سايكس - بيكو و العرب

اجتمع سايكس البريطاني و بيكو الفرنسي ، يحملان قلمين يبديهما و راحا يقسمان خريطة الوطن العربي ، إلى أقسام صغيرة معتمدينعلى بعض القواعد الهامة : اولها ، حسب توزع النفوذ البريطاني و النفوذ الفرنسي ، و الثانية حسب عمق التاريخ الحضاري بين الشعوب ،و الثالثة التقسيم الموصل الى تقسيم نهائي في الانتماء الى العالم الاسلامي او العربي ، و الرابعة ، امكانية تقسيم المقسم لاحقا ، و غيرهامن الافكار و لعل المناسب ان يقوم مكتب دراسات بالتعمق أكثر في الاسباب و الاهداف القريبة و البعيدة لتقسيم سايكس بيكو ، و لذلك نجدمثلا أنهم جعلوا كل المناطق ذات الماضي الموغل في الحضارة البشرية دولا جمهورية محكومة بالعسكر ، بينما المناطق الموغلة في عمقالتاريخ البدوي ، جعلت تحت نظام الحكم القبلي سواءً تمت التسمية بالمملكة او الامارة ….

و قبل هذا التاريخ كان المسلم عموما ( و الحديث هنا عن بلاد العرب بشكل اخص ) ينتقل من بلاد المغرب الى المشرق دون أن يعبر منفذحدود واحدا، و دون الحصول على تأشيرة دخول، و دون ان يشار إليه بالأجنبي او الوافد أو المقيم ، و قد جاء يوما الى اللاذقية شيخ منالمغرب العربي (و كان يسمى المغرب الأقصى و بعد ذلك صرنا نقول المغرب العربي) ، و اقام فيها و احبه الناس و احترموه و بنوا مسجداضخما في أعلى منطقة من اللاذقية و سموه مسجد المغربي و دفنوه هناك ايضا بعدما مات يرحمه الله، و كان المسلمون قبل ذلك يسمونعلماءهم باسم المدينة التي عاش فيها مثل ، ابن قدامة القرشي المقدسي الجماعيني الدمشقي الصالحي ، و كل هذه الاسماء هي لمدنعاش فيها ، و كذلك ابن رجب الحنبلي البغدادي الدمشقي … و هكذا ، لم يكن في الوطن الاسلامي تمييز بين جنسية و أخرى ، فالجميعيعلم أنه لا فضل لعربي على أعجمي و لا لأبيض على اسود الا بالتقوى …

و بعد أن آتت تلك التقسيمات أكلها ، فصرنا ندافع عن حدود وهمية صنعها لنا الغرب المحتل و نتوهم أننا نقاوم المحتل الأجنبي !!!! وصارت لنا جولات و صولات من الفخر بالانتماء إلى احدى مخترعات سايكس او احدى مستوطنات بيكو ….

و لما جاء زمن الاستثمار لتقسيم المقسم ، تم امتطاء ثورات الربيع العربي ، من اجل المرحلة التالية من تقسيم المقسم ، و لم يجد سايكسبيكو مشكلة او مقاومة لذلك ، و خصوصا أننا بدأنا بقضية فلسطين فأزلنا عنها الإنتماء الإسلامي و قصرناها على العروبة ، و لم نلبثطويلا حتى قلنا ان فلسطين للفلسطينيين و عليهم نزع أشواكهم بأيديهم و ان احتاجو مساعدة ( معنوية ) فليطالبونا بها لعلنا نستطيع ذلك ،و في مطلع الثورة السورية الحالية سمعت كثيرا من أكابر القوم ينادي ان لا نكتب في غير الشأن السوري ، تحت شعار : أهل مكة أدرى بشعابها … و إذا استمر بنا الانحدار هذا سينطبق علينا يوما ، ما كان طرفة للضحك من نوادر جحا ، لمًا قيل له أن مصيبة حلت بالبلد قال : علي بقريتي ، قيل له وصلت الى قريتك ، قال: علي بحيي ، وصلت الى حييك يا جحا : قال علي ببيتي ، ياجحا : صارت المصيبة في بيتك ،قال : علي بنفسي …

و إن أردنا النهوض من جديد ، فلابد لنا من سلوك طريق العودة الذي جئنا منه ، و يكون في نهاية النفق المظلم الذي نريد الخروج منه، ضوءمطل على أمة إسلامية واحدة …. مرورا معكوسا لمخططات سايكس بيكو التي برعنا في تنفيذها سابقا ، فهل نبرع في طريق العودة بنفسالمستوى من البراعة !!!؟؟؟

وسوم: العدد 1032