عجبا لمن يستبيحون مشاعر الأمة الدينية باستهداف رموزها لكنهم لا يستسيغون الرد عليهم بما يصور جهلهم الفظيع بأمور الدين

محمد شركي
mohammed.said.chergui@gmail.com

كثر مؤخرا في بلادنا استفزاز الشرذمة المستبيحة لمشاعرالأمة من خلال استهدافها رموزها  الدينية، سواء  تعلق الأمر بالمصنفيين في المجال الديني  ، أو بمصنفاتهم ، وقد تجاوزت في ذلك أقصى ما عندها من أساليب الإساءة بصلف كبير ،وبسوء أدب مع  قدماء أئمة الحديث تحديدا  ،ومع العلماء ،والمفكرين،  قديمهم، وحديثهم، أمواتهم ،وأحياؤهم ، ومع عموم الدعاة ، والخطباء، بحيث لم يسلم أحدهم  من  خبيث ما يفوهون به من ساقط الكلام ، أو ما تخطه أقلامهم القذرة من زور وبهتان،وهي مستأجرة من طرف من يبغضون الإسلام في الداخل والخارج ، وإنهم ليعتبرون إساءتهم  مما  يسمونه حرية الرأي، وحرية التعبير، لكنهم  حين يأتيهم الرد على إساءتهم بالكشف عن جهلهم الفظيع بأمور الدين ، يزبدون ويرغون ، ويضجون بالشكاة من ذلك ، وكأن حرية الرأي، وحرية التعبير حكرا عليهم وحدهم دون سواهم ،فأقبح بها من ذهنية متكلسة وإقصائية.

وتتكون عناصر هذه الشرذمة من أصحاب اهتمامات شاذة ، فمنهم المرتزق بطب الأعشاب يسوقه بين الناس ، ويقتات مما يدره عليه ولوج المخدوعين به في وسائل التواصل الاجتماعي ، وهو يستجدي إعجابهم بما يصفه لهم من أوهام العلاج، متعاليا  بذلك على أهل الطب والاختصاص . ومنهم الذي أخذ منه هوس العرقية ، والطائفية كل مأخذ ، فجعل يزهو بعرقه، وطائفته ، ولهجته ، ودونه حقيقة أن كل الخلق من ذكر وأنثى ، لا ينكر ذلك إلا  جاحد أومكابر، وأن التفاضل بينهم  بالأعراق والطوائف  مجرد وهم، وخرافة ، وأن التفاضل إنما يكون بينهم بالتقوى ، و أنّى له ذلك ، وهو فاقد لهذا لفضل بتهتك  لا يفتأ يجاهر به . ومنهم من كبا به حظه من العلم ، فأراد أن يتشبه بأهل العصامية في  اكتسابه، لكنه زبّب ، ولم يحصرم ، وكان حاله كحال البغاث المستنسر إذا ما خلت الأرض من النسور.  ومنهم من أجرم باسم الدين  عن جهل وغلو ، وتاب من جرمه بعد حبسه ، فانصرف بعد ذلك  عن تدينه المغشوش، وولّى وجهه صوب  معسكر  الغواية والتهتك ، فانتقل بذلك  من داعية إرهاب، وإجرام إلى داعية فاحشة  واستهتار ...إلى غيرذلك من هؤلاء وقد كونوا حلفا أوهى من بيت العنكبوت، وقد استزلهم  الغَرور، ونفخ في غُرورهم ، وأغواهم بما أغوى به الأعرابي المتبول في زمزم موسم الحج، طلبا للشهرة ، فكانت له شهرة لعنة الحجيج .

والغريب أن أفراد هذه الشرذمة ،يستجيرون بالمؤسسة الدينية الرسمية  عندنا حين يريدون النيل من  علماء، ومفكرين، ودعاة، وخطباء ، وكتّاب يفضحون جهلهم الفظيع بالدين ، وتطفلهم عليه ، ومروقهم منه ، ودعوتهم للمنكرات ، لكنهم يغضبون حين يصدر عن هذه المؤسسة ما لا يرضيهم ، ويتهمون علماءها باعتدائهم عليهم ، ويتهمونهم باستغلالهم مراكزهم فيها من أجل ذلك . فعجبا لمن يحكّمون  هذه المؤسسة الدينية الرسمية ، ويرضون بحكمها حين توقف الوعاظ والخطباء الناهين عن منكراتهم ، والفاضحين لها  ، ويرفضون حكمها حين تكشف عوراتهم .

وأخيرا نشير إلى أن هذه الشرذمة يخيّل إليها ـ وهي واهمة في ذلك كل الوهم ـ أنه قد حان وقت علمنة المجتمعات المسلمة ، ومنها مجتمعنا ، لهذا كثر لغطها في الآونة الأخيرة ، وهي تروم استغلال الظرف الدقيق الذي تمر به تلك المجتمعات المستهدفة في دينها، و في هويتها  الإسلامية من طرف الصلف العلماني الغربي الذي يريد تمرير ما لا تقبل به الأمة المسلمة المتشبثة بكتاب ربها عز وجل ، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ولقد جندت العلمانية الغربية عرّابين من بني جلدتنا من أجل تمرير ما يستحيل أن تقبل به الأمة ، وقد رصدوا لذلك أموالا تصرف لأمثال الشرذمة المارقة في مجتمعنا كالتي ذكرنا في هذا المقال ، وسيكون إنفاقها حسرة عليهم ثم يغلبون .

وسوم: العدد 1039