الزمن واحد، يقسّمه الناس أقساماً، للتعامل فيه فيما بينهم ..فكيف يعمل المجرمون؟

يقسم الناس الزمن ، في العادة ،  ثلاثة أقسام : ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ، ويتعاملون مع كلّ قسم ، بما يناسبه ، وبما يناسب حاجاتهم ، للتعامل فيما بينهم ! 

ولدى التدقيق ، يعرف الناس ، أن الزمن واحد ، وأنه - إذا كان لابدّ من تقسيمه- زمنان ،  فحسب ، ماض ومستقبل ! أمّا الحاضر، فغير موجود ، إلاّ افتراضاً ؛ بما أن الزمن يقاس ، بأجزاء صغيرة من الثانية ، فلا يكاد المرء يحسّ ، بجزء الثانية الحاضر، حتى يكون قد مضى ! 

وقد أحسن المتنبّي ، حين قال لسيف الدولة ، وإن كان في سياق مختلف :  

إذا كان ماتهواه فعلاً مضارعاً    مَضى ، قبلَ أن تُلقى عليه الجَوازمُ ! 

والله ، خالقُ الزمن ، يسّرَ، على عباده ، التعامل مع الزمن ، والتعامل فيما بينهم ، في الزمن ؛ فجعل عدّة الشهور، اثنَي عشرَشهراً ، وجعل منها أربعة أشهر حُرماً ، وجعل فيها أموراً، مطلوبة من المكلفين، كالحجّ .. وأموراً منهيّاً عن فعلها، كالقتال، إلاّ لضرورات حدّدها الشارع .. وكصيد البرّ، الذي جعل مَن يفعله آثماً ، ووضع عليه كفّارة ، لمحو الإثم ! 

كما أوجب البارئ ، على عباده ، صوم أحد الشهور، وهو شهر رمضان .. وأوجب على عباده المؤمنين، واجبات يومية كالصلوات،وواجبات أسبوعية، كصلاة الجمعة! 

ومن هنا يتّضح ، أن الزمن وعاء ، لسلوكات البشر! وقد أنزل الله ، على عباده ، آيات تبيّن لهم ، الهدف من الأهلّة ، حين قال ، جلّ شأنه : (يسألونك عن الأهلّة قلْ هيَ مَواقيتُ للناس والحجّ ..). 

أمّا مايفعله بعض المحسوبين ، من قادة المسلمين ، اليوم ، بعد أن سيطرت عليهم ، القيَم المادّية الصليبية ، فهو من الشناعة بمكان ، بل هو الشناعة ، ذاتها ؛ إذ لم يكفِ مَن نصّبوا أنفسَهم ، زعماء للمسلمين، أن يقاتلوا أعداءهم، وليتهم قادرون على ذلك، بل استباحوا دماء إخوانهم المسلمين ، في دولهم ، وفي دول تدين شعوبُها بالإسلام، وحشدوا جيوش المرتزقة ، من شتى المِلل والنِحل والدول ، لإبادة المسلمين : بالقتل، والتجويع ، والتشريد .. كباراً وصغاراً .. رجالاً ونساءً .. أطفالاً وعجَزة ..! فبأيّ دين يؤمن هؤلاء الحكّام ، المحسوبون على الإسلام ؟ وما الذي يرجونه ، عند لقاء ربّهم ، فضلاً عمّا يسبّبونه لدولهم ذاتها ، ولشعوبهم ذاتها ، من مصائب : اجتماعية وسياسية ومالية .. في الأشهر الحُرم ، التي لم يحرّموها .. وفي غيرها من الأشهر، التي لم يحرّموا فيها حراماً !؟ 

وسوم: العدد887