضنا باختيار العنوان الذي نراه. وساعدنا الأستاذ حسني جرار في سحب دواوين الشاعر من إحدى دور النشر التي وعدت بنشرها ومكثت عندها أكثر من سنتين دون أن تطبع واحداً منها.

وعرضنا الديوان على بعض دور النشر، فترددت في نشره على حسابها، لأن سوق الكتب عامة، والشعر خاصة، راكدة، والدواوين المطبوعة مكدّسة في المستودعات، ومنها دواوين لشعراء كبار كالأستاذ الأميري، رحمه الله تعالى.

قلت للأستاذ العقيل: لابدّ من تمويل الطباعة.

فانتخى الشيخ العقيل، وقال: بسيطة..

وسارعت إلى تنضيد الأعمال الكاملة، وتصحيحها، كان الأستاذ محمد الحسناوي يقرأ، وأنا أتابع ما يقرأ وأصحح، ثم صححت البروفة الثانية، وبذلت جهدي ألاّ يكون في الديوان خطأ ما. ويحتوي الديوان هذا على أربعة دواوين مطبوعة (الشّعاع، والزوابع، وأغاني المعركة، ونفحات قلب) وديوان مخطوط (قصائد وبنود) وآخر قصيدة نظمها وألقاها في الاحتفال الكبير بجامع الإمام الأعظم في بغداد، بعنوان: (أيها الراشد في أفكاره) حيّا بها الداعية الإسلامي الكبير: محمد أحمد الراشد، الذي عاد إلى عرينه في الأعظمية، وكان ذلك عصر يوم الخميس 31/7/2003 وهذا كل ما أخذناه من الشاعر وليد رحمه الله تعالى.

نضّدنا الديوان، وأطلقنا عليه: (ديوان وليد الأعظمي) الأعمال الشعرية الكاملة، واتفقنا على طبعة أولى (1300) نسخة، مع صاحب دار القلم بدمشق.

وموّل الشيخ العقيل هذه الطبعة التي صدرت في كانون الثاني 2004 وهاتفني الشيخ العقيل من الرياض، وأخبرني أن شاعرنا أصيب بجلطة دماغية في بغداد، وألحّ على إيصال نسخة من الديوان المطبوع قبيل أن يُحَمَّ القضاء.

وهاتفنا الطابع في بيروت، وطلبنا منه إرسال خمس نسخ بالبريد السريع، وكان تجاوبه رائعاً، فأرسل النسخ الخمس، وبادر الشيخ العقيل إلى إرسال نسختين إلى الشاعر، مع رجلين صديقين كانا عائدين إلى مدينتهما بغداد.

وتلقّى الشيخ العقيل رسالة من الشاعر الأعظمي يشكره فيها على جهوده المبرورة في إخراج الديوان بهذا الشكل الجميل، ولم ينسنا من الدعاء، وعلى مقدمة العقيل للديوان.

كان هذا قبل وفاة الشاعر بأسبوعين تقريباً، وحمدنا الله الذي أقرَّ عيني شاعرنا الكبير، برؤية ديوانه مطبوعاً قبل وفاته، بهذه الطباعة الجميلة والإخراج البديع، والغلاف المتميز.

ثم كانت الطبعة الثانية للديوان بعد شهرين (آذار 2004) ثم جاءت الطبعة الثالثة بعد شهرين من الطبعة الثانية في (أيار 2004) وكان مجموع نسخ الطبعات الثلاث عشرة آلاف ومئة نسخة، وزّعتها الدار الناشرة في العراق، ولبنان، والأردن، والسعودية، والمغرب، ووصلت إلى السودان، والكويت، والإمارات، وقطر، وسواها من الأقطار، وبادر الناس إلى اقتنائها، هذا لأن الشاعر الأعظمي معروف في سائر الأقطار، ولشعره سيرورة عجيبة، ولا يكاد يوجد قطر عربي يجهل أبناؤه الشاعر، أو يجحدون شعره الذي سارت به الركبان، وهتف به كل لسان يلهج بدعوة الحقّ والقوة والحرية.

يقول الأستاذ العقيل في مقدمة الديوان:

"وقد ذاع صيته، وانتشرت قصائده وأشعاره في العالم العربي كله، وكان الشباب المسلم يترنّم بها في كل مكان، وينشدها في المناسبات.

وأسهم بإلقاء الكثير من القصائد في البلدان التي زارها مثل الكويت، وسورية، والأردن، وفلسطين، ومصر، والجزائر، والسعودية، والإمارات، واليمن، وغيرها."

ويقول الأستاذ العقيل عن شعر الأعظمي:

"إن كل ديوان فيها يزخر بغيض من هذا الشعر الإسلامي الأصيل الذي يشحذ الهمم، ويقوي العزائم، ويستجيش العواطف، ويدفع للعمل الجاد، والجهاد المتواصل، من أجل نصرة الإسلام والمسلمين، والتصدي للطغاة والجبارين."

ويقول العقيل عن الشاعر:

"إن الأخ الشاعر وليد الأعظمي لم تزده الأحداث، ولا تعاقب الأيام، إلا إصراراً على التمسك بالحق، والدعوة إلى الحق، واحتساب ذلك عند الله عز وجل.

وهو لم يتلون مع المتلونين، ولم يخضع للسلاطين، وظل شاهراً سيفه، ينافح عن الإسلام ديناً، وعن المسلمين أمة، في أي صقع من أصقاع الأرض وجدوا، تؤرقه مشكلاتهم، ويتألم لمعاناتهم، ويستنهض الهمم لنجدتهم، والوقوف إلى جانبهم."

بقي أن نعرف أن شاعرنا ولد في بغداد عام 1930 وتوفي فيها عام 2004 ودفن في مقبرة الإمام الأعظم، وأما ديوان الأعظمي فقد جاء في 476صفحة من القطع الكبير، في حلة قشيبة تليق بذلك الشاعر المجاهد، وبشعره الجهادي الأصيل، وإني أدعو نقاد الشعر أن يبادروا إلى تقديم دراسات ضافية عنه، كما أدعو طلاب الدراسات العليا إلى دراسة الشاعر وشعره دراسة تليق بهما.