البيان الثالث إلى الله : إنهم يعبدون أمريكا من دون الله حتى وهى تتحطم أمامهم كما فعل قوم ابراهيم بعد أن حطم آلهاتهم
لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين
قل إنما أدعو ربى ولا أشرك به أحدا
قل إنى لن يجيرنى من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا
“يارب أنت” تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك
يارب أنا أستجير بك على الملأ كما استجرت بك كثيرا سرا .. وأنت تعلم أننى أنا العبد الفقير لا أبلغك بشىء لا تعلمه .. ولست أنا الطفل العربى الذى هدد الظالمين فقال لهم : سأخبر الله بكل شىء ! رغم أننى تأثرت بكلمته .
أحاول أن أضع الذين يؤمنون بك أمام قرآنك مباشرة بدون حجب أو كهنوت أو حزب أو نظام أو طاغوت .
كان موعدنا اليوم لمواصلة الحديث عن العدو النووى وهل أصبح من الضرورى أن نسجد له من دونك ؟ وهل إذا لم نفعل نكون قد أصابنا العته والجنون ؟
ولكن تأتى الأحداث فى كل لحظة تفرض نفسها ولكن داخل نفس الموضوع . فأمس ارتكب زعيم الطاغوت الأكبر أكبر حماقة ووضع نفسه فى موضوع الجمارك فى مواجهة العالم بأسره حتى مع حلفائه وأصدقائه ويظن أنه يحسن صنعا لإنقاذ أمريكا . والواقع أن أزمة أمريكا أكبر منه ومن حلوله المزعومة . وهذه من سنن صعود وهبوط الأمم التى حدثتنا عنها فى القرآن الكريم ” وتلك الأيام نداولها بين الناس ” .
إن أصل الداء أنهم يعبدون أمريكا كاله من دون الله .. ومن يخرج عن عبادتها يكون قد صبأ أو فقد الأهلية بسبب غياب القدرة العقلية ، فلا يدرك القوة الشمولية الحاكمة الاقتصادية والعسكرية للإله الأمريكى .
هم يقولون لا : نحن لا نسجد لأمريكا وليس البيت الأبيض هو قبلتنا فى الصلاة نحن لا نزال نصلى فى اتجاه الكعبة . صحيح ان حكامنا يذهبون فى مواقيت معلومة مرة فى السنة للبيت الأبيض وتسمى ذلك بعض الصحف الماكرة أنه حج سنوى للبيت الأبيض كما كان يفعل مبارك ، وحين تمرد على هذه الشعائر دون التمرد على العبادة ، نال عقابه سريعا ، بتأييد أمريكى لثورة 25 يناير . كما أن الحج السنوى للبيت الأبيض لا يغنى عن العمرة مرة أخرى أو مرتين فى السنة كما يفعل بعض عباد أمريكا من حكامنا العرب . بل رأى بعض المعارضين فى بلاد العرب أن يدخلوا فى هذا الدين حتى يمكن أن يصلوا إلى الحكم ، فذهب بعضهم وهم صغار فى السن يتمسحون بأستار البيت الأبيض ، وبعض القادة الاسلاميين وغير الاسلاميين تمسحوا بأستار وزارة الخارجية الأمريكية والمخابرات الأمريكية ومعابد الكونجرس ومجلس العموم البريطانى لأن الاله الأعظم لم يسمح لهم بعد بدخول البيت الأبيض ” سدرة المنتهى ” حتى يتأكد من صلابة إيمانهم .
قالوا لى : هذا هراء نحن نقدر فاعلية القوة الأمريكية فحسب . قلت لهم : أو لو كان هذا بالمخالفة لنصوص القرآن القاطعة . قال لى أحدهم : أنت نصوصى . وكأن الايمان بالنص الالهى منقصة ومعرة .
وأقول لهم إن الاتباع فيما حرم الله هو العبادة كما ورد فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لعدى بن حاتم الطائى . قالوا : اضرب مثلا ، قلت : حين يفرض عليكم الأمريكى مقاطعة اخوانكم المسلمين وغير المسلمين من العرب تلتزمون كما فعلتم فى حصار العراق وليبيا والسودان وسوريا وإيران وأفغانستان وغزة أخيرا . بل وصل الأمر أثناء حصار ليبيا أن وافقتم على منع الليبيين من الحج بالطائرات . حتى خرقت ليبيا مرة واحدة هذا الأمر واضطرت مصر للسماح بعبور طائرة أو أكثر واضطرت السعودي للسماح بهبوط طائرتين أو ثلاث . ولكن لمرة واحدة .
