الحمامة والفطحل

حكاية شعرية :

كان فطحلٌ ( ذكر البوم ) ينعب شاكيا :

ما أسوأ حظي ! سني عالية ،

ولا ثبات لي على الغصن ، والبؤس يشلني .

أنا وحيد في هذا العالم ، لا يدنو مني أي عصفور

يسليني ولو لحظة في وحدتي القاسية الموحشة .

وسمعت حمامة كلماته الشاكية ،

فأسرعت تقترب منه .

قالت : وا أسفاه يا صديقي !

لكم تشجيني آلامك وهمومك !

إلا أنني لا أفهم كيف تكون في هذه السن

العالية دون زوجة أو أبوين أو أبناء أو أحفاد .!

ألم تتزوج في شبابك ؟!

فأجابها : لا يا عزيزتي .

أتزوج ؟! لم أتزوج ؟!

الزواج مصدر أخطار جمة .

أتريدين أن أتزوج بومة شابة

كثيرة الطيش ، دائمة الغنج والدلال  ؟!

دائما تخونني ، دائما تغضبني ،

وتنسل أبناء خبثاء ، جاحدين ، كاذبين ، رديئين ،

يتمنون في السر موت أبيهم .

هذا ما يفعله كل الأبناء .

ما من شفاء لأحزاني وهمومي في الزواج ،

ولا أوافقك الرأي أبدا .

الأبناء قساة القلوب ، يعز إرضاؤهم ،

ويبدون الضيق والانزعاج لأتفه العلل ،

ولا يحبون سوى ما يرثونه عن آبائهم من مال ومتاع .

وكل أخ ، وكل ابن عم ، يبغضنا ، ويسلبنا أشياءنا .

فقالت الحمامة : كلا ! لا أوافقك رأيك ، ولنتحدث عن الأصدقاء ، عن اليتامى !

الأسرة تعني أن تلقى لدى أفرادها بعض اللين والحنان .

فرد الفطحل : الأصدقاء ! كلهم مخادعون غشاشون .

عرفت فطحلين تحابا حبا وافر الحنان خمسة عشر عاما ،

وتذابحا يوما على فأرة !

إيماني بالصداقة أٌقل من إيماني بالمحبة .

قالت الحمامة : ألا ليغفر الله لي نصحي لك !

وهكذا لم تحب بتاتا ؟!

فرد : أحلف لك لم أحب ، وهذا سر بيني وبينك .

فسألته : إذن لم تشكو يا عزيزي ما دام هذا حالك ؟!

*الشاعر الفرنسي جان بيير دو فلوريان ( 1755_ 1794) .

وسوم: العدد 875