“المغاربية” تفضح الزيف الانتخابي في الجزائر…

clip_image001_28dae.jpg 

القنوات التلفزيونية الرسمية في الجزائر، هذه الأيام، تغرّد بنغم واحد، نغم الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها خمسة مترشحين، كل واحد يغني على ليلاه، و”ليلى لا تقرّ لهم بوصل”، كما قال الشاعر قديمًا. فكلّ مترشح يتحدث في التجمعات الخطابية وفي الحوارات والتصريحات التلفزيونية، كما لو أنه يمتلك خاتم سيدنا سليمان، إذ يبشر الناس بحلول عاجلة لمختلف الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يشكو منها بلد المليون شهيد.

بيد أن المواطن الحر أدرك أنه لا خير يُرجى من أشخاص جلهم كانوا جزءا من النظام السابق، ومن أركانه الأساسية. فأيّ تغيير يُرجى ممن كان حلقة من حلقات بنية موسومة بالفساد والاستبداد؟

في مقابل القنوات الجزائرية التي ترسم أحلاما وردية وتزيّف الحقائق وتطبّل لحكم العسكر الماسك بزمام اللعبة هناك، تقوم قناة “المغاربية” التلفزيونية بدور طلائعي مشرّف، جعل الكثيرين يطلقون عليها “قناة الشعب” بامتياز، لأنها تساهم في كشف خيوط التآمر على الثورة الجزائرية الجديدة ومحاولة الركوب عليها.

في كل وقت وحين، تؤكد قناة “المغاربية” أن الجزائريين لا ينتظرون شيئا من مترشحين يزكّون الظلم ويسبّحون بحمد جلاد الشعب المُصادر لإرادتهم، وتواكب القناة الحراك الطلاّبي الذي يرفع كل ثلاثاء شعار: “لا، لن أنتخب ضد وطني”.

وفي الضفة الأخرى، لجأت السلطة ـ كما هي عادة كل الأنظمة الاستبدادية القمعية ـ إلى تخوين المتظاهرين معارضي الانتخابات ووصفهم بأقذع النعوت، فهم ـ بحسب وزير الداخلية ـ شواذ وخونة ومرتزقة ومثليون… و”ليسوا منا ولسنا منهم”. أما الفريق أحمد قايد صالح فهو يستعين بمنطق المؤامرة والتخويف اعتمادا على فزاعة التدخل الخارجي والخطاب الديني، ضاربا بالمطالب الشعبية عرض الحائط… والحال أن الرجل، كما قال أحد المحللين، أشبه ما يكون بغريق يتمسك بقطعة خشب.

أية مناظرة؟

اختارت “رئاسيات العسكر” مُحاكاة جارتهم تونس، لكنهم يُحاكونها في الشكل وليس في الجوهر. فتونس شهدت انتخابات حرة ونزيهة وتنافسا ديمقراطيا حقيقيا، أما في الجزائر فيبدو المشهد أقرب ما يكون إلى عروض الأراجوز.

تتجلى المحاكاة في تنظيم مناظرة تلفزيونية بين مترشحين للانتخابات الرئاسية، من المنتظر أن تبث اليوم الجمعة. تقول الفضائية الجزائرية إن هذه المناظرة سينشّطها إعلاميون من التلفزيون والإذاعة الرسميين ومن قناة خاصة وأيضا صحافي من جريدة خاصة ناطقة بالعربية وآخر من جريدة خاصة بالفرنسية، دون أن تكشف القناة عن أسمائهم، ودون تقديم تفاصيل أدق عن زمان ومكان هذا الحدث الاعلامي الأول من نوعه في الجزائر.

أما فضائية “المغاربية” فتعتبر هذه المناظرة التلفزيونية عبثًا وإساءةً وتشويهًا لتقليد إعلامي ديمقراطي، في حين تكون المناظرات بالدول الراسخة في الديمقراطية فرصة لتقريب المواطن من الصورة الحقيقية عن المترشحين لحكمه او تمثيله، لأن الأمر يتعلق هناك بمشهد اعلامي حر، ينشّطه محترفون محايدون، ويستعرض فيه كل مترشح اقتراحاته للتكفل بانشغالات المواطن. أما في الجزائر فينتظر ان تكون المناظرة مزيفة مضللة، لأن العملية السياسية مزيفة أصلا ومضللة بكل تفاصيلها، كما تقول قناة “المغاربية”.

وللتستر على هذا الزيف وذاك التضليل، أعلن منظمو الانتخابات الرئاسية في الجزائر عدم موافقتهم على حضور المراقبين الدوليين، مثلما يحصل في دول أخرى. أليس في ذلك خوفا من افتضاح اللعبة الهزلية؟

وسوم: العدد 854