لكلّ عامل مَجدُه ، الذي يَفخرُ به ، في مجال عملِه.. فما مَجدُ الخائن؟ وبمَ يَفخر؟

الحديث عن الأمجاد ، كثير وقديم ! فالأمجاد ، عند البشر، كثيرة ومتنوّعة : منها الحقيقي ومنها الزائف .. منها الحَسن ومنها السيّء .. منها ماله قيمة ، في زمانه ومكانه .. ومنها ماتذهب قيمته ، بذهاب زمانه .. ومنها مايبقى ، حتى بعد موت صاحبه .. ومنها مالا يظهر، إلاّ بعد موت صاحبه.. منها مايعتزّ به صاحبه، وقد يعتزّ به أهله وأقاربه.. ومنها مايراه صاحبُه مَجداً، وهو- في حقيقته- عارٌ، لصاحبه ، ولمن يلوذ به .. منها ماتكون قيمته ، كامنة فيه .. ومنها ماتكون قيمته ، آتية من نظر صاحبه إليه .. ومنها مايأتي ، من نظر الناس إليه .. وهكذا !

نماذج من الأمجاد الحسنة :

مجد القائد العسكري : يكون بالانتصارات ، التي يحقّقها : لدينه ، أو لوطنه ، أو لشعبه ، أو لأمّته! ومن أبرز هذه الانتصارات، انتصارات خالد بن الوليد ، في حروبه الكثيرة ، ضدّ الكفرة، وضدّ المرتدّين ! ومِن أنبل أمجاده، التي تُذكر له ، على مرّ تاريخ الأمّة ، قولُه، حين عُزل ، عن قيادة الجيش :

 إنّا نُقاتل ، كيْ يَرضى الإلهُ بنا   ولا نُقاتلُ ، كيْ يَرضى بنا عُمرُ!

فقد عبّرت  هذه الكلمة ، عن إخلاصه لله ، في جهاده ، وظلّت مثلاً، تردّده الأجيال ، من بَعده، على مرّ العصور!

ومن أبرز الانتصارات العسكرية القديمة ، التي صنعت لأصحابها أمجاداً : انتصار صلاح الدين الأيوبي  ،على الصليبيين ، في معركة حطّين ، وتحرير القدس .. وانتصار قُطز، على التتار، في معركة عين جالوت !

ومن الانتصارات العسكرية ، في العصور الحديثة : انتصارات نابليون بونابرت .. وانتصار مونتغومري البريطاني ، على رومل الألماني ، في معركة العلمين .. وغيرها كثير!

مجد السياسي : قد يكون على مستوى أمّته ، أو وطنه ، في تحقيق إنجازات سياسية عظيمة، لأمّته ، وقد يكون فردياً ، في تحقيق أهداف سياسية ، لنفسه ، في زعامة حزب ، أو في استلام منصب مرموق !

مَجدُ الرياضي : يكون في تسجيل أهداف رياضية ، في مباريات كبيرة .. وقد يكون في تسجيل بعض الاهداف ، في مباريات دولية ، فيفخر به أبناء وطنه !

مجد العالم والكاتب والأديب : يكون في كتابة مؤلّفات عظيمة ،أو طرح أفكار عظيمة ، تخلّد صاحبها ، في أذهان الأجيال ، أو تجعل له معجبين كثيرين ، أو أتباعاً كثيرين ، في أفكاره !

ولن نتحدّث ، هنا ، عن الإنجازات السيّئة ، التي يرى أصحابها ، أنها تحقّق لهم أمجاداً ، وهي، في حقيقتها ، وصمات عار، تلحق بهم ، مثل : فخرُ اللصّ المحترف ، أمام اللصوص من أمثاله ، بأنه سَطا على البنك الفلاني ، ببراعة ، دون أن تتمكّن الشرطة ، من القبض عليه ! وأمثال هذا النموذج كُثر، ولا يَحسن ، أن يُضيع المرء وقته ، في استقصائها !

ويبقى السؤال الأهمّ ، هنا ، هو: بمَ يَفخر الخائن ، الذي يخون وطنه ، أو شعبه ، أو دينه ، أو أمّته .. أو رفاقه ، في صراع عسكري أو سياسي ، سواء أكانت خيانته ، عن طريق التجسّس على وطنه وشعبه ، ورفاق كفاحه ..أم كانت الخيانة فردية ، كأنْ يخون أمانة ، ائتُمن عليها ، أو عهداً ، قطعه على نفسه ، فغدر بمن عاهده !؟ بمَ يفخر هذا ، وأولادُه مِن بعده ؟ وأيّ مَجدٍ له ، ولهم .. فيما يفعل !؟

وسوم: العدد 849