وكلما برهنت الأيام على أن ” الاله ” الأمريكى ليس “إلها ” بحق وحقيقة . لا يزالوا يتمسكون بعبادته على سبيل التحوط ، وحتى يتأكدوا تماما من أن أمريكا قد تم تسويتها بالأرض كما حدث للاتحاد السوفيتى عام 1991 . الاحتياط واجب : العمر ليس بعزقة . لننتظر لنرى .
هزمت أمريكا فى كل حروبها. فى الحرب العالمية الثانية كان دور الاتحاد السوفيتى هو الحاسم فى هزيمة ألمانيا . أما بعد الحرب العالمية الثانية فقد هزمت أمريكا فى كوريا وفيتنام ولاوس وكمبوديا والعراق وأفغانستان والصومال وهى تهزم الآن أمام اليمن فى معركة السيطرة على البحر الأحمر وهو أهم ممر مائى فى العالم . فقالوا : لا المهم هو قوة أمريكا الاقتصادية وقوة الدولار الذى يمثل 90 % من التداول العالمى ولكنه الآن يتراوح بين 55 % و60 % . و لكن كلما خرج كاهن من كهنة معابد المال قال : لا لن يسقط الدولار أبدا . حتى خرج كبير الكهنة أمس وهو رئيس شركة بلاك روك أكبر شركة عالمية تتعامل فى أصول قيمتها 11 تريليون دولار وتوقع انهيار الدولار حتى قبل قرار ترامب المجنون بخصوص محاربة العالم بأسره فى مجال التجارة .
الصناعة هى عصب الاقتصاد الحقيقى : والآن فإن الصين تسهم ب 35 % من الصناعة العالمية بينما تسهم أمريكا ب 15 % أى الثلث .
أمريكا أصبحت أكبر مفلس فى العالم : مديونة ب 37 تريليون دولار بينما اقتصادها الاجمالى قيمته 26 تريليون دولار . وهذا سبب خطة ماسك فى طرد مئات الألوف من الموظفين بالحكومة الأمريكية وسبب تقليل كل بنود الانفاق العام وسبب مسألة الضرائب الجمركية . وقال ماسك صراحة : إذا لم نفعل ذلك ستفلس أمريكا . وهو يدرك أن طباعة الدولار ليست مسألة مفتوحة بدون عواقب خطيرة على الاقتصاد .
“ الاله ” يتهشم أمام أعيننا ولكن فى ظل هذا المناخ أعلنت دولة عربية عن اتصال هاتفى بين الملك وبين ترامب واعتبرت ذلك من علامات قوة المملكة ومتانتها وصلابة موقفها السياسى والعسكرى والاستراتيجى .
ألمح لى أحد عباد أمريكا : إن الأمر أبسط مما تتصور فامريكا هى ملاذنا الأخير لاقتراض المال عند الحاجة حتى وإن كان بالربا المحرم ، حتى وإن كان يعرض استقلالنا للخطر . ولم أرد عليه لأسأله : ما هو السبب الضرورى والوجودى للاقتراض . هل لا تستطيع أمة الميليارين أن تؤكل نفسها وتلبس نفسها ..الخ ولكننى تذكرت أنه يلمح إلى أن عبادة الله لم تجلب لنا أى مال ، فلم يجد المصلى بعد صلاته أى مبلغ من المال أمام مصليته ، إنها عبادة معنوية ، ولا تتعارض مع عبادة ذات منافع مادية ومالية ولا تعارض فيمكن التوفيق بين العبادتين . إنه ينسى أن الله يأمرنا بالعمل والانتاج بكد أيدينا :
هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور . الملك 15
إنهم ما يزالوا يعبدون ” الاله ” كما ظل قوم ابراهيم يعبدون الأصنام رغم أنه حطمها أمامهم . فهم يحاولون إعادة بنائها ويقذفون ابراهيم فى النار لتطاوله على الآلهه . فأنجاه الله من النار ، ولكنهم ظلوا يعبدون الآلهه التى أعادوا ترميمها وبناءها من جديد .
فى عام 2009 كنت فى حبس انفرادى فى عنبر كامل وكنت أتريض وحدى وأقرأ القرآن وكنت أقرأ فى سورة نوح و قد وصلت إلى :
“وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم “يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا
فانفجرت فى البكاء وتصادف أن الحارس كان قريبا فجاء إلى منزعجا : ماذا بك ؟ قلت له : لا أفهم لماذا يقول سيدنا نوح لله هذا الدعاء والله أعلم منه . وبدا لى أن الحارس لم يفهم شيئا . ولكن ليس وحده .
لذلك تعلمت أن أدعو الله وأن أخبره بكل شىء كهذا الطفل العربى ، على سبيل الإلحاح والترجى .. فرب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره . وأدركت بعد أيام من التفكر أن الله سبحانه وتعالى استجاب لدعاء نوح فكان الطوفان .
يتبع
وسوم: العدد 1124