سياسة ادفع لتبقى، هل حولت امريكا قوتها العسكرية لمهنة ارتزاق ؟

اعزائي القراء 

لا يفوت الرئيس الأمريكي ترامب مناسبة إلا ويذكر فيها قادة دول الخليج بأنهم باقون بفضل أمريكا، مطالبا إياهم بدفع الأموال . والمشكلة انهم كلما دفعوا له قال لهم هل من مزيد فما الذي كسبه الخليجيون من الأموال التي دفعوها؟

يقول ترامب:

- دفعنا 7 تريليونات دولار خلال 18 عاما في الشرق الأوسط وعلى دول الخليج الثرية دفع مقابل ذلك.

وقال ايضاً: 

- هناك دول لن تبقى لأسبوع واحد دون حمايتنا. وعليهم دفع ثمن لذلك.

مثل هذه التصريحات لا تقلل فقط من قيمة دول الخليج على المستوى العالمي،  ولكنها تقلل ايضاً من سمعة دولة كبرى يصرح رئيسها علناً وفي كل مناسبة  عن المال والمال فقط  حتى بدا وكأنه يعرض قواته المسلحة كمرتزقة على مبدأ ادفع دولاراً  نؤمن لك جندياً لحمايتك. 

المراقبون يلخصون هذه السياسة التي ينتهجها ترامب بمبدأ "ادفع لتبقى" في تعامله مع دول الخليج. فمنذ حملته الانتخابية وهو يقوم بذلك. ففي 2016 أعلنها ترامب: السعودية "لولانا لما وجدت ، وما كان لها أن تبقى". 

باعتقادي ان سياسية امريكا تجاه دول الخليج وملخصها  " ادفع لتبقى " ليست جديدة ، ولكن الجديد فيها هو نشر غسيلها علناً وبشكل يومي في كل وسائل التواصل وكل مافعله ترامب انه حولها لسياسة واقعية حتى أصبحت مألوفة للمجتمع الدولي.

فالرئيس ترامب لا يألو جهداً ولا يفوّت فرصة سانحة دون الحديث عن الدفع مقابل الخدمات. فقد قال صراحة "إذا كانت السعودية مهتمة جداً بقرارنا حول سحب القوات الأمريكية من سوريا ، و ترغب ببقائنا فيها، فيجب عليها دفع تكاليف ذلك".

المواجهة السعودية مع إيران هي ربما أبرز الدوافع السعودية المعلنة التي تقتضي عقد صفقات قياسية مع الولايات المتحدة. ولكن ما الذي جنته السعودية مقابل ذلك؟

فكثير من المراقبين يرون ان السعودية لم تحصل على ما تريد من أمريكا مقابل التزامها بمبلغ 460 مليار دولار.

وبالتالي فهذه الأموال والتعهدات -وإن كانت تقدم مقابل خدمات كالاستثمارات أو شراء الأسلحة- إلا أنها لم تحقق شيئاً.

ورغم ان الرئيس ترامب دائم التصريح بأن الولايات المتحدة هي من تحمي السعودية، وأن عليها دفع المقابل لذلك. ولكن حديث الرئيس الأمريكي عن إنفاق 7 تريليونات دولار في الشرق الأوسط "فيه مغالطة وكذب وخداع " ويجب إيضاحه، لأن هذه المليارات دُفعت بمعظمها من اجل احتلال العراق وإسقاط حكم الرئيس المرحوم صدام حسين ولتسليم العراق لنظام الملالي، فأمريكا لم تأتِ مدعوة إلى العراق ولكنها أتت لتنفيذ مؤامرة على الأمة العربية كافة ، فلماذا يدعي ترامب بانه أنفقها من اجل العرب ؟؟ ورغم ذلك فانه يتكلم عن كلفة الاحتلال ولكنه يصمت عما قبضه من دول الخليج لقاء ذلك سراً سواءاً كان نقداً او كخدمات في أراضي السعودية والكويت بلغت قيمتها ترليونات  إضافية من الدولارات يصغر أمامها  مبلغ ال 7 ترليونات  التي أعلن عنها !؟. ولم يكن عربي واحد سعيد بمجيئها إلى العراق سوى حكام عرب في الخليج ومصر وسوريا ربطوا مصيرهم برضى امريكا عليهم .

وعند الحديث عن الحماية فإن "أمريكا لم تحمِ المنطقة" بل جاءت لتدمير المنطقة العربية فكأنه يطالب حكام الخليج بدفع تعويضات لتقسيم بلادهم وتدميرها وتسليمها لاعداء العرب؟ 

اعزائي القراء 

ان سياسة الابتزاز العلنية والفاضحة التي يتبعها الرئيس ترامب تشابه سياسة عقلية التاجر، كما جاء في مقال إيشان ثارور، المعلق في صحيفة "واشنطن بوست". حيث يقول ثارور إن الطريقة التجارية التي تسيطر على ذهن  الرئيس ترامب  غالبا ما تقوده للحكم على الأمور. فقد كرر هذا الأسبوع ضرورة مساهمة الدول العربية مثل السعودية وتعويض الولايات المتحدة عن بقاء قواتها في سوريا، وكأن القوات الأمريكية “مرتزقة” للاستئجار..

وفي حوار أجرته معه المذيعة الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفري، سنة 1988، يقول ترامب: "سأجعل حلفاءنا يدفعون ما عليهم من حصص، إنهم يعيشون كالملوك. أفقر شخص في الكويت يعيش كالملك ومع ذلك لا يدفعون. نحن نوفر لهم إمكانية بيع نفطهم لماذا لا يدفعون لنا 25 في المائة مما يجنونه؟".

وخلال حملته الانتخابية في عام 2016، قال ترامب: "دول الخليج لا تملك سوى المال سأجعلهم يدفعون، نحن مدينون بـ19 تريليون دولار لن ندفعها نحن، هم سيدفعون".

إذن انها سياسة المافيا وليست سياسة دولة كبرى عليها التزامات دولية ولكن بنفس الوقت يعرف  ترامب لمن يوجه كلامه ، انه لايوجهه لكوريا الجنوبية مثلاً ولا لإسرائيل ولا لليابان ،انه يوجهه لأولئك الذين عاشوا بترف وتبذير دون انتاج معتمدين على الغير  ظناً منهم ان أموالهم وقاية لهم للأبد 

فهل حان  وقت دفع الثمن 

وعلناً!

وسوم: العدد 845