لماذا فضل الغرب هذه النوعية من الحكام..القذافي مثالاً

أعزائي القراء ..

حكام العرب على نوعين ، نوع يوصف بالرجعيين وهم يتعاملون مع الغرب على المكشوف ، ونوع  آخر هم الديكتاتوريون أصحاب الخطب العصماء ،  وهؤلاء يتم توجيههم من قبل المخابرات الدولية بذكاء بما يصب في مصالحها رغم التشدق الخطابي بمهاجمة الاستعمار والصهيونية والرجعية والوقوف مع الشعب الفلسطيني باسلوب الصمود والتصدي الأسدي، بينما هؤلاء الجزارون متفوقون  بتدمير الاوطان و افقارها.

إخترت لكم من هؤلاء الجزارين  العقيد معمر القذافي رغم زوال حكمه لأظهر لكم كمية الفوضى التي خلفها بعد نفوقه، ليس بسبب خلافات حديثة بين الأطراف الليبية، بل بسبب حكم دموي رهيب امتد حوالي نصف قرن، جعل من الصعوبة بعد زوال حكمه تأسيس قاعدة ديموقراطية صلبة حتى الآن، وهذا أيضاً مايريده أعداء أمتنا لنا في سوريا في حال زوال الطاغية وهو درس لنا علينا استيعابه جيداً.  

عشت في ليبيا  عدة سنوات متعاقداً مع وزارة الإسكان، حيث سجلت (للأخ العقيد ) بعض الكوارث، منها ماشاهدتها بعيني ومنها ما تابعتها من أصدقائي الليبيين ومنها مجتزأة  من الصحافة ، حيث قاد حكمه  إلى تدمير ليبيا رغم  قلة عدد سكانها وغناها.

1- فقد اوعز له أصدقاؤه السوفييت باستفزاز امريكا في اوروبا ، فأسقط للامريكان كما نعلم  طائرة بركابها  فوق اسكتلندا في منطقة لوكربي، وبعد زوال السوفييت وانكشاف الغطاء عنه، ارغم القذافي  على القبول بصفقة لتسوية ملف "لوكربي"  فدفع مرغماً مبلغاً بلغ (2.7) مليار دولار أميركي تعويضات مالية لضحايا الطائرة مع مصاريف المحامين  ، فكانت أهم واغلى صفقة تعويضات بالتاريخ.

2- تدخله في دعم الجيش الجمهوري الايرلندي   فكان هذا التدخل  غباءاً مضحكاً حيث اغمضت بريطانيا اعينها عن عمد لجعل القذافي يصرف  المليارات من الدولارات بلا فائدة لتقوية الجيش الايرلندي  ضد بريطانيا ،وبعد انتهاء الأزمة وحلها بما يرضي الطرفان المتصارعان ، لتبدأ المطالبات المالية من القذافي عما أحدثه من ضحايا ودمار نتيجة دعمه لجيش إيرلندا الجمهوري  من خلال رفع قرار تجميد أصول ليبية تبلغ قيمتها مليارات الجنيهات الإسترلينية وتحويلها لسداد التعويضات، حسب ما أوردته صحيفة بريطانية.

وقال المحرر الدبلوماسي في صحيفة إكسبرس البريطانية  إن أكثر من ستين مليار جنيه إسترليني من أصول معمر القذافي جمدت من قبل الأمم المتحدة عقب مقتله في سنة 2011.

وأشار  المحرر إلى أن مجموعة من الناشطين شددوا على أن هذه الأموال يجب أن تستخدم لتعويض الأشخاص الذين كانوا ضحية أعمال إرهابية غاشمة يقف وراءها نظام القذافي،

3- حربه في تشاد  فقد كلفته مليارات الدولارات إضافة للخسائر البشرية والمادية ، فقد دفع القذافي في حربه في تشاد  

حوالي 20 مليار دولار  و :

7,500 قتيل 

1,000 أسير

800 مركبة مدرعة

28 طائرة

ولم يكن يحتاج لهذه المغامرة التي دفعه اليها عملاء من المخابرات العالمية . وبالمناسبة فقد خلفت هذه الحرب خائنا ً هو  خليفة حفتر  قائد حملة تشاد ، حيث انقذته امريكا من المعتقل التشادي لتنقله الى واشنطن ليتخصص بعلم العمالة ثم تعيده الى ليبيا كأحد المتنفذين بالعهد الجديد و احد زارعي الفوضى في ليبيا اليوم !.

 4- قام القذافي بعمل جنوني آخر

حيث نصب نفسه ملك ملوك قبائل افريقيا فدفع لرؤساء  قبائل أفريقيا مئات الملايين من الدولارات لقاء هذا المنصب التهريجي ، فاخذت له الصور  في وسطهم  وهو على كرسي  بلباس افريقي ملتفاً بجلد النمر يحيط به رؤساء قبائل افريقيا برماحهم  المشرعة.

