كلمتان ونصف... ولا حياء في الوطنية

تنازعني نفسي وقد بلغت الثمانين القمرية.. أن أصمت، وأن أدير ظهري للمشهد، وأن أضع قبري نصب عيني وأشتغل بأورادي، وأزيد فيها ما شئت..

أنا الآن في لندن وفي جوف الليل، وجلست للصلاة وأطللت على عالمنا عالمكم الذي كان يوما كل شغلي..!!

مجموعة من الشهداء في تدمر في تفكيك لغم… أنا أعلم أن تفكيك الألغام إذا حدث فيه أي خطأ يكون الشهيد واحدا..

هذا تعلمناه عندما خدمنا الخدمة العامة ولا أريد أن أسميها الإجبارية

قال لي مدير المدرسة العقيد فلان كما جئت هنا غصبا عنك، ستخضع لأنظمتنا غصبا عنك…

قلت له: أنا لم آت هنا غصبا عني جئت لأخدم بفخر وطني، ولم آت لأتعرض للإذلال، ولو علمت ما جئت..

الخبر من اللاذقية: ما زال الفلول يقتلون أبناءنا..!!

من الأقوال المأثورة عن عنترة: أضرب الجبان ضربة ينخلع لها قلب الشجاع…

وإذا كنتم تظنون أنكم ستحوزون الرضا فتذكروا (وَلَن تَرْضَىٰ..) وهذا زيلنسكي منهم وفيهم.

و حول إليّ عديد من الإخوة بودكاست لأحد أبناء جيلي من مدينة حلب، بل أنا أقرب منه إلى القبر بخطوتين، وأراني أحوج فيما جنيت إلى الاستغفار، وأنني أعد معاذيري بين يدي مولاي..…

لا أحب التعليق فيما سمعت على غير نقطة واحدة…أحفظ وصية: خذ معك جرار أعمالك إلى مولاك مختومة.

قال صاحب البو دكاست وصدق: إن جميع الدساتير السورية منذ عهد الاستقلال لم يكن فيها مادة تنص على أن دين الدولة الإسلام…

نعم هذا صحيح!! ولكن من قال لنا إن عهد الكتلة الوطنية هو مثل عهد الخلفاء الراشدين!!

أوليس ذاك العهد بكل ما كان فيه، كان هو السحاب الأسود الذي أمطرنا بكل هذا الذل والدم والمعاناة..

أنا دائما أشرب الماء عندما يتحدث بعض الغُفل عن قادة العهد الوطني، بكل بلاهتهم، كأنهم صحابة أو أنبياء…!!

وألتفت إلى الرئيس أحمد الشرع وأقول له: أعانك الله يا ابن أخي فقد تحملت عبئا ثقيلا…

هل تعلم أن دماء كل الشهداء بدأ من مروان حديد وغفران أنيس، هل حدثك أحد عن الصبية الدمشقية غفران أنيس.. ليحدثْ من يعلم من لا يعلم حتى يعلم؛ لأن العجوز إذا فتح الديوان سيقولون هذى وكانوا يسمون الزيهامر الخرف.. وأنا والحمد لله ما زلت مُمَتَّعا.. وأدعو الله في كل صلواتي أن أظل مُمَتّعا أبدا ما حييت

كل الدماء كل الأحزان كل الآهات، كل رعشة خوف عشناها، وعاشتها أم وزوجة وأخت وبنت، وعاشتها صبية مد يدها إليها بسوء عربيد…كل ذلك اليوم أمانة في عنق أحمد الشرع، وأتذكر عمر رضي الله عن عمر يتحسس مسؤوليته عن دابة تعثر على شط الفرات، لم لم يعبد لها الطريق..

تذكر يوم نزلت عواهر رفعت الأسد إلى دمشق تخلع الحجاب عن رؤوس نساء هن في عمر جدتك ووالدتك - يا أحمد-.. رعشات الخوف والذعر والألم والشعور بالانكسار والذل.. واذلاه يا شام…

كل ذلك صار أمانة في عنقك، أنت تحملت عبئه راضيا مختارا، لم يحمله أحد عليك، وأكلمك من موقع الذي يدعو في جوف الليل لك ولا يدعو عليك..

لا ننتظر منك أجرا بل ننتظر منك عدلا…

قالوا وألحّ أعرابي في الاستئذان على عبد الملك، حتى أذن له، فلما دخل قال له عبد الملك وهو على سرير الملك مثلك تماما اليوم يا أحمد، قال له: بَرِما متضجرا: ماذا تريد!!

أجاب الأعرابي بصوت واضح غير متقطع، كصوت هذا المسن في مقامه هذا: نريد عدلا… وأعيد وأزيد نريد عدلا …والله الموعد.

والتفت الأعرابي الذي هو أنا في مقامي هذا فقال للمؤسس الثاني لدولة بني أمية، وأوصيك بثلاث…

وأنا سأعطيك واحدة من الثلاث يا أحمد، قال الأعرابي لعبد الملك بن مروان: ولا تغرنّك سهولة المرتقى إذا كان المنحدر وعرا…

وصية تحتاج إلى تدبر وتفكيك…

ويحدثونك عن الوطنية،

أنقل لمقامك كيف كانوا يحدثوننا عن الوطنية: حتى حفظونا فيما حفظونا

لو مثّلوا لي وطني وثنــــــــــــا

لهممت أعبد ذلك الوثنا

وهذا كلام من خيار القوم الذين.. قبل أن..

هل أستطيع أن أقول: لا حياء في الوطنية…

كان لنا شيخ جليل رحمه الله تعالى انتقد قول القائلين لا حياء في الدين ولا حياء في العلم… وقال كل الحياء في الدين!! نعم كل الحياء في الدين وفي العلم وفي الوطنية..

ولكن ساعة البحث عن الحقائق وأنا أتابع المشهد وبعضهم كمن يقبض على الريح…

فأخاف…

أخاطب أبناء الجيل نعم

في عهد الاستقلال الذي تأسس تحت الرعاية الفرنسية، وتحت سطوة جيش الشرق الذي تعلمون… ومن كان منكم لا يعلم عن حكاية جيش الشرق فليتعلم…

لم يكن مادة في الدستور تنص على أن دين الدولة الإسلام… ولذلك ثار الشعب السوري، لا نريد دولة دين القائمين عليها الأهواء!! الإسلام عاصم… كما المسيحية عاصم. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بالأخلاق الملية، ووحدة القيم العامة بين الإسلام والمسيحية واليهودية: لا تقتل لا تسرق لا تزنِ هاتوا موعظة الجبل لنرتقيه

وطوبى للحزانى فإنهم بي سيجدون العزاء..

أرجو من الأعزاء أن يتوقفوا عن استثارتي فأنا من بقايا زمان غير هذا الزمان

وفق الله سورية في أمورها وسدد على طريق الحق خطاها..

لا أنتظر من الناس جزاء ولا شكورا.. حتى حلمي بالعودة تنازلت عنه، وهنّأ الله سعيدا بسعيدة.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1118