المخاطر التي تحيط بتركيا

اعزائي لقراء 

لندع الحساسيات القديمة بين القوميتين العربية والتركية، فبناء العلاقات بين الدول على اساس قومي انتهى ، لان القومية العربية والقومية التركية  هما امران متعلقان بمورثات كل عرق و لايمكن نزعها من مكوناتنا،  فالفخر بالقومية شيء وبناء العلاقات على اساسها شيء اخر  وهذا المفهوم كان جزءاً من دراستي في كلية  العلوم السياسية في جامعة ستاتن ايلاند اضافة لمهنتي الهندسية .

لماذا؟

لان بناء العلاقات على اساس القومية لايخضع للتغيير  طالما المورثات لاتتغير في مكوناتنا  ليوم القيامة فان كنا نعادي  دولة اخرى  بقومية مخالفة لنا فستستمر  العداوة بيننا  على اساس قومي ليوم يبعثون  مادامت مورثاتنا هي هي لم تتغير. 

هذه الحساسيات  بيننا وبين الاتراك ولدت فعلاً مع ضعف الدولة العثمانية واستيلاء جماعة اتاتورك وحزب الاتحاد والترقي على بقايا الدولة العثمانية ، وفي الجهة المقابلة عززت القومية التركية توجه قومي عربي على مبدأ  قانون الفعل ورد الفعل ، وكان بعض حاملي لوائه ذوي نيات سليمة والبعض الاخر كان تياراً  ظهر معظمه في لبنان ومدفوع من قبل جهات اوروبية حاقدة على الدولة العثمانية واخص من هذه الجهات فرنسا ، فتوتر  الجو بين القوميتين وخاصة بعد دخول الانكليز على الخط بتأليب جماعة الشريف حسين على الدولة العثمانية ونتائج هذا التأليب كان مؤامرة كبيرة اعطيت بموجبه فلسطين لكيان صهيوني وتقسيم العرب الى دول بعد ان وعد الانكليز الشريف حسين  باستقلال العرب وقيام كيان عربي موحد .

فدرس  مؤامرة الفرنسيين في لبنان ودرس مؤامرة الانكليز في الحجاز  يجب ان يكونا نصب اعيننا  ولندرس حاضرنا ومستقبلنا  بشكل عقلاني  مبنياً على ذاك التاريخ، وهذا لايعني ان ننسى اننا عرب  بل ونحافظ على عروبتنا كإنتماء، ولكن في نفس الوقت علينا ان  لاننسى ان معظمنا مسلمون وتجمعنا مع الاتراك ثقافة واحدة وتاريخ واحد وخضنا معاً حروباً ضد الصفويين وضد الاوربيين اصحاب المطامع الكنسية في بلادنا لاستكمال حروبهم الصليبية.

واريد ان  اذكر ايضا ان سوريا ودول عربية اخرى وضعت في العهد العثماني على جادة التقدم ومازال الكثير من المرافق والبنى التحتية والاسواق شيدت في العهد العثماني ومازالت فعالة حتى اليوم .  

كما لا انفي وجود تيار بيننا من المشككين بدور الاتراك في سوريا بادعائهم  من انهم طامعون باقتطاع اجزاء من سوريا لضمها للاراضي التركية ، اقول لهؤلاء: اذا كان الامريكان يريدون تقسيمنا على اساس عرقي ويعملون جادين لاقتطاع اجزاء من وطننا السوري لمكون لايزيد تعداده عن مليون نسمة والحبل على الجرار  ، فهل تركيا بحاجة لضم اقلية عربية اليها؟ لتتحول مع الزمن الى شوكة  في خاصرة تركيا وقد تتضامن مع اقليات اخرى كالعلويين او الاكراد لتقسيم تركيا ؟ 

فكروا فيها 

اعزائي القراء 

تتعرض تركيا اليوم لمؤامرات عديدة وليست مؤامرة واحدة ،ودوافع هذه المؤامرات عديدة منها :

