عقيد فاتح حسون لـ "الشرق": وقف شامل لإطلاق النار في إدلب بعد قمة سوتشي

أردوغان قلب المعادلة على حلفاء نظام الأسد

الاتفاق الروسي التركي خلق حالة مدنية في إدلب

تركيا نجحت في إبقاء العلاقة جيدة مع روسيا دون أي توتر

العديد من الدول ستراقب الوضع في إدلب

القبول بالطرح التركي مؤشر على محدودية الخيارات الدبلوماسية الروسية والإيرانية

الضبابية تخيّم على مصير الطلعات الجوية الروسية في إدلب

15 أكتوبر بدء تطبيق المنطقة منزوعة السلاح بعرض 15 و20 كيلو

توصل الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين الإثنين الماضي إلى اتفاق لإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب تحت سيطرة روسية تركية، مما قد يتيح تجنب هجوم على هذه المحافظة التي تعتبر آخر معقل للفصائل المعارضة للنظام في دمشق.

وبعد عشرة أيام من فشل قمة طهران بين الرؤساء الروسي والتركي والإيراني، عقد رئيسا الدولتين الرئيسيتين في النزاع السوري، أمس، جلسة محادثات مغلقة استمرت أربع ساعات في منتجع سوتشي على البحر الأسود. وأعلن بعدها الرئيس الروسي الاتفاق مع أردوغان على إقامة "منطقة منزوعة السلاح" في إدلب بحلول الـ 15 من أكتوبر المقبل. وقال في مؤتمر صحفي: قررنا إقامة منطقة منزوعة السلاح بعرض يتراوح بين 15 و20 كيلومترا على طول خط التماس ابتداء من الـ 15 من أكتوبر من هذا العام.

بنود اتفاق سوتشي

وينص الاتفاق على أن تنسحب جميع الفصائل المسلحة التي وصفت بالمتطرفة من المنطقة المنزوعة السلاح، بما فيها هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقا"، كما تسير الحركة على طريقي حلب-اللاذقية، وحلب-حماة وتستأنف قبل نهاية العام الجاري. من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المؤتمر الصحفي عقب الاجتماع مع بوتين إنني على اقتناع بأننا بهذا الاتفاق تجنبنا حصول أزمة إنسانية كبيرة في إدلب.

https://www.al-sharq.com/uploads/2018/09/18/article_cover/f31bc6b2b294015d74e89890978d879e0cc8cf84.jpg

نتائج سوتشي

بدوره، علق العقيد فاتح حسون رئيس الوفد العسكري في مفاوضات أستانا سابقا قائلا: بعد حزمة من الضغوط التي مارستها تركيا والدول الغربية وأمريكا، وبعد رسو القطع الحربية الأمريكية بمكان ليس بعيدا عن سواحل سوريا، ظهرت نتائج هذا الحراك، ليس على وجه بوتين المتجهم فقط، بل على القرارات التي خرجت من المؤتمر الصحفي للرئيسين الروسي بوتين والتركي أردوغان، والتي تجسدت في النتائج التالية:

1- نجح الرئيس التركي بقلب المعادلة من خلال حشد واستثمار الضغوط الدولية على روسيا وإيران "اللاعبان الأقوى والحليفان الاستراتيجيان لنظام الأسد"، والإبقاء في الوقت نفسه، على علاقة تركيا جيدة مع روسيا دون أي توتر في العلاقات بين البلدين.

2- رصانة الموقف التركي جنَّبت المناطق المحررة كارثة إنسانية من خلال ثبات موقفها السياسي وتعزيز وجودها العسكري، لكن من ناحية أخرى ستكون تركيا أمام تحدي إخراج الجماعات المتطرفة كهيئة تحرير الشام وأخواتها، خاصة أن بنود الاتفاق واضحة بهذا الشأن، والرقابة لن تكون من قبل الأتراك فقط، بل هناك العديد من الدول التي تراقب الوضع في إدلب، هذا الأمر الذي يدركه الجميع، بما في ذلك هيئة تحرير الشام وما تحمله من تيارات داخلية مؤيدة لحل الحركة والاندماج في النسيج السوري من جهة، وتيار متعصب لأيديولوجيته من جهة أخرى، هذا التيار سيجد نفسه أمام خيارين: إما التسليم أو المواجهة مع قوة كبرى مثل تركيا.

