من خطف المقدم حسين الهرموش ومن سلمه إلى المخابرات السورية !!

من خطف المقدم حسين هرموش ؟! لعلهم يرجعون ..

ونبدأ الحديث باستمطار الرحمة إلى روح المقدم حسين هرموش ، نترحم عليه حيا أو ميتا ، وندعو الله أن يكتب له أجر سابقته في الانشقاق عن نظام الجريمة والإثم . كما نذكر بالعرفان والشكر والتقدير مواقف جميع الأخوة الضباط وصف الضباط والجنود الذين أبت عليهم مروءتهم ، وأبى عليهم انتماؤهم لأرضهم ولشعبهم أن يكونوا أدوات قتل وتدمير . ولعلها الفرصة السانحة لإبلاغهم ما يكنه لهم عامة الشعب السوري وخاصته من مودة وحب وتقدير .

وأجمل كلمة أنقلها لهؤلاء بجمعهم وآحادهم ، تلك الجملة الجميلة الرزينة المختصرة ، التي صاغتها يوما عبقرية حكيم العرب وسياسيهم ، يخاطب الملك النعمان :

لئن كنتَ قد بلغت عني وشايةً ... لمبلغك الواشي أغشَّ وأكذبُ

وأحاديث الوشاة أيها السوريون السوريون في فضاء هذه الثورة الجميلة لا تكلاد تنتهي.وأجمل وصية نتواصى بها جميعا أن نضع الواشي في مقعد من هو أغش وأكذب ..ثم نعرض عن الجاهلين ما وسعنا الإعراض .

وفي القرآن الكريم يتأكد قول الله تعالى في سياق بعد سياق ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) تعقيبا على أشكال من الذكرى ، والتذكير والعذاب ..

وانكشف بالأمس حسب تقرير إعلامي موثق من هو الخاطف أو المغرر بالمقدم حسين هرموش رحمه الله حيا أو ميتا . أما الحقيقة المضمرة فقد كانت معروفة عند المعنيين بها منذ الأيام الأولى لوقوع الجريمة ، فاعتقل المجرم ، وحوكم وسجن وفر من السجن لأنها جزء من منظومة طائفية تغرس مخالبها عن يمين وشمال . انكشفت الحكاية إعلاميا بتفاصيلها ، وحيثياتها ، ومرتكبها . ومن أحب أن يعلم فليراجع ..

وبقيت لنا منها العبرة ، والعظة ، والدرس لعلنا نرجع ..

ولا أدري ماذا سيقول لأنفسهم اليوم الذين ظلوا على مدى سبع سنين يتدالون ويروجون أن " الإخوان المسلمين " هم الذين اختطفوا المقدم هرموش أو ساعدوا على اختطافه ، ثم يمعنون في صياغة حبكة من الافتراءات الاتهامات ويظلون لها يروجون..!!

نحن لا نشك أن الفرية الأولى صنعت في أقبية بشار ، وأن مروجيها والنافخين في نارها الأوائل هم من طينة المجرم الذي اختطف أو غرر ، وليس لهؤلاء نكتب هذه الكلمات، وإنما نكتبها لرهط من السوريين شاركوا في ترويج هذه التهمة تسرعا وغرورا ولأسباب تخصهم ، دون أن يدركوا أن ما يقولونه شهادة . وأن من أكبر الكبائر قول الزور وشهادة الزور ، وأنهم ( سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) وكلَّ سوري من هؤلاء نسأل : وكيف يكون الجواب بين يدي الله حين يسألك : من أين قلت ؟ وكيف قلت ؟

إن الموقف الكلي الذي ندافع عنه هنا هو أن نظل كسوريين نثق ببعضنا . ونمنع بشار الأسد وأجهزته الأمنية أن يقطعوا أواصرنا كما فعل وأبوه على مدى خمسة عقود . خمسة عقود هدموا خلالها بُنى مجتمعنا الأهلي ، ولم يسمحوا لنا بناء المجتمع المدني الذي نريد ..هل تذكرون سخرية بشار الأسد منذ 2006 من المجتمع المدني ، واعتباره دخيلا على الثقافة والتراث ؟!

يريدوننا أفرادا ، لا يثق القريب بقريبه ، ولا الجار بجاره ، ولا الصديق بصديقه ، ولا يثق فيه طلاب العدل أو الحرية ببعضهم . ونجاح الثورة رهين بأن يثق العربي بالكردي ، والكردي بالعربي ، والمسلم بالمسيحي والمسيحي بالمسلم نجاح الثورة في نجاحنا بصهر اللحمة المجتمعية ، وهذا الذي يسعى إلى تبديده المشككون ..

منذ أول الثورة ونحن نلاحظ إمعان الذباب الأسدي في تشكيك السوريين في بعضهم ، وإلقاء العداوة والبغضاء بينهم . والسبق بالاتهام والتشكيك في كل من يكون له يد في صناعة مشروع خلاصهم .

كلامي هذا لا ينفي الخطأ والقصور والتقصير عن أي طرف في المعادلة الوطنية . ولكن الحديث عن الخطأ والقصور والتقصير شيء ، والاندفاع في سياقات تبادل الاتهامات والتقاذف بالأراجيف شيء آخر .

علق بعض السوريين بالأمس على مقال في الرد على دار الفتوى السيسية بوصفي داعية للكراهية ، وأسهل شيء على الإنسان أن يرد ، ولكنني أعلم أن بشار الأسد أكثر من يعجبه أن أرد . ولذلك أقول لهؤلاء وأحب لكم من الخير ما أحب لنفسي .

مرة أخرى أقول إن المعني بهذا الكلام الآحاد الذين تسرعوا فخاضوا ..ومرة أخرى أقول إن المقصود من ذكر الواقعة قياس أخواتها عليها ، لعلنا نرجع ، فلا نردد تهمة ، ولا نشيع فاحشة بين الناس . وأخشى على قوم أن تأخذهم العزة بالإثم فيستمروا في غلوهم وغلوائهم لا يرجعون ..

إن بناء المجتمعات - كما يقول المفكر مالك بن ابني - إنما يتم بشبكة علاقات متينة سليمة . شبكة علاقات قادرة على التوصيل الصحيح للمشاعر والأفكار والحقائق . وعندما قال أحد الصحابة لرسول الله إني أحب فلانا ، سأله : هل أخبرته ؟ قال الرجل لا . قال الرسول صلى الله عليه وسلم : قم فأخبره ..

قم فأخبره ليكون للحب في حياة الناس ثمرة. ومن هنا أقول لكل طلاب العدل والحق والحرية في سورية اجعلوا بيننا وبين الحب نسبا ..

انبذوا الوشاة وأصغوا إلى دعوات الخيرين.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 881