قصص قصيرة جدا
ذ. سعيد عبيد / تازة - المغرب
الرجل الذي قتل تلفزة
طعن صدر التلفزة الوطنية حتى الموت، فسال دم قليل، قليل جدا. سائل أشبه بالقيح منه بالدم. لم يخرج الخنجر، و لكنه تركه هنالك في أحشائها.
بان على وجهه الارتياح و هو يأخذ نفَسا عميقا كالذي خرج لتوه من سجن دام دهرا طويلا، و قال لنفسه و هو يمسح يديه بخرقة مما علق بهما: " الآن أنا حر ". قالت له و قد امتقع لون وجهها من الفزع لما رأت جسد التلفزة مجندلا على الأرض يحتضر: "... لكنهم سيسجنونك". أجابها غير مبال: " و هناك أيضا سأكون حرا ".
الزعيم
... و لما جاءه خبر الاجتياح، كان لا يزال حلاق البلاط يتفنن في حلق ذقنه. و حين كان يلقي خطابه للشعب في المساء على التلفاز، ليحثه على مواجهة أعداء البلاد، لاحظ المواطنون الذين حبسهم حظر التجول أن ذقن الزعيم كانت حليقة بشكل رائع، رائع جدا !
صمت الشيخوخة
رفع المجس عن صدري، و وضع السماعتين عن أذنيه، و زم شفتيه و هو يقول دون أن أتبين في قسمات وجهه اهتماما و لا شماتة: " قلبك ضعيف، منهك للغاية، هذا من علامات الشيخوخة، كأنه ليس قلب شاب في الثانية و الثلاثين... أأنت متأكد من تاريخ ميلادك المثبت في الملف؟"
لم أستطع أن أجيبه، لأني كنت فعلا قد دخلت صمت الشيخوخة قبل ذلك العمر بزمن طويل.
![]()
ذ. سعيد عبيد
المغرب
.أستاذ باحث في اللغة و الأدب
.دبلوم الدراسات العليا المعمقة في الأدب المغاربي المعاصر .جامعة محمد الأول، وجدة، المغرب