بلاد الحرمين .. ثلاثة أحداث مصيرية في أسبوعين

ثلاثة أحداث مصيرية حاقت ببلاد الحرمين في أسبوعين . الحدث الأول : ضرب منشأتي بقيق وخريص النفطيتين ، والثاني : الهزيمة الكبيرة أمام قوات جماعة أنصار الله في محور نجران ، والثالث :

مقتل اللواء عبد العزيز الفغم الذي يصفه الإعلام السعودي بالحارس الشخصي للملك سلمان ، والأصح أنه رئيس الحرس الملكي . فكيف سيواجه النظام السعودي تأثيرات هذه الأجداث ؟!

في الحادث الأول ، أعلن أن إنتاج النفط في المنشأتين عاد إلى مستواه الأصلي ، ولكن وكالة التصنيف الائتماني العالمية فيتش خفضت التصنيف الائتماني لبلاد الحرمين من (   + a إلى a   ) معللة التخفيض بما حدث في المنشأتين ، وبخوفها من وقوع أحداث مشابهة له ، وأثار التخفيض غضب النظام السعودي . وفي شأن  الهزيمة في محور نجران ، لم يأتِ حتى اللحظة رد رسمي أو إعلامي سعودي عليها سوى نفي وقوع جنود وضباط سعوديين في أسر جماعة أنصار الله ، وهو نفي غريب ولا عقلاني . يمكن أن يدعي طرف محارب قتل أو جرح عدد من جنود الطرف الآخر الذي يحاربه ، ولا يطالبه أحد بإثبات ادعائه . الأسر يختلف . الأسرى سيظهرون في لحظة ما بصورة ما ، والأهم أن من أعلن أسرهم  ملزم قانونا وأخلاقا بإعادتهم . هزيمة النظام السعودي وحلفائه في محور نجران تحول جذري في مسار الحرب ، وضربة مميتة لهيبة جيشه أكثر مما هي ضربة لحلفائه الذين يظلون على كل حال هامشيين في مجريات الحرب ، وفي تحمل تبعات الهزيمة فيها . النظام السعودي هو محور هذه الحرب ، إنها حربه أو عدوانه ، وهو المكلف  الأول بالاهتداء العاجل إلى مخرج منها خاصة بعد هزيمته المذلة في محور نجران ، وسيطرة قوات جماعة أنصار الله على 350 كم من هذه المحافظة . والحدث الثالث ، مقتل اللواء الفغم ، لا يصدق أحد الرواية الرسمية في شأنه ، وتتوالد الآن حوله تساؤلات وارتيابات كثيرة . وتقول رواية مناقضة كليا للرواية الرسمية ، وهي رواية إماراتية المصدر ، إن لقتله صلة بالهزيمة في محور نجران ، وخلاصة هذه الرواية أنه أخبر الملك سلمان بها ، فقرر عزل ابنه محمد من ولاية العهد ، وتولية أخيه ، أخي الملك ، الأمير أحمد بن العزيز بدلا منه ، وأن مرسوما ملكيا أعد بذلك ، وكلف اللواء الفغم بتنفيذه ، فسارع محمد بن سلمان بتصفيته مع عدد من ضباط الحرس الملكي . لن يعبر مقتل اللواء الفغم وظلاله القاتمة على بلاد الحرمين نسمة لينة . قد يكون ريح سموم شريرة ، وقد يكون في مأساوية وخطورة مقتل خاشقجي ، وربما أخطر لما فيه من أبعاد داخلية بخلاف مقتل خاشقجي الذي طغت أبعاده الخارجية على أبعاده الداخلية . ومن سوء طالع ابن سلمان أن مقتل الفغم زامن الذكرى الأولى لمقتل خاشقجي . الأحداث الثلاثة أثرت وستؤثر بأبعاد جذرية متعددة على بلاد الحرمين ، وفي الداخل وفي الخارج  الجميعُ يحملون ابن سلمان مسئوليتها بصفته الحاكم الفعلي والأوحد للبلاد . إنه الآن في عين الإعصار داخليا وخارجيا ، وبدأ أخيرا يدرك خطورة ما أوصل إليه البلاد ، وعجزه عن مواجهة هذه الخطورة . وظهر إدراكه في جنوحه إلى التهدئة مع إيران ، وإيثاره سبيل السياسة معها لا الحرب ، وصرح علي ربعي المتحدث باسم الحكومة الإيرانية بأن بلاده تلقت رسائل من السعودية في هذا الاتجاه ، وذكر مصدر عراقي غير رسمي أن عادل عبد المهدي رئيس وزراء العراق هو الوسيط بين الدولتين ، وأن وساطته توشك أن تجمع الدولتين في قمة في بغداد . وأيا كانت تطورات التهدئة والتفاهم بينهما فالذي لا ريب فيه البتة أن الأحداث الثلاثة التي حاقت ببلاد الحرمين في الأسبوعين المنصرمين أحداث مصيرية ، وأن أول البراهين على مصيريتها أنها قد تحدد مصير محمد بن سلمان إبعادا عن ولاية العهد إن لم يكن أسوأ من الإبعاد  خاصة إذا تأكد دوره في مقتل اللواء الفغم وغيره من ضباط الحرس الملكي . قالوا إن المصائب لا تأتى فرادى ، والأحداث الثلاثة تبرهن صحة هذا القول .

وسوم: العدد 844