شروط التجديد الديني..رؤية المفكر المغربي الدكتور طه عبد الرحمن

وفيما يتعلق بشروط تجديد الفكر الديني يذهب الدكتور طه عبد الرحمن إلى أن" تجديد الشروط التي ينبغي أن يستوفيها حصول تجديد الفكر الديني، يتوثق على التدبير السليم لأبعاد الحقيقة الدينية، فليس الدين، كما يزعم البعض، سلوكاً تتعلق بدائرة شخصية محدودة من دوائر الممارسة الإنسانية المتعددة، وإنما هو منهج كامل يحيط بكل فعاليات الإنسان في تكاملها وتعانق بعضها ببعض، مهما تجزئت معانيها أو، على العكس من ذلك، تجسدت مظاهرها، لذا يجب أن تضع شروط تجديد الفكر الديني في الاعتبار صفتي الشمول والتكامل المميزتين للحقيقة الدينية، بحيث لا يبقى جانب من جوانب حياة الإنسان المسلم خارجاً على مراعاة الحقوق الدينية فيه". [1]

ولعلنا في حاجة لاستقصاء حديث الفيلسوف المغربي الدكتور طه عبد الرحمن ما وسعنا استقصاؤه، فالدكتور طه يريد أن نضع تصورنا للدين موضع البحث والتفكير، وهو في حقيقة الأمر ينعي نظرتنا القاصرة للدين واختزالنا له في إطار ضيق، فالدين فوق كل شيء وقبل شيء من المحقق أنه قد نظم الحياة الإنسانية بعد أن شذبها من أوضار الانحراف الذي كانت تتردى فيه، فقد تحدث إلى الناس بهديه، وجادلهم فيما كان يجادلهم فيه، حتى توافقوا على نجاعته وشعروا بأن أحكامه خليقة بأن تفرض عليهم وأن يرضخوا هم لها، ولكن يجب أن نصل بفلسفة الدين إلى أقصى ما يجب أن تصل إليه، فرسالة العقل ورسالة الإسلام معاً أن نجاهد ونلح في الجهاد حتى ننتهي بالدين إلى الرؤية الشاملة التي لا تقتصر على المبادئ والأصول التي اتخذها الناس سبيلاً إلى النجاة من ظلهم وجورهم، وما زال الدين حتماً بغيضاً وسيظل بغيضاً إلى تلك الفئات التي تريد أن يظهر الشذوذ ويسمو ويخرج عن المألوف، لأجل ذلك يجب أن يبقى حكم الدين مستقراً ومتسلطاً حتى يكبح هذا المروق، ولكن الأجدى أن يبقى في محطات الحياة على اختلافها، وأن يظل مستقراً ومتسلطاً في هذه المحطات على كثرتها، ومما لا شك فيه أن من حق الدين علينا أن نعزز هذه الرؤية ونتمثلها ونعكسها كلها إلى الناس جميعاً، وإذا هممنا بالكتابة في أمر التجديد الديني الذي حظ النقل فيه أكثر من حظوظ التفكير كما يقول أحد أدباء العربية، فلن يكون التجديد حينها أمراً يسيراً، لأننا سنضطر أن نكتب عن التجديد الذي يشمل كل نواحي الحياة.

[1] -عبد الرحمن، طه، تجديد الفكر الديني الإسلامي، ما هي شروطه وموانعه؟ مجلة الإسلام اليوم، العدد الخامس والعشرون، السنة الخامسة والعشرون، 2008م، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة-إيسيسكو، الرياض، ص:87.

وسوم: العدد 886