وهم يحتفلون بـ “المطبخ الفائز”.. إسرائيليون: نفرح لموت الرضع ومشاهدة أجسادهم النحيلة

خطة إسرائيل، التطهير العرقي في قطاع غزة، تتقدم بشكل جيد، وربما حتى بشكل أكبر مما هو متوقع. لقد أضيف إلى الإنجازات مؤخراً مهمة سجلت القتل والتدمير الممنهج، وثمة إنجاز آخر مهم وهو أن التجويع بدأ يؤتي أكله. فهو ينتشر بسرعة وبدأ يسقط الضحايا بأعداد لا تقل عن أعداد القتلى بسبب القصف. من لا يقتل في طابور الحصول على الغذاء فلديه فرصة جيدة للموت بسبب الجوع. سلاح التجويع أثبت نفسه. صندوق المساعدة تبين أنه قصة نجاح. نعم، أطلقوا النار على مئات الغزيين وتم قتلهم أثناء انتظارهم لرزم الصندوق، ولكن هناك أشخاص لا يمكنهم الوصول، فيموتون جوعاً، معظمهم من الأطفال والرضع. أمس، توفي عشرة أشخاص بسبب الجوع (15 ماتوا أول أمس، بينهم 3 أطفال ورضيع ابن ستة أسابيع)، 111 ماتوا منذ بداية الحرب، بينهم 80 طفلاً، والعدد في تزايد في الفترة الأخيرة. الصور التي أخفتها عنكم وسائل الإعلام الإجرامية في إسرائيل، التي لن يغفر لها ولن ينسى تقصيرها في تغطية غزة، لم تسلم من عيون العالم. هي صور لأشخاص متعبين بسبب الجوع، صور الكارثة، أما إخفاؤها هفو انكار للكارثة، هياكل عظمية لأطفال رضع وصغار، أحياء وأموات، تظهر عظامها من خلال أنسجة دهنية تم هضمها، وعضلات مخفية، عيونهم وأفواههم مفتوحة ونظراتهم مجمدة.

هم مستلقون على أرضية المستشفيات وعلى الأسرة، بدون ملابس، أو يتم حملهم على عربات تجرها البهائم. هذه صور من جهنم. في إسرائيل، كثيرون يتنكرون لها، ويشككون في مصداقيتها، وآخرون يعبرون عن سرور وتفاخر عند مشاهدة أي رضيع مجوع. نعم، وصلنا إلى هذه الحالة.

إن تحويل التجويع إلى سلاح مشروع ومقبول على الإسرائيليين، سواء بالدعم الصريح أو باللامبالاة، هي المرحلة الأكثر شيطنة في الحرب التي شنتها إسرائيل ضد غزة حتى الآن. وهي الوحيدة التي لا يمكن إيجاد أي مبرر أو ذريعة أو تفسير لها. حتى إن أجهزة الدعاية في إسرائيل التي لا حدود لها، لن تنجح في ذلك.

أصبح التجويع سلاحاً مشروعاً لأنه وسيلة أخرى لتحقيق هدف التطهير العرقي. علينا استيعاب ذلك، ورؤية استمرار الحرب على خلفية هذا التفسير، فإنه كما أنه من الجيد لإسرائيل أن تقتل عشرات الآلاف بنار قواتها، فمن الجيد لها أيضاً موت المئات تجويعاً. هكذا يمكن تحويل القطاع إلى مكان غير قابل للعيش. وهكذا سيغادرون “طواعية”، في البداية إلى “المدينة الإنسان ة” ثم إلى ليبيا أو إلى مكان لا يعرفه إلا الله فقط.

التجويع يترك بصماته الآن على الجميع. المراسلون الفلسطينيون في غزة، الذين لم يتم إطلاق النار عليهم وقتلهم على يد الجيش الإسرائيلي، يقولون إنهم لم يأكلوا أي شيء منذ يومين أو ثلاثة أيام. وحتى الأطباء الأجانب تحدثوا أمس عما أكلوه، وبالأساس عما لم يأكلوه. طبيبة كندية في مستشفى ناصر، قالت إنها لم تأكل في الأيام الأخيرة سوى صحن عدس صغير. هي لا تستطيع المواصلة هكذا، ومعالجة الجرحى والمرضى. وهذا جيد لإسرائيل.

طاقم قناة “الجزيرة” رافق، أمس، شاباً خرج للبحث عن الطحين لأولاده. بحث وبحث… إلى أن وجد في السوق بسطة عليها كيسين صغيرين من الطحين الإسرائيلي وزجاجة زيت. كان السعر مئات الشواكل للكيس الصغير، لذلك عاد خالي الوفاض إلى بيته، إلى عند أولاده المجوعين. في الاستوديوهات شرحوا مراحل الجوع الثلاث. أولاده في المرحلة الثانية.

التجويع حول هذه الحرب إلى أكثر حروب إسرائيل رعباً، وبالتأكيد أكثر الحروب إجراما. لم نجوع في أي يوم مليوني شخص. ولكن هناك شيء واحد أسوأ من التجويع، وهو اللامبالاة التي يستقبل فيها الإسرائيليون هذا التجويع على بعد مسافة ساعة ونصف سفر من المكان الذي توفي فيه أمس الطفل يوسف الصفدي ابن الستة أسابيع. لم تتمكن عائلته من الحصول على بديل حليب الأم. في الوقت الذي مات فيه، بثت القناة 12 برنامج “المطبخ الفائز” ونسبة المشاهدة كانت ممتازة.

وسوم: العدد 1130