الفجر

                         _ 1 _  

يصرخ طفل في حجرة مظلمة بلغة ليست مفهومة : 

" أريد بطتي ، أعيدوا لي بطتي ! " ، 

وما من بطة في الحقيقة . 

ليس في المكان سوى كلب أبيض الشعر  

قابع في وِجاره قرب الطفل .  

تتعاقب  السنون  في الأحلام . 

هذه هي حياة الإنسان . 

أما البطة فلا يعلم أحد ما حدث لها . 

              _ 1 _  

التقى الاثنان قبل هنيهة ،  

وهما الآن غافيان عند النافذة المفتوحة . 

نور الفجر يوشك أن يلج الحجرة  

ليوقظ الاثنين ،  

ويبين لهما أن ما يتذكرانه من ليلتهما صحيح ، 

ولبين لهما السياق الذي حدث فيه ما يلي :  

الجوارب مخفية أسفل حصيرة قذرة ،  

واللحاف تزينه أوراق خضر ، 

وضوء الشمس يجلي الجوارب واللحاف ؛  

محددا لها في ثقة بذاته لا مغالاة فيها ،   

ولا يجلي شيئا آخر سواها ،  

ثم يبطىء في شيوعه  

مجليا تفصيل كل شيء  

شبه عبارة إنجليزية ؛  

في عناد يصعب إرضاؤه ،  

يجلي حتى قطرة الدم الصغيرة على غطاء السرير .  

                 _  3_ 

يفترق الاثنان نهارا .  

ويتكدس التوت في السوق عفنا ،  

ويبدو السخط على المدير  

لقلة ما درته مبيعاته من المال . 

ويبارح أحد الاثنين الدنيا ، 

ويوالي الآخر بقاءه فيها . 

وتعود أنت إلى بيتك متأخرا حين ترى عفن التوت  

كأن شمس النهار تُعشي  عينيك لحظة عابرة . 

*للشاعرة لويز جلِك التي حازت نوبل للآداب هذا العام . 

*لم ترُق لي القصيدة  لخلوها الواضح من  وهج الانفعال  والصور الشعرية المدهشة ، ولسوء أنساق أبنيتها التعبيرية الذي حررتها الترجمة منه  ، وتباعد الصلة بين أجزائها تباعدا يُصعِب فهمها  ، ولم تعوض هذه النقائص الفنية عندها جمالياتٌ فنية أخرى .في الشعر العربي ما  يسمى الشعر الغسيل ( بمعنى المغسول )  لخلوه من الصور الفنية ، وشعر الأعراب جزء من هذا الشعر ، و يستعيض عن  الصور بحلاوة الإيقاع المنبثقة  من سلاسة الأسلوب واستقامة نسقه وسهولة الكلمات وجسن موقعها في السمع والنفس ، ولنقرأ هذا البيت لأعرابية تعاتب ذئبا ربته ، فقتل شاهها : 

قتلت شويهتي وفجعت نفسي  * فمن أنباك أن أباك ذيب ؟! 

إذا كان الطباع طباع سوء     * فلا أدب يفيد ولا أديب  

يظل العرب  ملوك الشعر وأمراءه ، وفي شعرائنا من يستحق نوبل أكثر من لويز وسواها من الشعراء الغربيين الذين فازوا بها ، ألا يستحقها محمود درويش وسعدي يوسف لوفرة القيم  الإنسانية النبيلة ، والجماليات الفنية الفريدة في شعرهما ؟!  حرمان الاثنين منها خاصة درويش الذي ترجم شعره إلى لغات أوروبية كثيرة علله سياسية .  

*اعتاد الشاعر أدونيس سالفا أن يجلس عند الهاتف في موعد إعلان الفائز بنوبل في الأدب مترقبا أن يكون هو الفائز ، ولا أعلم إن كان ما زال  يترقب . ( ح . ص )  

وسوم: العدد 898