3- تراجع لغة الوعيد والتهديد الروسي بالتصعيد على إدلب وضرورة ضمها إلى مناطق سيطرة نظام الأسد.

4- عدم حضور إيران؛ وذلك تداركا لأي سخط دولي، وتراجع النبرة السياسية للقادة الإيرانيين وظهور لهجة غير معتادة في الخطاب الإيراني تتحدث عن (حماية المدنيين وتجنيبهم نتائج العملية العسكرية) وضرورة توظيف الجهود لإيجاد حل سياسي بعيدا عن الحل العسكري.

5- القبول بالطرح التركي والضمانات التركية، وهذا بحد ذاته مؤشر على محدودية الخيارات أمام الدبلوماسية الروسية والإيرانية فيما يتعلق بحسم المسألة في إدلب، وجعلها مختلفة عن باقي التجارب في ريف دمشق وحمص.

تراجع البعد العسكري

وأوضح العقيد الركن فاتح حسون، القائد العام لحركة تحرير الوطن في تصريحات خاصة لـ "الشرق" أن الاتفاق الذي أُبرم بين الجانين الروسي والتركي وبمباركة دولية، يؤكد أن البعد العسكري تراجع باتجاه خلق حالة مدنية في إدلب المحررة، خصوصا بعد ضمان تركيا للوضع في المنطقة من الناحية العسكرية، مؤكدًا أن الحالة الثورية ستعود إلى ما قبل العام 2013، حيث المظاهرات السلمية التي تطالب بإسقاط النظام المجرم، بالتزامن مع تعافي مبكر لكافة القطاعات الخدمية والإنسانية (صحة، تعليم، تنمية، خدمات ..الخ)، وكل ذلك يتوقف على مدى مصداقية الجانب الروسي وجديته بتطبيق بنود الاتفاقية، وإلا حينها سيصبح المجال مفتوحا على كافة الأبعاد والسيناريوهات.

ورأى حسون أن هناك بعض الضبابية بشأن الطلعات الجوية الروسية، والقصف الجوي على المناطق والبلدات في إدلب وريف حلب، وهل تدخل ضمن هذه الاتفاقية، أم أن التصريح بعدم وجود معركة في إدلب بحسب تصريحات شويغو تشمل الطلعات الجوية.

وأكد العقيد الركن أن اتفاق "قمة سوتشي" بين تركيا وروسيا حول إدلب له آليات وأدوات لتنفيذه والتغلب على المصاعب التي ستواجهه كرفض بعض القوى العسكرية له، لافتاً إلى أنه سيكون واقعا يعلن بعده وقف شامل لإطلاق النار.

إفشال المخطط

واختتم حسون، رغم أن الاتفاق التركي الروسي ليس ما كانت تصبو له ثورتنا، إلا أنه يعتبر نصرا سياسيا لتركيا أولا وللثورة السورية ثانيا، خاصة بعد الضغوط الدولية التي استهدفت كلا من الثورة السورية وتركيا على حد سواء، إلا أن المحصلة كانت إفشال المخطط الروسي الإيراني.

ووصف السيد ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، الاتفاق الروسي التركي حول /إدلب/ بـ "التطور المهم".

وقال دي ميستورا، في كلمة أمام الجلسة الطارئة لمجلس الأمن بشأن الأوضاع في الشرق الأوسط، إن "اتفاق روسيا وتركيا بشأن /إدلب/ تطور مهم"، معربا عن أمله أن ينفذ بسرعة في ظل احترام كامل للقانون الدولي الإنساني.

وأوضح "أنه بعد التوصل لاتفاق بشأن /إدلب/، لا يوجد سبب لعدم تحقيق تقدم على الساحة السياسية"، مضيفا "نحن راضون عن التهدئة في هذه المنطقة الأساسية".

وأعرب عن استعداده للحوار مع جميع الأطراف المتنازعة في سوريا، مشيرا إلى حضوره المفاوضات السورية - السورية في أستانا وفي فيينا، وأنه على تواصل مع جميع الأطراف الدولية المتهمة بحل الأزمة السورية، بما فيها الدول الضامنة لمفاوضات أستانا.

ودعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، في كلمته، جميع الأطراف الفاعلة في سوريا إلى التهدئة، مضيفا "بعد حادث إسقاط الطائرة الروسية، نطالب بالامتناع عن أي عمليات عسكرية تفاقم الوضع في سوريا".

وسوم: العدد 790