مولانا جلال الدين الرومي والاستغراق في حركة الدوران

الثوب الأبيض لا يليق بغير أهله

جلال الدين الرومي من أعمدة التربية والتهذيب في القرن السابع الهجري، ليس روميا ولا هو فارسي، كما يخطئ البعض. هو جلال الدين البلخي. وبلخ من مدن أفغانستان. فهو أفغاني في عرف هذا الزمان.

وسأل شقيق البلخي إبراهيمَ بن أدهم ، قال: ما مبلغ الشكر عندكم؟؟ قال إبراهيم: إذا وجدنا شكرنا، وإذا فقدنا صبرنا. رد عليه شقيق البلخي: هذا حال كلاب بلخ عندنا. إن وجدت شكرت، وإن حرمت صبرت. قال أبراهيم ابن أدهم فما حال الشكر عندكم، أجابه إبرهيم: إن وجدنا آثرنا، وإن حرمنا شكرا...هذا خبر من مدينة بلخ التي كانت عاصمة للعلم والفقه والأدب مع الله، وفيها ولد جلال الدين الرومي، ثم خرج منها إلى الشام، ليستقر له المقام في قونية في وسط الأناضول، حيث أشرقت عليه شمس تبريز فكان من أمره ما كان...

وإنما رجعت اليوم إليكم أحكي لكم حكايته، أنني منذ الأمس، أنني وأنا أتابع حركة بعض السوريين، تذكرت طريقة الاستغراق المولوي في مقام الذاكرين، أن تكون مثل كوكب يدور حول نجم، ويكون نجمَ سعدك محمد رسول الله..

جلال الدين الرومي رأي نفسه أو قلبه أو روحه مثل الفرجار، رأس ثابت في مركز الشريعة تعظيما وتوقيرا والتزاما، ورأس يدور حول الكون يمخر العباب..

قيل الكثير في "فتلة" أو "دوران" المولوي المتجرد المنخلع، قيل هو يدور دورة الكوكب أو دورة النجم ، أو يطوف طواف فراش بالنور، مغامرا بخطر الاحتراق..ولكن لم يقل أحد فيما علمت أن المولوي الصادق، يجعل هواه أو مصلحته أو رغباته محورا ثم يظل يطوف حولها، بعد أن يكسوها زورا الثوب الأبيض السابغ "الكلوش" الجميل..

لا .. لا يصلح أمر الناس، في مثل هذا، وهذا الذي ضيعنا بل وأهلكنا. الطواف بالكعبة، لا يتداخل أبدا مع الطواف بالصنم عند المسلمين...

عفّوا عن الثوب الأبيض، عفوا عن القلبق الصوفي، ولو برزتم للناس على حقيقتكم عراة لكان أصدق لكم عند الله، والصدق عند الله ينفع، وأكرم لكم عند الناس...

تقول العرب: فلان يعرف من أين تؤكل الكتف، أكل الكتف لا يحتاج إلى دورة تدريبية، ولكنه إن أكل بالباطل فيحتاج إلى نفوس دنية. ولا يظن ظان أن بإمكانه أن يسر حسوا في ارتغاء...تعبّون اللبن وتظهرون أنكم رغوته تدفعون.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1005