«ليسوا موتى ولا أحياء»… أنظمة وميليشيات تخفي عشرات الآلاف قسراً في سوريا والعراق ومصر

لندن ـ «القدس العربي»: «ليسوا موتى ولا أحياء» هكذا هم المخفيون قسراً، حسب عنوان أحد التقارير الحقوقية. هؤلاء صادف أمس الأحد، اليوم الدولي لدعمهم، وسط دعوات في بلدان عربية لا سيما سوريا ولبنان والعراق ومصر، للكشف عن مصير المفقودين، حيث الأنظمة والميليشيات مسؤولة بالدرجة الأولى عن هذا الملف.

وقد وثقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» اختفاء نحو 100 ألف سوري قسريًا، في الفترة ما بين آذار/ مارس 2011 وآب/ أغسطس 2020، على يد أطراف النزاع السوري، غالبيتهم لدى النظام.

دعوات لكشف مصيرهم ومحاسبة الجناة في اليوم العالمي لدعمهم

وفي تقريرها بمناسبة «اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري»، قالت إن نسبة المختفين قسريًا خلال سنوات الحرب السورية التسع في ازدياد.

وأشار التقرير إلى أن النظام السوري مسؤول عن نحو 85٪ من حالات الاختفاء القسري، بينما تتوزع النسبة المتبقية بين فصائل «الجيش الوطني»، و«هيئة تحرير الشام»، وتنظيم «الدولة الإسلامية»، و«قوات سوريا الديمقراطية».

وأوضح التقرير أن ما لا يقل عن 99 ألفًا و479 شخصًا لا يزالون قيد الاختفاء القسري على يد القوى المسيطرة في سوريا، منذ آذار 2011 وحتى آب 2020، منهم 84 ألفًا و371 مختفيًا لدى قوات النظام، مشيرًا إلى أن محافظة ريف دمشق تأتي في الصدارة من حيث حصيلة ضحايا الاختفاء القسري، تليها حلب ثم دمشق.

ووجه التقرير توصيات إلى «مجلس حقوق الإنسان»، و«المفوضية السامية لحقوق الإنسان»، بتخصيص جلسات خاصة حول قضية الاختفاء القسري في سوريا.

في السياق، حثّت منظمات أممية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، أمس الأحد، الحكومة العراقية، على ضرورة كشف مصير مئات آلاف الأشخاص من المغيبين والمختفين قسّراً، في عموم المناطق العراقية، ومحاسبة الجناة، وفيما تعهد رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بمواصلة التحقيق في هذا الملف، أقرّ بوجود «ممارسات إجرامية» موروثة من النظام السابق، لا تزال تمارس حتى هذه اللحظة.

ودعت بعثة الأمم المتحدة في العراق، أمس، إلى تعزيز جهود الحد من حالات الاختفاء القسري، ومحاسبة الجناة.

كذلك دعا تقرير للأمم المتحدة حول الاختفاء القسري إلى إجراء تحقيقات مستقلة وفعالة لتحديد مصير ما يقرب من ألفٍ من الرجال والصبيان المدنيين الذين اختفوا خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في محافظة الأنبار في 2015-2016، ومحاسبة الجناة وتوفير العدالة والإنصاف لأُسر الضحايا.

عمر فرحان، مدير مركز جرائم الحرب قال لـ «القدس العربي»: «الأرقام قد تكون متفاوتة، حسب ما ترصده المنظمات الدولية والمحلية، ومع ذلك يعد العراق الأول عالميا من حيث عدد المخفيين قسرًا على يد القوات الحكومية والميليشيات المرافقة لها، وزادت الأعداد بعد الفتنة الطائفية عام 2006 حيث قامت الميليشيات بتكوين مجاميع مسلحة مهمتها الخطف والقتل على الهوية بدواع طائفية».

وأضاف: «لدينا نحن في المركز العراقي أرقام لبعض المناطق والمحافظات التي تعرضت إلى هجوم من قبل الميليشيات مثل الأنبار وصلاح الدين ونينوى حيث غيب أكثر من 23000 فيها خلال سنتين فقط ولا يعلم مصيرهم على الرغم من وجود الفيديوهات والصور التي تؤكد أن الميليشيات الولائية هي من قامت بخطفهم وتغييبهم لأسباب كثيرة منها الانتقام والتغيير الديموغرافي والطائفية والابتزاز المالي»، حسب قوله.

وفي مصر وثقت حملة «أوقفوا الاختفاء القسري في مصر» تعرض 2723 شخصا للاختفاء القسري لفترات متفاوتة داخل مقار قطاع الأمن الوطني وغيرها من مقار الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.

جاء ذلك في تقرير أطلقته الحملة بعنوان «انتهاك مستمر وعدالة غائبة، تقرير عن ظاهرة الاختفاء القسري في مصر خلال خمس سنوات»، بمناسبة مرور العام الخامس على تدشينها، واليوم الدولي لمساندة ضحايا الاختفاء القسري.

ورصدت الحملة أنماط ممارسة الظاهرة خلال هذه الفترة بما لا يدع مجالًا للتشكيك في ممارسة الأجهزة الأمنية للاختفاء القسري بشكل منهجي وعلى نطاق واسع.

وعرض التقرير ظاهرة الاختفاء القسري في مصر خلال خمس سنوات من خلال تحليل الجوانب السياسية والاجتماعية للظاهرة، وآثارها الجسدية والنفسية والاقتصادية على المختفين قسريًا وعائلاتهم، اعتمادًا على ما قام فريق الحملة بجمعه بيانات للناجين من الاختفاء القسري وأسرهم، وعرض أداء الأجهزة الأمنية المصرية وتصريحات مسؤوليها التي لا تتوانى عن إنكار وجود اختفاء قسري على الرغم من كل الدلائل والإثباتات التي تقدمها المنظمات غير الحكومية وبيانات صادرة عن منظمات دولية كالأمم المتحدة.

وفي لبنان يبلغ عدد المخفيين قسرا نحو 17 ألف شخص يعود تاريخ اختفائهم إلى بدايات الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، وتنتظر عائلات هؤلاء كشف مصير أقاربهم.

وسوم: العدد 892