قطوف 938

وقف الإمام الطاهر بن عاشور عند قول الله عز وجل: *{إن ربك واسع المغفرة}* حيث أضاف القرآن الكريم {رب} إلى ضمير الكاف العائد على النبي ﷺ *(ربك)* ولم يقل (ربكم) بضمير الجماعة مع أن الخطاب للأمة: *{هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض}* فاستنبط الإمام رحمه الله تعالى إشارة الآية الكريمة إلى أن عناية الله تعالى ورحمته وواسع مغفرته للمحسنين والمتقين من هذه الأمة المحمدية قد حصلت لهم ببركة نبيهم محمد ﷺ، الذي نسبه إلى نفسه بضمير الخطاب وحده دون سائر الخلق في سياق سعة المغفرة؛ كرامة له ﷺ، وتنويهًا إلى عظيم بركته على البشرية كلها ﷺ.

*************************************

غرض الشاطبي من تأليف الموافقات

وقد بين الشاطبي ذلك (غرضه من تأليف الموافقات) في مقدمة "الموافقات"، فقال: "ولأجل ما أودع فيه من الأسرار التكليفية المتعلقة بهذه الشريعة الحنيفية، سميته بعنوان: التعريف بأسرار التكليف، ثم انتقلت عن هذه السيماء لسند غريب يقضي العجب منه الفطن الأريب، وحاصله أني لقيت يومًا بعض الشيوخ الذين أحللتهم مني محل الإفادة... وقد شرعت في ترتيب الكتاب وتصنيفه وما جذَّت الشواغل دون تهذيبه وتأليفه، فقال لي: رأيتك البارحة في النوم وفي يدك كتاب ألفته، فسألتك عنه، فأخبرتني أنه كتاب الموافقات، قال: فكنت أسألك عن معنى هذه التسمية الطريفة، فتخبرني أنك وفقت بين مذهبي ابن القاسم وأبي حنيفة، فقلت له: لقد أصبتم الغرض بسهم من الرؤيا الصالحة بمصيب...، فإني شرعت في تأليف هذه المعاني، عازمًا على تأسيس تلك المباني، فإنها الأصول المعتبرة عند العلماء، والقواعد المبني عليها عند القدماء" (الموافقات، 1/24). نقلًا من كتاب: (نظرية المقاصد عند الإمام محمد الطاهر بن عاشور) تأليف إسماعيل الحسني.

وسوم: العدد 938