تركيا دولة  بمكون شعبي اسلامي، والحروب في منطقتنا  تقوم مع الاسف على اساس ديني  كما كانت منذ عشرة قرون ، ولكن هذه المرة يتم تعزيزها بطرق مخابراتية وتكنولوجية ونفسية متقدمة لاضعاف المسلمين في اي دولة  طامحة للتقدم اي كانت وتركيا دولة متقدمة فالتركيز عليها اضحى  اولوية ، واستكمالا 

 للمؤامرة تم تصنيع داعش وتصنيع حكام عملاء من الاسد للسيسي لابن زايد ودعم حفتر كل ذلك لتعزيز  هذه المؤامرات ، ومن ظواهر هذه المؤامرات ايضاً كان في حرق المصاحف والهجوم المسلح على المساجد في اوروبا ورسم الصليب على اول صاروخ  روسي اطلق باتجاه الشعب السوري كان  بتوجيه من قبل بابا موسكو،  كما ان تصريح هذا البابا  بقوله من ان سيطرتنا على سوريا هو طلب كنسي فرضناه على بوتين يؤكد حجم المؤامرة على تركيا واي دولة اسلامية تحاول ان تضع نفسها على سكة التقدم  . 

فسقوط تركيا هو هدف مرسوم بدقة، وخاصة ان تركيا اصبحت من الدول العشرة المتقدمة علميًا وتكنولوجياً  ويحاولون تأخير نجاح اي ثورة عربية تستفيد من تجربة تركيا وبالتالي تفرض  نفسها مع الدول المتقدمة وخاصة ان الكوادر العلمية متوفرة .

 ان هذه الحروب في بلادنا لن تنتهي الا بصمود تركيا وتحقيق اهدافها او معظمها ، او سقوطها وتسليمها  لمجموعة عسكرية -مدنية  خاضعه لمطالب اصحاب المؤامرات لاسمح الله ،

ومشكلة تركيا اليوم هي في نصب اصحاب المؤامرات الافخاخ  المتتالية لها في كل مكان وكل فخ بطعم مختلف: 

ففي سوريا فخ التقسيم مدعوم من فرنسا وحكام خليجيين  خاضعين لاسرائيل وامريكا  

وفي البحر المتوسط فخ عزلها ومنعها من الاستفادة من ثرواتها البحرية مدعوم من فرنسا وامريكا بشكل خفي

وفي اليونان فخ تاريخي مدعوم اوروبياً وروسيا ً 

وفي ازربيجان  فخاً ارمنياً روسيا ً

ولاندري  ماذا يحضر لها  مستقبلا ً من افخاخ .

والسؤال الهام 

هل الحكومة التركية واعية لهذه المؤامرات ؟

اجيب بنعم 

فليست الادارة التركية تعي هذه المؤامرات فحسب  بل الحزب القومي المتحالف مع حزب العدالة يعي ذلك،  بل اكثر من ذلك الشعب التركي الموحد ضد هذه  المؤامرات يعي ذلك ايضاً .

فدروس مشابهة في توريط عبد الناصر في اليمن وفي توريط صدام حسين في الكويت وغيرها هي في ذاكرة الادارة التركية .

التصميم التركي  بالحصول على حقها المغتصب منذ بدايات القرن العشرين  قوي جدا ً وهي مستعدة خوض حرب من اجل ذلك وان كان اعداؤها يرغبون بالتهدئة فهم يعلمون بالنهاية ان خسارتهم لتركيا يعني سقوط المنظومة الاوروبية لقمة سائغة في فم الروس .

ان صمود تركيا بالنهاية يصب في مصلحة الشعب السوري  وعليه فلننسى الحساسيات القديمة المبنية على العاطفة ، ولنبدأ معا واقعاً عملياً مبنيا ً على العقل والتاريخ والعقيدة والعوامل المشتركه.

فانتصارنا يكمن بزيادة حلفاءنا وبالتغاضي عن الصغائر وتوحدنا  ولنحسن النية في الوطنيين الشرفاء من شعبنا والله معنا.

وسوم: العدد 895