بعد إخضاعه العالم العربي بـ”ضجيج التطبيع”… نابليون الإسرائيلي: آلامي لا تطيق انتظار المسيح يا صديقي جدعون

بنيامين نتنياهو شخص ذواقة؛ لم يرغب في أن يقصيه عرب عن كرسي رئيس الحكومة، كما لا يرغب في أن يقوم يساريون بذلك، بل ورمى 4 جنرالات عن الأدراج. إنه ذواقة جداً في اختيار من سيعزلونه، إلى درجة أن اضطرت جماعته إلى اختيار شخصية مناسبة جداً للعزل، تليق باليمين، بدون “مؤيدين للإرهاب” وبدون اليسار الذي نسي “ماذا يعني أن تكون يهودياً”.

الآن، مع كل الاحترام، مطلوب من نتنياهو النزول من على مسرح التاريخ. إقصاء فخم كهذا لم يسجل منذ عزل نابليون بونابورت، الذي وصلت احتلالاته اللامعة إلى أقصى العالم. كيف يتلاعب التاريخ بأبطاله. في هذه اللحظة الشبيه الإسرائيلي لبونابورت والذي أخضع العالم العربي، دولةً وراء دولة وزعيماً وراء آخر، يتم إقصاؤه من قبل الأسرة، وسيرسل إلى جزيرة “سانت هيلانا” الإسرائيلية.

في هذا الموقف التاريخي، يصعب أن نتوقع بأن يهمس نتنياهو: حتى أنت يا جدعون؟ ولكن يمكن الافتراض بأنه سيهمس في آذان الشخص الهارب: “لقد انتظرت طويلاً، لماذا تأخرت يا جدعون”. يمكنني التخمين بأن نتنياهو قد تمنى في أعماق روحه هذه اللحظة-ضربة قاصمة وانتهى الأمر، بدلاً من رحلة المعاناة التي بدأت قبل فترة طويلة ومن شأنها أن تختمر حتى مجيء المسيح، إذا كان الأمر يتعلق بأشخاص أمثال زوهر وريجف على شتى أنواعهم.

إن تعثّر نتنياهو جاء عندما أربكه ضجيج فتوحاته في العالم العربي وحدث لديه تشويش ما بين عرب “الخارج” الحساسين وعرب الداخل “المتغطرسين”. يبدو أنه نسي أن من المحظور عليه أن يرتبط برعاياه العرب، الذين وصفهم بالأمس القريب بمؤيدي الإرهاب. الحلم وشظاياه أخذ شكل فارس عربي انطلق على صهوة فرس بيضاء- فرس القانون الفرنسي، مغلفاً بفخافة بونبارتية- والذي كان من المتوقع أن ينقذه من معاناة القضايا المرفوعة ضده في المحكمة. بدلاً من رفض هدية الفارس العربي، قبلها بأذرع مفتوحة. هذه الزلة انتظرها بروتس الإسرائيلي.

ليس بإمكان المواطن العربي عزل رئيس حكومة يهودي، ولا يستطيع أيضاً أن ينقذ رئيس حكومة يهودي. بمجرد أن غمز بأنه مستعد أن يستغله عربي، انتهى مصيره. أغلبية يمينية نقية العرق مستعدة وجاهزة للقيام بالمهمة الصعبة المتمثلة بالتضحية بأحد أعضاء الأمة من أجل النقاء العرقي.

في هذه الأثناء، وفي ضوء الارتفاع النيزكي في قوة اليمين بإسرائيل، بدأت أنمي على جسدي طبقة سميكة للامتصاص، كي أمتص ضربات الأيام الحالية والأيام القادمة. دولة كاملة تقوم بعمليات تحوّر وتحول عظيمة باتجاه اليمين. حسب مجمل الاستطلاعات الأخيرة، يوجد لليمين الصلب في هذه اللحظة 82 عضو كنيست، ولليمين الطري 21 عضو كنيست، مقابل 17 عضواً لطيفاً لـ “القائمة المشتركة وميرتس”. في كل العالم اليمين يقصي اليسار، وبالعكس اليسار يقصي اليمين. في إسرائيل فقط، الأكثر يمينية يقصي اليميني.

كيف يدور العجل؟ كتب رجل القانون شاحد بن بيري، في منشور له على فيسبوك أن في جيب إسرائيل هذه للحظة 22 دولة عربية، أما الفلسطينيون فلا يملكون ولو دولة واحدة. للعصفورة كما هو معروف عش مستقل، ولكن الفلسطينيين حرموا من هذا الترف. هل أصبح واضحاً الآن لماذا يجب علينا أن نربي على جسدنا طبقة للامتصاص؟ بسبب النفاق. جماعتنا يتمرغون في رمال دبي، أما في “المناطق” فيقتحم جنودنا غرف النوم في منتصف الليل، وفي النهاية يغضبون منك ويقولون لماذا تبدو حامضاً. أنا حامض بسبب نفاق العالم ونفاق من يحيطون بي.

مع ذلك، نذكر بأن المجمع الانتخابي سيصادق اليوم على انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، هذا يوم كئيب لدونالد ترامب، الذي يحاول حتى اللحظة الأخيرة تسميم الجو بصفقات سلاح وبالمصادقة على احتلالات. لقد تبقى لنا 36 يوماً إلى أن يغادر هذا المجنون الذي له شعبية هنا أكثر مما لديه في بلاده. يذكر هنا أن الساعات الأكثر ظلاماً هي تلك التي تأتي قبل انبثاق الفجر. 

وسوم: العدد 907