5- لم ينس القذافي  صديقه الجزار حافظ أسد في دعم  ميزانيته المنهارة بمئات الملايين من الدولارات اضافة  لدعمه ب 200 مليون دولار لاخيه الجزار رفعت لكي يتم تسفيره لاوروبا .

6- أما ماصرفه القذافي على جيشه حتى يكون لائقاً باسم: 

"الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى"

 فتزود بأسلحة روسية هي من النوع المنسق ، ولكنها كافية لكي يستعرض دباباته T54 مع الشعب الليبي في يوم الفاتح من سبتمبر  من التاسعة صباحاً وحتى السادسة مساءاً كما تابعتها على التلفزيون الليبي، هذه الأسلحة التي استخدمها في تشاد  وتحولت الى بقايا اسلحة.  كلفته  50 مليار دولار .

7- أما مشروع النهر العظيم ، فكان استنزافاً آخر لثروات ليبيا ،فقد دفع لمكاتب أوروبية هندسية من أجل مشروع مايسمى بالنهر العظيم  مبالغ مع التنفيذ بلغت  25 مليار دولار أمريكي، ورغم ذلك فإن ليبيا ظلت حتى قبل سقوط القذّافي تعتمد على مصادر أخرى للمياه، وهو ما فتح جدلًاً آخر حول أهمية المشروع وجدواه مقابل تكلفته، فمازالت حصة المواطن الليبي من المياه  أقل من 800 مكعّب، أي أنها تقبع تحت خط الفقر المائي.

8-  وبنفس الوقت  غير العقيد العملة الليبية وفرض على البنوك ان لايصرف للمواطن الليبي أي مبلغ  أكثر من مليون دينار كحد اقصى ، مهما كانت مدخرات هذا المواطن من العملة القديمة ، فاتجه اصحاب الأموال ورجال الأعمال في يوم واحد إلى طرابلس العاصمة ، فأحرقوا اموالهم القديمة  في البراميل في ساحة الشهداء ، وغادروا إلى اوروبا ، 

هذا  هو القذافي الديكتاتوري التقدمي المقاوم للاستعمار وأعوان الاستعمار ، وهذا ما فعله بشعبه ، بينما دفع قيمة كتابه الذي الفته له ميريلا بيانكو الكاتبة الايطالية بعنوان ( القذافي رسول الصحراء ) مبلغاً قدره 100 مليون دولار  إكرامًا لها.

أعزائي القراء . .

اختصاراً للمقال، فلم أتطرق لجرائمه ومجازره، حيث نصب العقيد المشانق  لطلبة جامعة طرابلس في الحرم الجامعي امام زملائهم   لاتهامهم بالرجعية والمساكين كانوا يبكون بينما ترفعهم "عذراوات الثورة " الى حبال المشانق لعجزهم عن السير  ، كما ان مجزرة معتقل بو سليم توأم معتقل تدمر مازالت  ماثلة للعيان ، أما دعوته لإعادة بناء الدولة الفاطمية مجدداً لاعجابه بها فهذا يعبر عن عقيدته المنحرفة ،بينما انهارت الدولة الفاطمية على يد القائد السلطان صلاح الدين الايوبي بعد ان  هزم الصلبيين في مصر ولولا ان قيض الله هذا الفاتح لكانت اليوم  بلاد النيل تحت حكم الفاتيكان . 

القذافي نموذج من الحكام الديكتاتوريين(أعداء الاستعمار والصهيونية) الذي دمر وطنه ، ولولا بطشه وسرقاته ، لما وصل البلد اليوم الى ما وصل اليه  من فرقة وانقسام ، 

بقي سؤال يتعلق بالدروس المستفادة من سيرة هؤلاء الجزارين هو : لماذا هذا المقال عن القذافي  بينما  زال حكمه  منذ عشر سنوات ؟

سؤال افتراضي جيد ، لقد أحضرت سيرته لابين أن تنصيب هؤلاء الجزارين  المدمرين لاوطانهم على بلادنا بدعم مخابراتي غربي،  ثم ازالتهم  سببه خلق فوضى عارمة بعد التخلص منهم وهذا ما يحصل في ليبيا من تدخلات خارجية حيث الفوضى مازالت قائمة ودول العالم تحاول الاستفادة من هذه الفوضى ، وهو درس لنا نحن السوريون من ان نأخذ  درساً مما يحصل  في ليبيا اليوم  في حال زوال الطاغية وهو باذن الله زائل ،لنكون موحدين تحت راية ديموقراطية بعيدين عن الفرقة ، يلتقي الجميع معاً لبناء وطن سليم معافى.

وسوم: العدد 1023