الفرق بين السنة والعام والحول والحجة...

كان قبل الإسلام في الشرق تقويمان:

الأول ذلك المتبع في المجتمعات الحضرية التي تعتمد على الزراعة المرتبط نضوجها بالشمس، وقد سُميّ هذا التقويم بالتقويم الشمسي المكوّن من 365 يومًا وربع اليوم.

والثاني المتبع في المجتمعات الرعوية التي كانت الرعاية فيها تتم في الليل على ضوء القمر إتقاء حر الصحراء، وقد سمي هذا التقويم بالتقويم القمري، ومنذ عهد عمر بن الخطاب بالتقويم الهجري المكون من 354 يومًا. وعليه فإن الفارق بين التقويمين هو 11 يومًا وربع اليوم. في أواخر العصر الجاهلي تعلم العرب من اليهود الكبس بإضافة شهر كل ثلاث سنوات على سنتهم القمرية ليثبتوا الشهور، فلما جاء الإسلام ألغي نظام النسيء بنص قرآني(إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عامًا ويحرمونه عاما/سورة التوبة آية 37)، فصار الحج يأتي تارة في الشتاء وتارة في الصيف، وهكذا كان موعد الأشهر يتغير على مدار السنة.

نحن نرى أن كلمة (سنة) تشير إلى التقويم الشمسي، بينما كلمة(العام) تشير إلى التقويم القمري فالهجري، فإذا رجعنا إلى القرآن الكريم نجد أن هناك آيات تدل بوضوح على أن كلمة(عام) تطلق على السنة القمرية مثل قوله تعالى في سورة التوبة آية 129(فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) ومعلوم أن الآية تتحدث عن الحج وهو مرتبط بالسنة القمرية، كما أن الآية التي تنص على إلغاء النسيء تتحدث عن تلاعب المشركين بترتيب الأشهر الحرم وهي أشهر في السنة القمرية.

أما قوله تعالى في سورة الكهف آية 25(ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا) فيفسره بعض العلماء على أن أصحاب الكهف لبثوا 300 سنة شمسية بما يعادل 309 عامًا قمريًا. يقول سبحانه وتعالى في سورة العنكبوت آية 14 في حق نوح عليه السلام (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا) وهذا يدل على أن مفهوم (سنة) يختلف عن مفهوم(عام)، ويرجح أن تكون السنة شمسية والعام قمريًا أي أن نوحًا لبث 951,5 سنة شمسية.

وقد لجّ بعض العلماء في تفسير الكلمتين وذهبوا في ذلك مذاهب شتى منها أن السنة ترد في القرآن الكريم لتدل على الشدة والشر بينما العام جاء ليدل على الخير والبركة والرخاء لكنهم نسوا أن كتب التاريخ القديمة تذكر تحت حوادث 18 للهجرة أنه أصابت الناس مجاعة شديدة ولزبة وجدوب وقحوط وذلك هو العام الذي يسمى عام الرمادة. في عهد عمر بن الخطاب. (تاريخ الرسل والملوك لمحمد بن جرير الطبري، ج4، ص 96).

أما الحول فهو عشرة أشهر ونصف الشهر. قال تعالى في سورة الأحقاف آية 15(حمله وفصاله ثلاثون شهرًا)، وبما أن مدة الحمل هي تسعة أشهر صارت مدة الرضاعة 21 شهرًا، وهذ الأشهر تساوي حولين كاملين (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين/سورة البقرة آية 233)، فصار الحول يساوي 10,5 شهرًا.

أما الحجة فهي الموسم، ولها علاقة بالحج، والحجة اتفاق ملزم لصاحبه عند حلول وقت معلوم، قال الله تعالى في سورة القصص آية 27 عن شعيب وموسى عليهما السلام (على أن تأجرني ثماني حجج)، وعادة ما كانوا يكتبون بينهم الحجج أي الاتفاقيات الملزمة بعد مرور موسم معين.

وسوم: العدد 962