الجولة الرابعة لعملية تجحيف الدستور السوري

بلا أرض ، ولا سقف ، ولا جدول أعمال ، ولا أفق ..

ويقول العامة في بلادنا : إللي عند أهلو على مهلو !!

ويكتب إليّ سوريون مثّربين عليّ : ما أجمل وأسهل المعارضة من لندن .. فيصدقون . ما أسهل المعارضة الأنيقة المترفة من بيت مدفّأ في الشتاء ، مبرّد في الصيف ، تكتب وأنت متكئ على أريكة .. وأيم الله ما قرأت تعليقاتهم المعاكسة تلك ، إلا قلت لهم : تصدقون ..يصدقون وأنا واحد ممن عايش وذاق بعض ما عنه يتحدثون ..

وحين يحس شخص مثلي ومثلنا ومثلكم ، نحن المتكئين على الأرائك بوطـأة الزمن ، وقسوته ، وتطاوله تحت وقع السياط ، وفي أعماق الزنازين وفي برد الخيام وحرها ، وبؤس العيش وشظفه ، فلن نستطيع مهما حاولنا ، ومهما ادعينا ، ومهما تأنسنا ؛ أن نستعير ولو للحظة إحساس إنسان سوري معلق بالكلاليب من قدميه ، ولا إحساس حرّة سورية ، تعيش منذ عشر سنوات ، في قعر مظلمة ، ولا إحساس الذين يقنعون أنفسهم بأن الدروة خير من الفروة ..

أزعم أنني في كل ما أفكر فيه ، أستحضر هذا ... ، وأحاول أن أعيشه ، وأدعي إذا قلت لكم إنني أعيشه ، كما يعيشه مهاجر ، بيته في وطنه مسلوب ، وهو عاجز عن تأمين أجرة سقف يأوي إليه في غربته التي طالت واستطالت ، حتى افترشها المفترشون .. واشتغلوا على ديمومتها

الإحساس بالزمن وبكل ما فيه من معاناة أصحاب المعاناة بطبقاتها ودرجاتها من موت وعذاب ونكال وفقد وجوع وعطش وعري وبرد وحر هو الجواب المباشر لتصريح غير بيدرسون : جولة رابعة تتبعها خامس بلا أفق زمني ولا ، ولا جدول أعمال محدود ،!! بلا إلزام ولا التزام ..

مجلس سواليف على طريقة ؛ قالوا وقلنا وقلنا وقالوا ، وكلما حاول مذكر أن يذكر قيل له : ترانا قاعدين ..

لن نعيد ونزيد بأن اللجنة الدستورية لم تقم على أساس ، ولم يكن لها في سياقات هذه الثورة سياق . وأنها في أول أمرها وأوسطه وآخره ، محاولة لملأ الفراغ ، فراغ استدامة الزمن واستطالته ، لتمرير المخططات .... يقنعهم الروسي لافروف بالأمس أن يكون لهم في انتخابات 2021 منافس لبشار ، وربما يتعهد لافروف بحماية هذا المنافس ، والتكفل بمصاريف الحماية والدعاية والتسويق .. ويتعهدون له بموقع الناجح الثاني في انتخابات رئاسة الجمهورية ، وما أجمله عند بعضهم من موقع !!

وأجمل ما في لقاء الجولة الرابعة أنه انعقد ، والتمثيل فيه تحت ثلاثة عناوين : فريق المنصات الذي يصفونه أحيانا بالسعودي وتارة بالتركي ، وفريق المجتمع المدني ، و" الفريق الوطني" لك الله يا وطني ، وهكذا تمضي التسمية " الفريق الوطني " بكل الجرأة والبجاحة وصلابة العين ..

و" الفريق الوطني " كما يرغم بشار الأسد لا يمثل الدولة ، ولا حتى الحكومة، بل هو فريق وطني مستقل متطوع ، فقط تدعمه الحكومة ، ربما تشتري لأعضائه بطاقات الطائرة ، وتقدم لهم فحص الكورونا المسبق كشرط لدخول الأراضي الأوربية ..

امتدح ربنا في كتابه العزيز أقواما لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا... وللناس في حب العلو في الأرض مذاهب . وحسب رأي العامة في وطننا بعض الناس يحبون العلو ولو على ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 905