قراءة في كتاب: عزيز مصر...الرئيس الشهيد محمد مرسي

clip_image001_04566.jpg

لأنني أحببت مرسي ومدرسته الفكريّة، وكنت معجباً بأدائه، وصدقه وأمانته، وسعة صدره، بدأت أسجّل سيرته في حياته وبعد ملحمة استشهاده بشكل موضوعي، فكان لي شرف إصدار أوّل كتاب في سيرة الرئيس الشهيد محمد مرسي بعد استشهاده في السابع عشر من حزيران 2019، ولمّا يمض على استشهاده شهران.

وكنت أتابع الحملات المغرضة التي يشنّها أعداء مشروعه عليه، مستغلّين أبشع استغلال التركة المثقلة والأوضاع البائسة لفترة حكم مبارك، وكأنّه يحمل عصا سحريّة لحلّها، ولم يكن الذين ائتمنهم على الدولة، ومنحهم الثقة مؤتمنين عليها، فغدروا به وتآمروا عليه.

ولأنّ مرسي لم يتنازل عن حقوق مصر في مياه النيل، ولم يسمح لأثيوبيا ببناء سدّ النهضة، ثم يجعل معركته معها حول كيفيّة تعبئة السد.

ولأن مرسي لم يفرّط بالمياه الإقليميّة لمصر، ولم يسمح لإسرائيل بالتنقيب عن النفط والغاز في الأرخبيل المصري.

ولأن مرسي لم يعقد صفقات بيع النفط والغاز مع إسرائيل بأسعار زهيدة على حساب المواطن المصري.

ولأنّ مرسي لم يبن السجون على حساب المستشفيات، حتى ذا جاءت جائحة كورونا استقبلوها بنظام صحي منهار، فمات الأطباء قبل أن يموت المرضى بهذا الوباء.

ولأنّ مرسي لم يضطهد شعبه، ويقمع أحراره ويشرّدهم في الآفاق، ولم يلق في السجون خيرة أبناء مصر وشبابها، ولم يطلق النار على صدورهم في رابعة.

من أجل ذلك كلّه تآمروا عليه، وخطفوه، وتفنّنوا في تعذيبه وحرمانه من أبسط حقوقه نحو ست سنوات، وتركوه يلفظ أنفاسه الأخيرة أمام عدسات التلفزيون في المحكمة، حتى سقط مغشيّاً عليه في قفص الاتهام، ثم أجهزوا عليه، ليتخلّصوا منه.

حتى إذا اطمأنوا لمقتله حملوه إلى مستشفى سجن طرّة، ولم يشيّعوه إلى مثواه الأخير بجنازة رسميّة كرئيس منتخب ليدفن في مقابر العائلة بالعيّاط، وخرج موكبه الحزين بعد الفجر يحمله ثمانية أشخاص، وسط حراسة مشدّدة، ليعيدوا تمثيل جريمة اغتيال شيخه البنا رحمهما الله.

لم يقتل مرسي وحده فقد قتل في هذا الزمان ما لا يحصى عدده من السوريين والعراقيين والليبيين واليمنيين، وشرّد الملايين في الآفاق، ونبش الأوغاد في بلاد الشام قبر خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز رحمه الله في غياب الإمام العادل.

قتلوا مرسي وقتلوا معه قيم الخير والفضيلة والمروءة والشهامة، لأنّهم شعروا أن مرسي سيعيد إلى مصر مكانتها وعزّها ومجدها، وقد نسوا بأنّ مصر ولاّدة، وأنّ الله لن يتخلّى عن مصر وشعبها.

ولأنني حزين على غياب رجل مثل قامة مرسي، حريص على الاستفادة من تجربته، عقدت العزم على أن أحفظ للأجيال من العبث والتزييف الوقائع والأحداث والوثائق والبيانات المتعلّقة بفترة حكمه القصيرة، ليستخلصوا منها الدروس والعبر، وينقلوا إليها خلاصة تجربة الحركة الإسلاميّة في مطلع الألفيّة الثانية.

تحدثت في الكتاب عن مشروع النهضة، وعهود محمد مرسي للشعب، وعن التركة المثقلة التي ورثها، وعن محاربة الفساد، وحريّة الصحافة، وعن موقفه من القضيّة الفلسطينيّة، وعن علاقته المميّزة مع تركيّا، ونقلت خطاباته، وزياراته، وإقرار الدستور الجديد، وموقف المعارضة، والانقلاب العسكري على شرعيّة مرسي، والأحزاب والهيئات المؤيّدة والمعارضة للانقلاب، وعن المرحلة الانتقاليّة، ودعوة السيسي لإعطائه تفويضاً، وتحدثت عن مرحلة عدلي منصور بالتفصيل، والانتهاكات التي ارتكبتها سلطة الانقلاب، ووصفت جريمة العصر مجزرة ميدان رابعة، والموقف العربي الرسمي والشعبي من المجزرة، ومذبحة سجن أبو زعبل، ومجزرة جمعة مليونيّة الغضب، ومذبحة العلماء، واختطاف الرئيس الشرعي، وموجة الاعتقالات والمحاكمات، وبيان الحركات المعارضة للانقلاب، والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، واعتقال المرشد العام للجماعة، وتحدثت عن دستور عدلي منصور، وعن الحملة الشرسة على جماعة الإخوان المسلمين، وموقف المؤسّسة الدينيّة الرسميّة من الانقلاب على الشرعيّة، ورصدت المواقف العربيّة والدوليّة من الانقلاب، تحدثت عن محاكمات الرئيس محمد مرسي، والانتخابات الرئاسيّة التي تلت الانقلاب، وختمت الكتاب بالحديث عن استشهاد الرئيس محمد مرسي، وموقف الهيئات الحقوقيّة من جريمة اغتيال مرسي، ونعي الرئيس الشهيد مرسي وصدى استشهاده، وختمت الكتاب ببيان إنجازات مرسي خلال عام الرئاسة.

صدر الكتاب في 11/8/2019، في مجلّد أنيق يحوي 1126 صفحة من القطع العادي، نرجو أن يكون عملاً خالصاً لله، وأن يلقى القبول عند القراء الكرام.

ويكفيني أني كشفت بصدق وأمانة الغطاء عن فترة دقيقة من تاريخ مصر، مدعومة بالوثائق والبيانات، وانتصرت لرجل مظلوم لم يعط الفرصة الكافية لتنفيذ مشروع النهضة الذي حمله معه، وكان يحلم بتحرير مصر من هيمنة العسكر، والتحرّر من الوصاية الأجنبيّة، والانتقال بمصر نحو آفاق مستقبل مشرق، يحلم به كل روّاد الإصلاح والتجديد، وسلام على روحه الطاهرة، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.  

وسوم: العدد 881