في مثل هذا اليوم ومنذ ست سنوات احتل الروس بلادنا ... وأعملوا فيها قصفا وتدميرا وتقتيلا وتهجيرا ..!!

ومنذ أيام ناشدت من بقيت فيه حشاشة منا، أن يكون لهم أو لنا في ذكرى هذا اليوم البئيس موقف يليق به وبنا ، و"نا " هذه التي اعبر بها ليست "نا" جماعة ولا حزب ولافئة وإنما هي "نا " كبيرة تشمل كل سوري ساءه الاحتلال، ويؤمن أن عهد الاستعمار قد ولى.

تنادي على قومك وتعلم أن بعضهم يسبح في ملكوت السماء السابعة، وبعضهم يدور في قرارات نظيرها من الأرض؛ فأنى يسمعون أو يبصرون؟؟

وأعود لأكتب في ذكرى هذا اليوم الذي لا أظن أنه قد مر على الشام يوم بشؤمه وسوء عاقبته، عسى أجد في الكلام لنفسي بين يدي ربي بعض العذر...

وأقول في مثل هذا اليوم، للمجلببين بالأمر، النائمين عن الفجر: أن النوم لن يكون بالنسبة إليكم في صفحات الملائك أو التاريخ عذر!!

وأقول للمتشاغلين عن" الأمر الفرض" بما دونه من الأمر ،لن يكون في تشغالكم المدعَى هذا محيص ..

وأقول للذين إذ دهمهم الحريق ، فزعوا إلى ما يظنونه ذكر أو استغفار، وليس إلى إطفاء النار ، استغفاركم هذا يحتاج أن يغسل بسبع دلاء من سبع آبار ..

وتمر بنا الأيام كاسفة حزينة، قد سودها أعداء لإنسان بكل شنيعة ونحن لا همٌ ولا حزن ، ويثقل عليكم إذ يسألك : لم أنت َ كاسف أو حزين ..!! وتمنيت لو أنهم علمونا في المساجد والمدارس والمعاهد كيف تدور المسننات!! أو شيئا من صناعة الأفكار..

 كل هذه المصائب تنزل بنا فلا تحركنا ولا تحرك فينا المسنن الكبير، ولا المسنن الصغير ، أسطوانات من الحديد الممسوح أو الأسنان المكسورة، والعامة تقول : الدشلي معطوب....

هؤلاء الذين تمر بهم الأحداث فلا يبالون ، يجعلوننا على الرغم من معاطسنا نتساءل مع القرآن الكريم: ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ؟؟) وكم أبدع بعض المفسرين في وقوفهم عند قوله تعالى " من غير شيء " وبالغ بعضهم حين ظن أن المتنبي كان أول من اخترع " لو رأى غير شيء ظنه رجلا " ..يسألهم أبو الطيب اليوم أمام كل ما يمر بهم : أصخرة أنا ؟؟ ويقصد أصخرة أنتم ؟؟ وأقصد : أصخرة نحن ؟؟؟ مالنا لا تحركنا هذه ....!!

النوم تحت المطر لا يحمي من البلل، وكذا النوم تحت القذائف لا يحمي من الشظايا ولا من الموت، والنوم وسط الأحداث لا يعفينا من المسئولية عنها!!

أيها الناس، الطوقين بطوق الشريف الرضي أقصد ..

 افعلوا شيئا ، قولوا كلاما عللونا به، كما كانت طابخة الحصا تعلل بنيها ليناموا ، وأصعب شيء أن ينام الأب أو الأم ويتركون أبناءهم أيقاظا يتلظون ..

وتسألهم...، وترى أعينا تدور ليس من الخوف، فنحن نشهد أنهم لا يخافون، لأن الخوف إحساس غريزي إيجابي آمن، يدفع إلى الحذر والحيطة والاستباق، وإنما ترى أعينا تدور في الفراغ ( بادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ )

كل هذا وأقول لنفسي أعظها : من حقك أن تيأس ، ولكن ليس من حقك أن تيّأس الناس، فنشر اليأس ليس من عمل الراشدين ..( إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )

ومن قال هلك الناس فهو أهلكُهم ، وهو أهلكَهم ...

وما زلت أنادي أن من شروط النزول إلى الملعب أن تجري وراء الكرة، ومن شروط اللعب في لعبة شد الحبل، أن تمسك بطرفه، ومن شرط محبة الله إذا عملت عملا أن تتقنه...وفي كل هذا يماريني الممارون، وأعلم أنني بأقوالي هذه لا أخترع العجلة من جديد، بل أعبر عن واقع يماري فيه الممارون.

في مثل هذا اليوم منذ ست سنوات احتل المحتل الروسي أرضنا وديارنا برنا وبحرنا وجونا ...وما زلنا غير متفقين : نأملهم أو نقاومهم ..؟؟؟؟؟؟؟

( أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ).

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 948