التلفزيون الأسدي والدعاية العملية للكيان الصهيوني!!

الأسير الفلسطيني كريم يونس يشهد والتلفزيون الأسدي يعتز

في كثير من المواطن أفسر اختلافي على بعض الناس بأنه اختلاف أجيال. مجموعة القيم والأخلاق والأفكار التي نشأنا عليها في خمسينات وستينات القرن الماضي تختلف، ربما إيجابا ربما سلبا، عما تربت عليه أجيال لحقت. أدركنا من جيل الكبار ومن أجيال المعلمين ومن المدرسين ومن الشيوخ ما لم يدركه من جاء بعدنا...

ولست من الطبقة من الناس التي تقول "الأولي ولي" وكل قديم أفضل من كل جديد، والصواب دائما مع الأول، أو مع الأقدم؛ ولكنني في كثير من الأحيان، حين لا أجد ما أحسم به أمرا، أنتهي إلى التفويض. أتذكر القول المأثور "ربوا أبناءكم على غير أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم" ومع علمي بمحل الاستدارك العريض على هذا القول المطلق؛ إلا أنني أجد فيه للحق مدّخلا. لا شك أن الأخلاق العملية في التعاطي اليومي بين الناس، يدخل عليها التغير ، دون القيم المؤسسة على الدين والثوابت...

وقد أطلت لأبين أنني ما زلت منذ انطلاقة هذه الثورة المباركة، أختلف على بغض جمهورها في أمور، فأراهم لا يفهمون عليّ، وأراني لا أفهم عنهم؛ ثم أظل أنسب ذلك إلى "اختلاف الأجيال"

"دقة قديمة أنا" أقولها بكل الواقعية، لا فخرا ولا مرحا ولا ذلة ولا تهربا.. وما زلت مثلا كلما سمعت أن الكيان الصهيوني قد أغار على الأرض السورية، لتدمير أي هدف أراني مدفوعا للاستنكار والاستكبار ..ومع علمي أن الكيان الصهيوني لن يقتل الشيطان على أرضنا، ولكنني سأستنكر لو أقدم على أي شكل من أشكال العدوان ...

ودائما في الوصايا الإعلامية التي أتداولها مع من يستشيرني أقول: لا ترمِ سهما على عدو قريب - القرب مكاني- يستفيد منه عدو بعيد. وأوضح أكثر، فأوصي: لا تجروا المقارنات بين سقف الحريات والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان، وأوضاع السجون والأسرى في ظل دولة الاحتلال وبينها في ظل دولة الأسد..

وأنا أيضا عندما أسمع الفلسطينين في مجال كهرطيسي يعرف بالخط الأخضر يتحدثون أو يحاكمون أو يرفعون أصابع الفاء متحدين أقول وبكل حسم لو كان لي من سقف الحرية مثلهم ما خرجت من وطني، ولا استبدلت به، ولا آثرت عليه.....

ومع ذلك تظل وصيتي لأنفسنا جميعا أن لا نجري هذه المقارنات، لئلا يستفيد منها من هو سبب بلائنا. في رؤيتي بوصفي "دقة قديمة" أن أس البلاء كان من هناك. وأتذكر دائما حكاية "لا تنظر كيف تدمع عيناه انظر إلى ما تصنع يداه" وكل ما يجري علينا هنا يديرونه هم من هناك.

وتداول السوريون بالأمس فيديو للأسير الفلسطيني المحرر كريم يونس الذي أطل فيه الأسير على شاشة ما أسميه تلفزيون أسدي..

تورطت فيه مذيعة أسدية غرّة ، أو من فوقها ؛ إن قلت عن جهل فهي الزلة التي لا يقال لصاحبها "لعا" ولعا عند العرب مثل "يا باز" وهذه كلمة لها خبيء وشرح وتفصيل. وإن قلت عن علم فهذا يعني خطوة استباقية للتبشير بالتطبيع مع "الديمقراطية الوحيدة" في الشرق الأوسط، كما يظل يردد الأمريكيون والغربيون على العموم...

وتحت إلحاح المذيعة الساذجة الغرة التي لم تكن تدرك أين تدوس فأكثرت الطمسات...

ذكر الأسير الفلسطيني المحرر ، نسأل الله له القبول، أن أمه زراته خلال سنوات حياتها وهو في سجنه : 700 مرة، أي بمعدل 20 مرة في العام أي بمعدل مرتين في الشهر..

أمه وكذا أبوه، ولعل المذيعة لو استقصت أكثر لقال وأخته وأخوه وعمه وخاله...

وأضاف الأسير الفلسطيني المحرر من سجون المحتلين المجرمين، وانه أكمل دراسته في سجون الاحتلال في دراسة الهندسة الميكانيكية، وأنه أضاف إليها تخصصا آخر في دراسة العلوم السياسية...

كل هذا والسوريون والسوريات الآباء والأمهات ينتظرون من نظام المكاومة والمعايعة أن يخبرهم فقط : أأبناؤهم وبناتهم في الأحياء أو في الأموات...

لا تشتركوا في عملية تجميل وجه عدوكم فإن وجه عدوكم قبيح ....

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1015