لمن أكتب، وهل أستمر أو أتوقف ؟؟؟

منذ ثلاثة أيام مرت ذكرى مولدي الرابعة والسبعين، ولم أذق من الحياة كما يكتب المتأدبون عادة "أفانين" !! ذقت منها " أفنونا" واحدا أعرفه، وأحمد الله الذي خلقني فسواني وعدلني على ما فطرني عليه، وعلى ما كتبه عليّ ، وأدعوه أن أجد اسمي في ديوان أهل الرضا بكل ما قدر، وإن كنت بعض أقداري من صنعة قوم آحرين..!! قريب من نصف قوم تحتمل مضض قوم، ولا تشكو، وتعلم أن ما قُدر يكون..

وأرجو الله سبحانه الذي تكفل بما مضى حفظا وسترا أن يتكفل بما بقي، وأكثر ما أحتج به على مولاي ، عندما يحزبني أمر أن أقول: عودتني منك الجميل يارب ...!!

ثم أجدني في هذه السنوات الأخيرة على صير أمر صعب، ومرتقى وعر، فأتردد بين أمرين الاستمرار في مخالطة الناس، وتوضيح ما أظنه ملتبسا، والدفاع عما أظنه ثغرة من ثغرات الإسلام ، أو العشيرة، وقد أوتيت بيانا ، كان من نعمة ربي عليّ، ليس بحول ولا طول ولا حسن تدبير  مني، وبين أن أطوي صحافي، وأخلو إلى نفسي، أو أنشغل كما يفعل بعضهم بترداد الدعوات والأذكار وكنت أظن أن أطيب الذكر عبادة السر  ..

وما زلت بين هذين الخيارين متأرجحا، ولا أظنهما خيارين، ولكنني أكاد أغلب على ثانيهما منذ سنين، وإن كانت لي في هذه الذكرى أو المحطة من كلمة فأحب أن أقول، ليعلم من يجب أن يعلم من الناس ..

أنني لا أكتب مجاملة، ولا دعاية، ولا ملقا لأحد، لا لشخص ولا لهيئة، ولا لنظام ولا لرئيس، ولا لزعيم، ولا لقوي ولا لغني؛ لا طمع لي في أحد، ولا رجاء لي بعد كل هذا العمر عند أحد، وأدرك بما حباني ربي أبعاد كثير من  الأمور من السياسات والقرارات والسلوكيات، إن قلت قلت بما أقدّر أن فيه نفعا عاما، وقد أخطئ، وإن صمتُ صمت عما أظن بالصمت عنه نوعا من الحكمة، ولمصلحة الأكثرين ..وأحيانا أكتب الكلمة الفصل فأدفع ثمنها بصمت، واجعلها أساسا لكل ما أكتب بعد سنين ...

أكتب وقلبي على الناس كل الناس، وأكبر همي، أن تتسع دائرة الذين يعلمون، وأن تضيق دائرة الذين لا يعلمون، في كل ميادين العلم والمعرفة والارتقاء إلى درجة الوعي المؤسس الأول لحركة الشعوب. وقد كلفتني معركتي هذه منذ نصف قرن الكثير ..لأنني لا اقول كما كتبت منذ أيام " بما يهوى الجميع" بل أكتب " ما  أعتقد أنه يجب أن يعلمه الجميع "

وأكتب ليس مناضلة لأحد ، ولا ردا على أحد ، ولا يخطر في بالي منافسة شخص على حلة أو قميص  أو رداء أو موقع أو مكانة أو دنيا يصيبها، أو زعامة يتطلع إليها...

لستُ صدّيقا ولكن حبّ الزعامة لم يدخل قلبي يوما !! ولعي بالرد على الأمور المختلطة، والمشتبهة، والاشتباه ليس شرعيا ودينيا فقط، والمفاهيم المختلطة الشائعة، وموجات التدليس المتعالية التي يتعلق بها بعض الناس، يظل يدفعني للكتابة تحت العنوان" بيان وتوضيح" فأرجو من كل من قد يظن أنني أكتب ردا عليه، مزاحما أو منافسا أو فدافعا  أو مصغرا لأمره أو لأدفعه عن موقع الحظوة عند قومه ، أن يلغي من ذهنه هذا، وأن يعلم أنني مقر لكل من عليها غير بشار الأسد " والناس كلهم بكر إذا شبعوا -: أنه جُذيلها المحكك، وعُذيقها المرجب. وأنه القرم ليس له قرين. ب

عض الأفكار حين تضطرم الأفكار تُحدث عن نفسها، لا عن صاحبها، وأكثر ما يدخل الغم على صدري في هذه الحياة أن أجد قوما يردون عليّ ،وليس على ما أكتب مع ما في ما أكتب من تصدع ووهن . فتراهم وإن أرادوا أن يبينوا عوّارا أو أن يكشفوا خللا، جاؤوا بكلمات نسبوها إلي، وركبوها عليّ لم أقلها ، وإنما ألقاها على أفواههم شيطانهم الذكر فيظلون يشغبون...

لستُ في عشكم فدعوني أدرج في أرض الله الواسعة لا أضيقها عليكم وأكبر رجائي أن لا تضيقوها عليّ ..

ولله الأمر من قبل ومن بعد وأسأله أن يكون لنا يوم يفرح فيه المؤمنون...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 948