حديث إلى الشباب

[من مقال في مجلة النذير، العدد المزدوج 115 و116، 1410ه. باختصار يسير]

إننا ننتظر منكم الكثير أيها الشباب.

1- ننتظر منكم أن تعرّفوا الناس بدعوتكم حيث كنتم، وإن الناس ينظرون إلى لسان الحال أضعاف ما ينظرون إلى لسان المقال، فكونوا أمثلة حية.. نماذج ناطقة معبرة عن الشخصية الحقيقية للشباب الداعية.. للشاب المسلم. وبهذا يَعرفكم الناس ويعرفون دعوتكم، يعرفون صدقها في صدقكم، ونظافتها في نظافتكم، وحيويتها في حيويتكم.

2- وكونوا كأسلافكم متحركين متحمّسين، متحرّقين في عشقكم لدعوتكم، والعمل لها، والتضحية في سبيلها.

3- عرّفوا الناس بقضيّتكم، بمأساة شعبنا السوري المجاهد، نوّروا الرأي العام بها، وعلى مختلف المستويات. أحيوا في قلوب السوريين وعقولهم ونفوسهم حب البذل والتضحية والجهاد والاستشهاد، ولا نامت أعين الجبناء.

4- أقيموا الصلات مع الناس، والسوريين منهم خاصة، لتكسبوا مَن تكسبونه منهم لدعوتكم وقضيتكم، ولتحيّدوا من يحيّدونه، ولتَعْرِفوا مذاهب الضالين والمضلين منهم، فمئات الآلاف من السوريين المشرّدين تحت كل نجم، ينتظرون من يتصل بهم ويشرح لهم، فتواصلوا معهم، وصِلُوهم بحبال شفيفة من الحب والود، وثيقة متينة، بما تقيمون معهم من علاقات إنسانية واجتماعية ومادية، ولْيروكم أصحاب دعوة وأصحاب قضية. لا تفعلون كغيركم، أولئك الذين يحبون أن يقاتلوا أسد بألف اسم من أسماء السيف وصفاته، فيما هم غارقون في حلل النعيم، ولسان حالهم يكذّب دعاواهم، بل تعملون على الإجهاز على أسد ونظامه بلا خطب رنانة إعلانية، فعملكم يعلن عنكم، لا خطبكم وادعاءاتكم.. فمن أراد أن يتخندق معنا فليتقدّم بصمت، ومن كان يريد بثرثرته دنيا يصيبها، أو منصباً يعتليه، فليركب إلى ذلك كل ركوب، أما نحن فلا يسعُنا إلا أن نبدي عجباً من الذين يحاربون طواحين الهواء، وإلا أن نقول مع القائلين لكل معتد على طريق الدعوة وخط الجهاد:

ما زلتَ تركب كل شيء قائم   حتى جرؤتَ على ركوب المنبر

لأن الكلام لا يكلّف شيئاً، بل إنه يفضح صاحبه. ولو أن الكلمة الواحدة كانت بليرة سورية أسدية، لعقد البخل ألسنة الأدعياء.

بهذا تُحيون قضيّتكم في النفوس الموات، وعندئذ يعرفون أن الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا جيل الجهاد والاستشهاد لن يَذلِّوا ولن يستكينوا لظالم، ولن يتوقّفوا حتى يُسقطوه تحت أقدامهم، ويُخلّصوا الشعب من جرائم هذا الطاغية الجبان ومن خياناته، ويُعيدوا إلى سورية وجهها العربي المسلم.

اهتموا بالجاليات السورية في كل بلد تحلّون فيه، أقيموا معهم ألوان الصلات، أعيدوا إليهم الثقة بكم، والتفاؤل بالانتصار على الطاغوت الأسدي بأيديكم، بالأيدي الوضيئة المتوضئة، التي تحمل مشاعل الحضارة والعدل والحب والسلام...

إننا ننتظر منكم الكثير الكثير يا شباب، في مدارسكم، في جامعاتكم، في وظائفكم، فكونوا عند حسن الظن بكم، فالظرف دقيق، ولا مجال للعبث في زمن الجدّ، والأمة المجاهدة لا تعرف سوى الجدّ.

وسوم: العدد 980